قد تستطيع حيازة الكثير من الأموال، لكن ذلك لا يعني أن بإمكانك أن تخلد نفسك.. بل إن ما قد يحدث هو العكس، كأن تقرر دون قصد أن تعبر عن ضحالة تفكيرك وتهافتك على الظهور فتبني بوابة مقبرة وتضع لنفسك عليها صورةً بحجم نصف البوابة وتكتب جوارها "نبني المستقبل".. أي مستقبل ستبنيه من خلال بوابة مقبرة؟! لا أدري. عندما تهبط عليك الكثير من الأموال بشكل مفاجئ وأنت غير مهيأ لذلك نفسياً ولا ذهنياً، ما يحدث هو أن تطغى على المشهد بلاهتك التي تجذب كثيراً من المنتفعين، الذين يزينون لك بلاهتك ويوهمونك أن بإمكانهم أن يصنعوا لك مجداً، وفي أحسن الأحوال يوافقون على أفكارك الخرقاء ويتصنعون ابتسامة الرضا عندما تطرح أفكاراً سخيفة وتعتقد أنت أنها عبقرية. كنت بطلاً في لحظة معينة كانت حينها جيوبك خالية، لكن بطولتك ونجوميتك جاءت من كونك كنت تتحرك على سجيتك في الميدان الذي خبرته جيداً، لم يكن بينك وبين البطولة إلا أن "تحمش" وتقفز ببندقيتك وخلفك مجموعة من الشجعان لتطلقوا النار في مواجهة قطعان الهمج الذين يهاجمون المدينة ويهددون الحاضر والمستقبل. كيف لتلك اللحظة أن تعود مع ما تستحقه من الاحتفاء والمحبة الشعبية وقد صار بينك وبين ذلك الميدان سنين ضوئية؟ الحياة الملساء والأموال والإستثمارات والماركات والمطبلون لن يعيدوا لك ذلك المجد الذي منحتك إياه رائحة البارود وغبار الميدان! حتى بوابة المقبرة الأنيقة، وقد صلبت نفسك على واجهتها ليس بإمكانها أن تفعل ذلك يا حمود، لن تعيد لك لحظات المجد العابر ولن تبني المستقبل.