قال مراقبون إن تسارع الأحداث في اليمن، فرضت نفسها على أجندة السياسة الخارجية السعودية، نظرا لما تمثله اليمن من أهمية وطنية لدى السعودية منذ نشأته، لعدة أسباب، منها أن أحد أطراف الصراع اليمني يمثل امتدادا سياسيا ودينيا للعدو الأبرز للمملكة في المنطقة وهي إيران. وأشار المراقبون إلى أن تحكم اليمن في مضيق باب المندب الذي تمر منه معظم تجارة النفط الخليجية إلى أوروبا، واعتباره معقلا كبيرا من معاقل تنظيم القاعدة دوليا، يمثل خطرا إستراتيجيا للسعودية بشكل خاص وللخليج بشكل عام. وبين عدد من المراقبين أن خيارات الخليج بشكل عام والسعودية بشكل خاص في اليمن باتت محدودة للغاية بعد سيطرة الحوثيين بشكل شبه كامل على محافظات الشمال اليمني، في حين رفعت عودة الرئيس عبد ربه منصور هادي إلى عدن من احتمالات انفصال الشمال عن الجنوب، رغم إصرار الرئيس هادي الظاهر حتى الآن على الوحدة بين الشمال والجنوب واعتباره جماعة الحوثي او من يسمون انفسهم "أنصار الله"، انقلابيين، وهو نفس موقف دول الخليج. وتشير التقارير إلى أن دول الخليج تسعى إلى وضع احتمال التدخل العسكري قيد التنفيذ في حالة الاضطرار إليه، وهو ما أكده طلب مجلس التعاون الخليجي منذ أسبوعين أن توضع اليمن تحت البند السابع من ميثاق الأممالمتحدة، الذي يتيح التدخل العسكري. وجاءت الحركة الدبلوماسية الفجائية التي شهدتها الرياض خلال الأيام القليلة الماضية، ومن المتوقع استمرارها، مثيرة لانتباه الكثير من المحللين، كما هو الحال مع معظم تصرفات وقرارات النظام السعودي الجديد، بقيادة الملك سلمان بن عبد العزيز، الذي تولى الحكم قبل نحو شهر من الآن. وشهدت العاصمة السعودية، الرياض، زيارات لكل زعماء دول الخليج مؤخرا، حيث زارها يومي 14 و 15 من الشهر الجاري أمير الكويت وولي عهد أبو ظبي على التوالي، فيما زارها يوم 17 من هذا الشهر أمير قطر، وزارها منذ يومين نائب رئيس الوزراء العماني، وكان قد زارها في بداية الشهر، الملك البحريني، كما أنها استقبلت يوم أمس الملك الأردني، وتستقبل بعد غد السبت الرئيس التركي، وتستقبل يوم الأحد المقبل الجنرال السيسي، رئيس السلطات الانقلابية في مصر، في حركة سياسية نشطة لم تشهدها الرياض منذ سنوات طويلة، مما استدعى تساؤلات المراقبين حول المغزى من هذه الحركة المحمومة. وأثار استغراب المراقبين أن هذه القمم الخليجية والعربية والدولية جاءت كلها في الرياض، في حين لم يقم المسؤولون السعوديون بأي زيارة خارجية باستثناء زيارتين خارجيتين للأمير محمد بن نايف، ولي ولي العهد، النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء، وزير الداخلية، ورئيس مجلس الشؤون السياسية والأمنية، إحدهما كانت لعدة ساعات إلى دولة قطر في العاشر من هذا الشهر، والأخرى لبريطانيا بدأها أول أمس الثلاثاء. واعتبر العديد من المراقبين أن هذه الحركة الدبلوماسية النشطة للنظام السعودي الجديد استهدفت بالأساس التركيز على ثلاث ملفات رئيسية في المنطقة، وعلى رأسها الاحداث في اليمن، فضلا عن العلاقات الخليجية الخليجية التي تشهد بعد التقلبات خلال الفترة الأخيرة.