مقالات عمار قائد التام مات إبن رداع ، مات أحمد الشيبة ، و الحقيقة أنني لم أعرفه إلا هذا اليوم الذي هو يوم موته ، تفاجأت بكثرة الحديث عنه ، و تفاجأت أكثر عندما علمت أنه ابن رداع ، أسرعت إلى صفحته فوجدت الكثير من الإبداع و القليل من الكلام ، وجدت شخص يقدم الموسيقى ببساطة لكن كل لحن قدمه تشعر به يشدك و يختزلك بين أوتار عوده ، قدم الألحان القديمة بشكل يسلب الألباب .. مات إبن رداع ، و معظم أهل رداع لا يعرفونه أو سمعوا به أو بإبداعاته ، و هذا حال رداع ، كما يسميها البعض ( مقبرة المواهب ) ، يبدع المبدع فيها فلا يجد الدعم و السند ، و قد لا يسلم من ألسنة التثبيط و الجرع السلبية ، تقيد المبدع قيود المجتمع بشكلٍ يجعل من الإبداع عيب ، فيذوي و يذوب كشمعة في كوةٍ منعزلة ، أحياناً تطفئها الريح ، و أحياناً تضيء لوحدها حتى تنطفئ بعد ذوبانها .. مات إبن رداع ، و لا أحد يعلم عنه شيء في مدينته ، مدينته التي لم يكن فيها مكتبة عامه ، بل إن الناس لا يعرفون عنها سوى الثارات و القتل ، يظن الكثير أن رداع عبارة عن مدينة ، و لا يعلم الكثير أن رداع عبارة عن سبع من المديريات ، و يستغرب الكثير إذا وجدوا مبدعاً منها ، و هاهو شاب رداعي يغادرنا في عز شبابه ، لن يتكلم أحد عن رداعيته حتى لا يخدشون صورة ( مدينة السلاح و الثأر ) التي تم رسمها عمداً لرداع .. مات إبن رداع ، و مثله الكثير و الكثير من المبدعين الذين ينتمون إلى رداع يموتون كل يوم إهمالاً و إقصاء ، ولكن أحمد أرسل رسالة لكل مبدع رداعي و غير رداعي مفادها أنه لن يستطيع أحد إقصاءك مالم تسمح له بذلك ، فضاء الإبداع واسع لا تحجره مدينة ، فالمبدع كالطائر ، يكسر قيده و يرفرف بأجنحته و يطير بلا زاد غير لغته و حب موطنه لكنه لا يربط مصيره به .. الرحمة و الخلود لأحمد الشيبة ، المبدع الذي أبهرنا بعد موته ، و لتقبل اعتذرنا مؤخراً يا أحمد .. * أحمد الشيبة 1. 2. 3. 4. 5.
