تعرض وزارة الدفاع الإيرانية لأضرار طفيفة عقب اعتداء بمسيرات صهيونية    اسبانيا تخطف فوزاً من رومانيا في يورو تحت 21 عاماً    اليغري كان ينتظر اتصال من انتر قبل التوقيع مع ميلان    نتنياهو: الهجمات على إيران ليست شيئا مقارنة بما هو آت    ابن سلمان: الاعتداءات الإسرائيلية على إيران عطّلت الحوار وعرقلت جهود التهدئة    اعلام اسرائيلي يتحدث عن عملية اغتيال في صنعاء    النفط الإيرانية تعلن استهداف العدو لمستودع وقود غرب طهران    صنعاء.. التربية والتعليم تحدد موعد العام الدراسي الجديد    حضرموت.. خفر السواحل ينقذ 7 أشخاص من الغرق ويواصل البحث عن شاب مفقود    بعد أيام من حادثة مماثلة.. وفاة 4 أشخاص إثر سقوطهم داخل بئر في إب    - من هم لاعبي نادي وحدة صنعاء الذين سينضمون لمنتخب الشباب اليمني؟    إيران تطلق دفعة صاروخية جديدة باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة - شاهد    انهيار جديد للعملة في عدن مقابل الدولار والريال السعودي    عدن .. عفراء توضح تفاصيل اعتقالها وتنفي الرواية الأمنية    وكيل وزارة التربيه والتعليم يتفقد المشاريع والتجهيزات العودة الى المدارس    اعتقال ناشطات في عدن خلال تظاهرة نسوية تطالب بتحسين الأوضاع    استشهاد 23 فلسطينياً في قصف الاحتلال الاسرائيلي مناطق متفرقة من غزة    ارتفاع الجنيه الاسترليني أمام الدولار واليورو    تريم تحتفي بزفاف 134 عريسًا وعروساً ضمن مهرجان التيسير السابع عشر    عدن .. اعتقال ناشطة حقوقية وحواجز امنية في المعلا تربط دخول النساء بإبراز البطاقة الشخصية    ريال مدريد يحصّن أسينسيو بعقد ذهبي    ضبط متهم بارتكاب جريمة قتل وسرقة وانتحال صفة رجل أمن    فعالية احتفالية بذكرى يوم الولاية في حوث بمحافظة عمران    محافظة صعدة تُحيي ذكرى يوم الولاية في 21 ساحة    حملات التشويه لا تُسقط الجبال.. بل تكشف صلابتها    التربية تحدد موعد بدء العام الدراسي الجديد    اغلاق موسم اصطياد الحبار في منطقة البحر الأحمر    اللاعبين المحليين في منتخب اليمن يعودون إلى عدن    مقتل شابين برصاص والدهما في إب في ظل تفشي جرائم العنف الأسري    عن رئيس هيئة المصائد بالحديدة    استشهاد مواطن برصاص قناصة مليشيا الحوثي الإرهابية في شبوة    روسيا تدخل قائمة أكبر خمسة اقتصادات الأقل اعتمادا على الواردات    السعودية وقطر تستضيفان المرحلة الرابعة لتصفيات مونديال 2026    صنعاء تحيي يوم الولاية بمسيرات كبرى    الخدمة المدنية: غداً الأحد استئناف الدوام الرسمي عقب إجازة العيد    يوفنتوس يعلن تجديد عقد مدربه الكرواتي إيغور تودور    مساحة مديريات الصحراء الحضرمية    ريال مدريد يضم ماستانتونو في أضخم صفقة انتقال في تاريخ كرة القدم الأرجنتينية    سياسي جنوبي: انها معركة كل الوطنيين الجنوبيين الأحرار    اتهامات للعليمي بشراء الولاءات الإعلامية بالتزامن مع تأخر صرف رواتب الموظفين    - عضو مجلس الشورى جحاف يشكو من مناداته بالزبادي بدلا عن اسمه في قاعة الاعراس بصنعاء    سرقة مرحاض الحمام المصنوع من الذهب كلفته 6ملايين دولار    - هكذا سيكون حالة النفط بعد المواجهات الإيرانية الإسرائيلية و إغلاق باب المندب اليمني    - اليك السلاح الفتاك لتقي نفسك وتنتصر على البعوض(( النامس))اليمني المنتشر حاليآ    اغتيال الشخصية!    الأستاذ جسار مكاوي المحامي ينظم إلى مركز تراث عدن    الحديدة تستقبل 120 ألف زائر خلال عيد الاضحى .. رغم الحر    مسؤولة أممية: أكثر من 17 مليون يمني يعانون من الجوع الحاد    قهوة نواة التمر.. فوائد طبية وغذائية غير محدودة    حينما تتثاءب الجغرافيا .. وتضحك القنابل بصوت منخفض!    الترجمة في زمن العولمة: جسر بين الثقافات أم أداة للهيمنة اللغوية؟    القيرعي الباحث عن المساواة والعدالة    اليابان.. اكتشاف أحفورة بتيروصور عملاق يقدر عمرها ب90 مليون عام    متحفا «الوطني والموروث الشعبي» يشهدان اقبالا كبيرا خلال العيد    اليمن تؤكد التزامها بحماية المحيطات وتدعو لتعاون دولي لمواجهة التحديات البيئية    تصاعد مخيف لحالات الوفاة بحمى الضنك في عدن ومحافظات الجنوب    محافظة ذمار تبحث خطوات وقائية لانتشار مرض الاسهالات المائية    فشل المطاوعة في وزارة الأوقاف.. حجاج يتعهدون باللجوء للمحكمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعيداً عن صداع السياسة.. حكايات وغرائب سائقي الأجرة
نشر في المشهد اليمني يوم 09 - 01 - 2025


* الرئيسية
* مقالات
الثلاثاء 3 يونيو 2025 02:19 م 7 ذو الحجة 1446 ه
المطارات وسائقو سيارات الأجرة هما أول من يستقبلانك، وآخر من يودعانك في أي بلدٍ حول العالم، هما من يعطيانك الانطباع الأول والأخير عن كل مكان، ويعكسان لديك صورة الحياة، وثقافة الإنسان، والسياسة، والقيم، والأخلاق فيه، إيجابًا أو سلبًا. ولذلك تعمد الحكومات الذكية والمسؤولة إلى تدريب وتأهيل موظفي المطارات، وإخضاع سائقي الأجرة لاختباراتٍ قاسيةٍ قبل منحهم رخص القيادة، وذلك في إطار ما يُعرف ب"صناعة السياحة"، وضمن القانون الذي يوفر للزائر الأمان والمتعة، وللبلد المضيف الأمن والمصلحة.
لكن سائق الأجرة يظل بالأخص هو أكثر من تحتاج للتعامل معه كل يومٍ خلال زيارتك وإقامتك، وعند حاجتك للانتقال من مكانٍ إلى آخر. وهنا تكتشف ما قد لا تكون تتوقعه، وتعلمه أو لا تعرفه.
في مصر، مثلًا، كان يسترعي انتباهي في الماضي تعاون السائقين مع بعضهم في الاستدلال على هذا العنوان أو ذاك، خصوصًا قبل أن تحل التطبيقات الإلكترونية في تحديد المواقع المقصودة، مثل "جوجل" و"أوبر" وغيرهما.
لكن الأحاديث مع السائقين خلال الذهاب أو الإياب لا تخلو من طرائف وقصصٍ تستحق التأمل والاستمتاع وكسر الملل، فلكل واحدٍ منهم حكاية تستحق أن تُروى.
في واحدةٍ من تجاربي الأخيرة، قطع اتصالٌ هاتفيٌ حديثي مع السائق المتقاعد من وظيفة حكومية، ووجدته يهلل ويكبر ويسبح بحمد الله وشكره، بل وتنهمر الدموع من مقلتيه وتبلل شعر وجهه.
وعلى الفور سألني: "انت اسمك إيه؟ ومن أي بلد؟" فأجبته: "اسمي أنور". فقال لي: "انت وجه السعد عليَّ اليوم، فهذه أول مرة أسوق فيها سيارة أجرة بعد تقاعدي، وأنت أول زبون استوقفني لتوصيله، والآن جاءني خبر بارتزاقي حفيدًا بعد سبعة عشر عامًا من الانتظار والدعاء".
ثم اتصل بنجله، وطلب منه أن يُطلق على مولوده اسم "أنور"، وأضاف: "اسم حفيدي الآن أنور محمد نجيب".
أسعدتني هذه الواقعة، وتركت في نفسي أثرًا إنسانيًا لا يُنسى. وقررت أن أطلب من الرجل التوقف بي لينطلق هو لرؤية حفيده المُنتظر، وعزمت أن أعطيه معظم ما في محفظتي من نقود، لكنه رفض، وقال: "المفروض أنا من يعطيك فلوس، لو في جيبي فلوس". وكان أن انطلق، ودموع الفرح تغمر خديه، وهو يضحك باكيًا في حالةٍ تشبه الهستيريا.
وفي القاهرة أيضًا، أدهشني سائق أجرة مسن عندما أخبرني أنه استطاع من خلال عمله شراء شقة، وتزويج نفسه، وتربية ثلاثة من أبنائه واثنتين من بناته، وتعليمهم جميعًا حتى تخرجهم من الجامعات، ومن ثم تزويجهم، وكل ذلك فقط من خلال اعتماده على دخل سيارته الأجرة طوال خمسين عامًا من اشتغاله بهذه المهنة.
تذكرت في حكايةٍ أخرى، كيف سرق سائق أجرة إثيوبي في أديس أبابا مبلغًا بالعملة المحلية (البِرّْ) يساوي ألف دولار أمريكي، عندما لمحه في الجيب الأيسر لبنطالي، وقام بخداعي، وبسحب نقودي دون أن أشعر، وهو يلفت انتباهي إلى المباني الحديثة في شارع (بولي) المؤدي إلى مطار المدينة.
لكن السائقين الإثيوبيين ليسوا دائمًا على نفس الشاكلة، ففي أبوظبي أوصلني سائقٌ إثيوبيٌ آخر إلى المطار للمغادرة، ونسيت هاتفي المحمول في سيارته عندما كنت أقوم بدفع أجرته، وعندما اكتشفت الأمر، تحدثت مع أمن المطار، وتم الاتصال بالشركة التي استأجرت منها التاكسي، وبالفعل عاد السائق إلى المطار، وسلمني هاتفي، وهو سعيدٌ بذلك، رافضًا مكافأتي له، ومؤكدًا أنه هو من يتحمل المسؤولية لأنه لم يطلب مني عند مغادرة سيارته التأكد من أخذ كل أغراضي.
أما في ليلةٍ ماطرةٍ بغزارةٍ في ضواحي باريس، فقد توقف بي سائق أجرة (عنصري)، وأجبرني على النزول في قارعة الطريق لمجرد أن سمعني أتحدث بواسطة هاتفي الجوال باللغة العربية مع أحد أصدقائي. فأدركت أن للأمر دوافع من الكراهية والعنصرية، وفضّلت مغادرة السيارة، واللجوء إلى باب عمارة قريبة لاتقاء المزيد من المطر. وفجأة يخرج رجلٌ مسنٌ وزوجته، يبدو أنهما شاهدا من شرفة منزلهما ما حدث لي، وطلبا مني الصعود إلى شقتهما لتجفيف ملابسي المبتلة، وقضاء الليلة في غرفةٍ متاحةٍ لديهما، لكنني اعتذرت، فقررا توصيلي بسيارتهما إلى فندقي، وفي الطريق شرحت لهما ما حدث، فقالا لي باعتذار: "هذه ليست ثقافة فرنسا".
في بلدانٍ أخرى كثيرةٍ زرتها وأحببتها، كان أكثر ما يزعجني فيها أسئلة السائقين عن رأيي في السياسة أو الرياضة، وهما مجالان محل شقاقٍ واختلاف، وقد يكون الخوض فيهما سببًا في متاعب لا تُحمد عقباها.
وفي الخرطوم، التي كنت أقيم وأعمل فيها مراسلًا لإحدى القنوات العربية قبل نحو 25 عامًا، استوقفت سيارة أجرة ذات صباح، ولفت انتباهي وجود أعداد من الصحف المحلية إلى جواره، وقيامه بأخذها إلى المقعد الخلفي. وعندما جلست إلى جواره وتبادلنا أطراف الحديث، سألته كم وكيف ينفق من المال لأجل شراء الصحف خصمًا من دخله الزهيد، ففوجئت به يعرفني، ويقول لي إنه في الأساس "أستاذ جامعي"، ولكنه يعمل في أوقات فراغه سائق أجرة لتحسين دخله والصرف على معيشته وأسرته. ثم نشأت بيننا صداقة وتواصلٌ لم ينقطعا لسنوات، حتى بعد مغادرتي السودان.
الحكايات كثيرة عن طرائف السائقين، لكن أغربها كان عندما استقليت سيارة أجرة في صنعاء، وكان سائقها يمضغ القات في عز الظهيرة، يسمع أغانٍ بصوتٍ عالٍ من مسجل سيارته، ويتحدث بهاتفه المتنقل، ولا يكف عن شتم هذا وذاك من المشاة أو سائقي السيارات الآخرين، ويكرر سؤاله لي: "ما قلت لي الأخ من أين؟ شكلك مش غريب".
ومع هذا، فهناك سائقون يمنيون عرفتهم في داخل البلاد أو خارجها، لطفاء في حديثهم، أمناء يعيدون إلى الناس أشياءهم عند نسيانهم لها، ومن ذلك مقتنيات نقدية أو عينية، ويرفضون أخذ أي مكافأة مقابل ذلك.
لله في خلقه شؤون!
*بلقيس نت
1. 2. 3. 4. 5.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.