مقالات د. بشير المساري قال لي:- إذا كان البخاري ومسلم قد تضمنا أحاديث تحرف الإسلام عن مسارة وتعطي القداسة لعشيرة النبي فهذا يعني إما وقد تعرضا للدس (وأحاديث أخرى يصححها أهل الحديث) أو أن المحدثين أنفسهم كانوا شيعة؟ قلت: أولا- يجب أن ندرك أن حفظ السنة الصحيحة داخلة في قول المولى (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) نص على الذكر ولم يقل القرآن لأن السنة (الحكمة) شارحة لما أجمله القرآن وضياعها تعني ضياع الدين. ثانيا- ما هي الأحاديث التي تنكرها؟ - كثيرة. - هات أولها. - الحديث الذي يسمونه الكساء هل يعقل أن تنزل آيات في نساء النبي ثم يصبح أهل بيته هم الذين أدخلهم النبي في الكساء؟ وجاءت أم سلمه زوجه ولم يدخلها ولم يدخل بقية بناته تتاقض غريب مع القرآن ومع أهداف الإسلام..كيف تفسر ذلك؟ - نعم شيء غريب إذا فهمنا هذا الفهم والواقع أن أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بالأصالة هم نساؤه وبناته لغة وعرفا وشرعا وإنما دخل أهل الكساء بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلحاقا وإلا لم يكن ثم حاجة لأن يدعو لهم .. (فهو كدعاء النبي ربه أن يلحق المدينة بمكة في الفضل)، ولذلك قال لأم سلمة حين طلبت الدخول في الكساء في رواية (أنت مكانك على خير) وفي رواية(أنت من أهل بيتي) وفي رواية أنها دخلت بعد ذلك.. وأما بناته فإن كانت آيات النساء قد نزلت في السنة العاشرة كما قيل فإن بنات النبي من غير فاطمة يكن قد توفاهن الله وإن نزلت في السنة التاسعة فهي السنة التي توفيت فيها آخر بنات النبي الثلاث من غير فاطمة وهي أم كلثوم زوج عثمان رضي عن الجميع فمن يقطع بوجودها حية؟ ثم إنهن داخلات لقول الله تعالى لنبيه لوط عليه السلام (فأسر بأهلك بقطع من الليل) ومعلوم أن الله استثنى امرأته من الخروج معه فالمراد بأهله بنتان له..وبالتالي لا حاجة لدخولهن كما لا حاجة لدخول أم سلمة وبقية نساء النبي. ثم إن النبي أدخل مواليه في أهل البيت وفي آل محمد وهم (واثلة بن الاسقع) و(أبو رافع القبطي) كما دخل (سلمان الفارسي) فلو كانت عنصرية ما دخل خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم من مصر أسلم وآخر من فارس. - فما تقول في الحديث الذي يسمونه الولاية؟. - الحديث المتفق عليه هو ما ورد في صحيح مسلم والبقية فيها مناكير كثيرة وقد ردها أصحاب الجرح والتعديل وغاية ما هنالك أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكّر المسلمين بأهل بيته لأن ممن يدعون الإسلام من سيطعنون في عرض أهله وكان الشيعة ولايزالون يلعنون نساء النبي على المنابر وهن اللائي نزل فيهن قرآن يتلى (لستن كأحد من النساء ) (وأزواجه أمهاتهم) وطلب الله رضاهن (ذلك أدنى أن تقر أعينهن ولا يحزن ويرضين بما آتيتهن كلهن) وختمها بقوله (كلهن) تأكيدا على شمول جميع نساء النبي بالفضل. كذلك التذكير بمن دخل في أهل بيته بالكساء حيث نالهم الأذى من بعض بني امية والشيعة الذين استخدمهم عبيد الله بن زياد لقتل الحسين وكانت مصيبة وقعت في تاريخ المسلمين لا يجب الاستهان بها ولايصح في نفس الوقت جعلها مدخلا للطعن في الاسلام وتاريخ المسلمين. - لكن هؤلاء من ينتسبون إلى علي اليوم يقولون إنهم من أهل البيت. - هذا بعيد فأهل البيت هم الساكنون فيه فما بال ذرية من دخل بدعاء النبي ثم إن إحاطتهم بالكساء يجعل هذا الدعاء خاصا بهم لا يتعداهم إلى غيرهم..وأما تفسير زيد بن أرقم أنهم من حرمة عليهم الزكاة فيرد عليه قول ابن عباس أن المراد بأهل بيته هم نساؤه..مع العلم أن أهل بيت النبي غير آل محمد فهؤلاء يدخل فيه أتباعه وعشيرته إضافة إلى نسائه ومواليه. - طيب لماذا النبي يختص اقرباءه بهذا الدعاء. - سبحان الله .. الفهم السقيم أم المصائب لو قرأت سيرة الصحابة ستجد أن كل حواري من حواري النبي له فضائل حتى لتقول أنه لا أفضل منه.. لماذا لا تقول لماذاختص أبا بكر مثلا بفضل الصحبة في الهجرة ولماذا اختصه بالصلاة بالناس أثناء مرضه ولماذا أمّره على الحج ولماذا قال فيه كذا وكذا وكذا وقل على ذلك البقية .. فلا ننظر إلى المسألة من ثقب عنصري ضيق .. أين ذهبت عقولكم؟؟؟!! - نريد توضيحك أكثر حول مسألة لفظ فهذا علي مولاه وهل فيها إشارة بحكم عشيرته؟. - هذه اللفظة ليست في حديث صحيح مسلم وثانيا: لها سببها المتعلق باختلاف علي مع وفد اليمن المعروفة ثالثا: تتناقض مع الواقع واللغة والدين، فلو كان معناها حاكم عليكم فكيف يستقيم أن يقول النبي من كنت حاكما عليه فهذا علي حاكم عليه في نفس الوقت، ثم كان الأولى إذا كان تنصيبا سياسيا أن يوصي عليا بالمسلمين لأنه سيتولى مقاليد حكمهم لا أن يوصي المسلمين بعلي كما يتناقض مع آيات الشورى التي هي أوضح نظام للحكم في الإسلام.. وفوق كل هذا وذلك لم يحتج أحد لا علي ولا غيره بحقه في الولاية بهذا الحديث من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى في حربه مع معاوية فهذه دعاوى أول ضحاياها هو علي وذريته من بعده الذين يساء إليهم بدعوى مظلوميتهم ولم تكن الدنيا مظلومية لمن طلقوها ثلاثا. - وماذا عن حديث الراية في خيبر.."لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله" وأعطاها علي ابن عمه وعندهم روايات يتناقلونها أن أبا بكر وعمر قد كلفهم رسول الله قبله وفشلا في تحقيق النصر .. ويقولون هذا دليل أن عليا أفضل منهما وأحق بالخلافة ؟ - أولا إثبات النبي لحب علي لله ورسوله لاينفي حب غيرهما لله فهو كمن تقول لأي إنسان أنت رجل مؤمن تحب الله ورسوله وكما قال النبي :" الإيمان يمان والحكمة يمانية " فإثبات إيمان أهل اليمن لاينفي إيمان غيرهم ثانيا- كان علي أقدر من غيره في خيبر من غيره وكان أبو بكر أقدر من عمر وعلي في حرب الردة وكان عمر أقدر من علي في فتح الفتوح .. ولو كان النصر معقودا بعلي لما انتصر عليه معاوية وبالتالي لابد من قراءة التاريخ بشمولية لا باجتزاء وانتقاء. - بقي حديث ينسب إلى النبي وهو قوله للحسن عندما أراد أن يأكل من الزكاة "كخ كخ وأخرجها من فمه وقوله:" إنما هي أوساخ الناس" ففي هذا اللفظ استنقاص لغير بني هاشم كيف يعقل أن يصدر كلام كهذا من النبي؟ - أخي التفسير المتعسف هو الذي يخرج النص عن حياديته أراد النبي أن من يأكل ما لايحل له بمثابة أكل أوساخ وسموم والله جعلها تطهيرا من الآثام (خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها) وهي تطهير من الذنوب فمن أداها طهر بها نفسه .. ومن أكلها بغير حق لوث بها نفسه بما كان عليه الناس من الآثام. وهل تسمية المولى تعالى لحم من يغتابه الناس ميتا أنه قد شتم الذي وقعت عليه الغيبة والنميمة أم أنه وصفهم بأكل الميتة. فمن أكل من الصدقة وهي عليه حلال فليست أوساخا بل حلالا طيبا مباركا كمن أكل من مال اليتيم حلالا هو عليه طيب ومن أكله حراما هو عليه كمن يأكل في بطنه نارا فليس مال اليتيم نار ولاهو شتيمة له بل للذي أخذه بغير حقه .. فاتقوا الله ولا تتسرعوا في التهجم على دينكم وسنة نبيكم بسبب الجهل والتعصب والنظر الضيق. - ولماذاحرمت الزكاة على بني هاشم خاصة؟ - حرمت على أقرباء النبي صلى الله عليه وسلم وعلى نسائه ومواليه إبعادا للرسالة من تهمة الاستئثار بالمصالح الدنيوية ومنها المال وهذا دأب جميع الأنبياء (يا قومي لا أسألكم عليه أجرأ) (قل لا أسالكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) أي لا اسالكم مقابل دعوتي إلا مصلحة لكم من أن تتساقطوا في النار لقربكم مني كما قال الله(قل ما سألتكم من أجر فهو لكم) أي لمصلحتكم..وقد انتهت العلة بانتهاء النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم. - فما تقول في حديث فاطمة سيدة نساء أهل الجنة أليس يتعارض مع الآية التي فضلت مريم بنت عمران؟..وحديث الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .. يعني ما يكفي يكونوا سادة علينا في الدنيا يكونوا سادة في الآخرة. - لمن يقرأ الأحاديث بحيادية وروية لن يجد تعارضا سيجد أن هناك أحاديث مخصصة" أما ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة أو سيدة نساء المؤمنين" وروايات تقول: إلا ما كان من أمر مريم بنت عمران " وأخرى تقول: إلا مريم بنت عمران. بمعنى أن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا أن مريم بنت عمران تبقى الأولى..ثم إن فضل مريم بنت عمران كان بالطاعة وفضل فاطمة كان بالطاعة .. ثالثا تفسير آخر يقول مريم سيدة نساء زمانها وفاطمة سيدة نساء زمانها وإلا فإن بني إسرائيل أفضل من أمة محمد أيضا بالقرآن وسيتناقض مع قول الله :(كنتم خير أمة أخرجت للناس) فيقال إن الله فضل بني إسرائيل على أهل زمانهم وإلا لما لعنهم بعد ذلك وغضب عليهم وجعل منهم القردة والخنازير. وأما حديث الحسنين (فليس في الصحيحين) وإن صح الحديث فليس المراد بالسيادة أي الحكم والرئاسة فالجنة لا تابع فيها ولا متبوع. وأخيرا كأنما لن يكون الإسلام عادلا إلا أن يغمط فضل أقرباء النبي لأنه سيكون في فضلهم شبهة استئثار .. يا هؤلاء النبي صلى الله عليه وسلم منع ابنته أحب الناس إليه من جارية تخدمها وقد تقرحت يداها من الرحى وكان علي من أفقر الناس ولم يختصه النبي بأي مزية دنيوية كما كان من أزهد الناس وأعفهم وقد صار خليفة..فمن أخرجته ردة فعله على من يوظفون الأحاديث توظيفا مصلحيا فصار مثلهم في إنكار السنة والطعن في الصحابة فهو من الظلم فر ليقع نفسه في الظلم ومن التعصب فر إلى التعصب. نعم هناك غثيائيات روائية ضعيفة ومنتحلة وساقطة عند المخرجين فارجعوا إلى من أنفقوا كل أعمارهم في تصحيحها وتنقيحها ولا تعملوا الهوى كالروافض فتقعوا فيما وقعوا فيه. * آل البيت * السنة * الشيعة * الولاية 1. 2. 3. 4. 5.
