تؤكد الروائية اليمنية شذى الخطيب أن الأحداث الأخيرة في اليمن أبقت الوضع الثقافي راكدا,رغم أن وزارة الثقافة تقدم مسابقات للقصة القصيرة والجامعات للشعراء والكتاب لإبراز مواهبهم, لكن تبقى الموهبة محصورة داخل الوطن, بسبب عدم التسليط الإعلامي. وتقول: الإنسان حر يقول ما يريده لكن عليه أن يضع سقفاً لهذه الحرية, وبالنسبة لي سقفي الذي وضعته هو عدم المساس بالذات الإلهية وعدم تعرضي لتفصيل الجسد الإنساني, أي ابتعد عن الوصف الجنسي الخادش للحياء الذي يصف الجسد ويغفل المشاعر. التفاصيل في الحوار التالي: * ماذا عن الحالة الأدبية والوضع الثقافي اليمني؟ أمام الأحداث الأخيرة يبقى الوضع راكدا, لكن وزارة الثقافة دوما تقدم مسابقات للقصة القصيرة والجامعات للشعراء والكتاب لإبراز مواهبهم لكن تبقى الموهبة محصورة داخل الوطن, والسبب عدم التسليط الاعلامي عليها, ولذلك على الكاتب أن يعتمد على نفسه في الوصول للناس عبر علاقاته المتعددة بوسائل إعلامية في جميع الدول العربية. * وماذا عن أعمالك الروائية المختلفة ” الزنبقة السوداء” ” أوراق رابعة” وروايتك ” ابنه الريح”؟ لم تكن الزنبقة السوداء أول أعمالي التي كتبتها لكنها الأفضل في ذلك الوقت الذي نشرت فيه وهو العام 2012, وقد تحدثت فيها عن تجربتي الجامعية في الأردن لكن بأحداث وشخصيات خيالية لم أكن أنا من ضمن أحداثها كإحدى شخصياتها. * روايتك “أوراق رابعة” كانت تحكي عن الواقع اليمني, أما روايتك ” ابنة الريح ” فتحكي عن المهاجرين العرب وحياتهم وعقيدتهم وانتمائهم لوطنهم, ما سر هذا التحول؟ ليس تحولا, بل تنوع, وهذا هدفي في كل ما اكتبة الا أقف عند حضارة وثقافة معينة, فرواية الزنبقة السوداء” تدور أحداثها في الأردن, وهناك روايات لم تنشر بعد وضعت لها أحداثاً في مصر ولبنان والعراق وبريطانيا. قد أفكر بنشرها مستقبلا, وأنا أسعى لإرضاء جميع القراء من مختلف الجنسيات وملامسة كل مشكلاتهم والاماكن التي يحبون التواجد بها وصنع خيال جديد لهم. * كيف استطعت الجمع ما بين الأدب والعمل في مجال الإرشاد الطفولي والمراهقة, وهل هذا العمل أفادك أدبيا؟ تخصصي لا يشمل فقط مجال الطفولة والمراهقة بل كل الفئات, مع وجود اساليب إرشادية متنوعة, وقد عملت لفترة طويلة مع فئة الطفولة والقليل مع المراهقين. واستفدت من ذلك لما وجدت عليه أن الأطفال يعبرون بتلقائية عن النفس الإنسانية دون خوف, ومنهم استطعت فهم التكوين الإنساني. القصة القصيرة * ما رأيك بالقصة القصيرة جداً التي بدأت تشهد رواجا عربيا؟ جميلة, وأنا أكتبها بشكل يومي في صفحتي, لكن احتفظ بها لكي أضيفها لاحقا لإحدى رواياتي, وهذا ما حصل مع رواية بيت البنفسج” التي اعيد مراجعتها قبل نشرها.. فالقصة القصيرة تحكي موقفاً إنسانيا جميلاً واحب أن أضمن رواياتي مجموعة من هذه القصص القصيرة. * هل تركزين أنظارك على الراوية فقط, أم على أجناس أدبية أخرى؟ على الرواية فقط, فأنا أحب السرد الطويل بالإضافة إلى نصوص نثرية معبرة أكتبها بشكل منفصل تعبر عن حالة انسانية سواء كانت متعلقة بي أو بغيري, وقد نشرت عدداً منها على مواقع على النت منها: يخذلني كل شيء إلا أنت. وخذ عني مظلتي. وقد أضفتهما مع عدد من النصوص في روايتي” بيت البنفسج” كمحرك لتصاعد الأحداث ووقفة جميلة للقارئ التي اتعبه السرد الطويل. * هل تعتبرين التعبير عن الرأي في الكتابة حقا مطلقا أم مقيدا؟ هو حق لمن يمتلك الموهبة الحقيقية, وهذا يعرف مع الوقت و بلاستمرار. البعض ينشر مقاطع شعرية أو قصة قصيرة ونجد من يصفق له وهو لا موهبة لديه ومع الوقت يمل منه الجميع. وهو لا يجد أفكاراً جديدة ولا يطور نفسه. أساس الموهبة الاستمرار وصقل التجربة والمحافظة على آراء الأخريين. وتقبل النقد الإيجابي للتطور البناء والتحسن في الأسلوب والأداء واللغة. البعض يقول إن مزاج القارئ العربي أصبح سياسيا أكثر منه أدبيا بسبب الثورات العربية, هل سيستمر هذا طويلا, وهل أثر ذلك على الأدب والكتاب الأدبي؟ قد يكون المزاج أصبح سياسيا في الفترة الأولى من الثورات العربية ولكن القارئ العربي مل منها وأصبح يجد متنفسا عبر الأدب البعيد عن السياسة كثيرون قالوا لي إن كتاباتي نافذة جميلة يستنشقون منها الهواء العذب الذي يساعدهم على التجدد و النشاط الفكري, والخروج من دائرة الهم التي اوقعتهم بها السياسة الحالية. هم بشر في النهاية, والسياسة تأخذ ولا تعطي. ويسعون للموازنة بين أهدافهم السياسية ورغباتهم العاطفية. لذلك يسعون لقراءة ما هو جميل لتستريح نفوسهم. * هل نعيش عصر الرواية؟ نعم, الكثير كما لاحظت يسعى إلى نشر الرواية, ولكن يبقى الشعر هو سيد الموقف ونحن أمة الشعر, هو أساس لغتها, والرواية فن أدبي حديث لم يعرف الا منذ مئة عام فقط. * ما رأيك في أدب ما بعد الثورات العربية؟ سيكون امتداداً, فمثلا الثورة السورية ستكون طاغية على أحداث أي رواية جديدة, فالكاتب لا يستطيع تجنب حجم الدمار الإنساني والمادي الذي حصل وكانه يعيش في عالم وردي بعيدا عن المآسي الانسانية. أنا بحكم إقامتي في السعودية بعيدة عن الاحتكاك المباشر مع هذه الثورات, لكني اتابع كأي عربي يهمه شجون وطنه العربي. أسماء * بمن تأثرت؟ بعدد من الكتاب, أهمهم نجيب محفوظ سيد الرواية العربية وأحب مكانة الماغوط ومحمود درويش والطاهر بن جلون الذي شعرت أنني على يديه قد صقلت تجربتي, وغادة السمان بتجربتها الفريدة, وأمين معلوف بتنوع قصصه الثقافية والتاريخية. وكتاب من الأدب العالمي كالروسي والانكليزي والفرنسي الذي استفدت منه فكريا وحضاريا بتنوع افكاري. * ما رأيك في الجوائز التي تعطى للكاتب؟ مهمة جدا في انتشار اسمه وشهرته وإيصاله إلى العالمية, يهمني يوما ان أحصل عليها لأنها تضيف للكاتب, وهي شهادة حقيقية له. ولكنها ليست مقياساً لجودة الفكرة و الحبكة الدرامية. فهناك بعض الكتب التي اخذت جوائز لم تلامسني. وهناك من استطاعت ان تلامسني بقوة كرواية عزازيل ليوسف زيدان. واتمنى قراءة رواية “فرانكشتاين في بغداد” لأحمد السعداوي لكي أتعرف على مدى احقيتها للجائزة. النقد * النقد في اليمن هل يرسم للمبدع الوجهة الصحيحة أم يشتت العمل الإبداعي؟ صراحة لم أجد في اليمن من استطاع أن يوجه لي ملاحظات نقدية, ربما لان كتبي لم توزع بشكل جيد, وقد تلقيت الكثير من الثناء من جنسيات عربية متعددة وخصوصاً من الصحافيين.الصحافة اليمنية لم تقصر معي وهي تساندني كثيرا وتنشر آخر أخباري لتعريفي إعلاميا وقد ساعدتني لكي يصل اسمي إلى شهرة كبيرة تخطت الوطن العربي. فهناك طالب من الهند مهتم بأعمالي الروائية واختارها موضوعا لدراسة لدكتوراه. * البعض يرى أن النقاد يجاملون كتابات المرأة؟ مهما جامل النقاد فرأيهم لا يؤثر أمام رأي الجمهور, لذلك يهمني رأي القراء والنقاد معا.الناقد يعبر عن رأيه الشخصي في العمل الأدبي ورضا الناس غاية لا تدرك وعلي أن أخذ جميع الآراء في الاعتبار لتطوير أسلوبي. * هل تتأثر كتابات الأديب بحياته فتصبغ كتاباته بآلامه وأحلامه ومعاناته؟ هذا شيء طبيعي, فالكاتب لا يكتب من فراغ بل من أحاسيس أدركها حتى لو بالحس دون التجربة, فأنا كتبت عن مواقف إنسانية لم أعشها, ولكن أحس بها كفقدان الأم لطفلها و ضياعه في رواية “ابنة الريح”. * ما أهم المشكلات التي تواجه الثقافة العربية والأديب العربي؟ اللغة العربية لم تعد تدرس في مدارسنا كما ينبغي, فنشأ جيل لا يجيد اللغة وقواعدها وهذا ما اتعبني في مشواري, ولولا الايادي البيضاء التي وقفت معي وساندتني وعلمتني لما تطورت وحسنت الكثير من اخطائي. * إلى أي حد حقق الأدب العربى وجوده عالميا؟ بصورة كبيرة وملفتة, لكن مازال بحاجة إلى دعم دور النشر ليصل إلى أكبر عدد من الدول والمجتمعات الأخرى. * ما جديدك؟ أنهيت روايتي “بيت البنفسج” وقد أرسلتها للناشر وهي تخضع للتحرير اللغوي.