أكد وزير الخارجية سامح شكري، على الموقف المصري الثابت حيال اليمن، والذي يقوم على ضرورة الحفاظ على وحدة هذا البلد العربي المسلم الشقيق واستقلاله وسلامة أراضيه، وأهمية حل النزاعات الداخلية بالطرق السلمية كسبيل وحيد لإنقاذ الدولة وحماية أمن وسلم المنطقة بأسرها، نظرًا لخصوصية العلاقات التاريخية المصرية-اليمنية، فإن مصر تبقي دائمًا مستعدة لتقديم كل ما هو ممكن ومتاح لليمن الشقيق. جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها شكري اليوم الثلاثاء في الاجتماع الوزاري لمنظمة التعاون الإسلامي حول اليمن الذي عقد في جدة بالمملكة العربية السعودية، بحسب بيان وزارة الخارجية. وقال شكري، إنه حتى في أصعب الأوقات التي مرت بنا، لم نكن لنبخل يومًا عن تقديم كل سبل الدعم والمساندة في المجالات الفنية والتقنية وتدريب الكوادر اليمنية، مشيرا إلى أن مصر لم تتوان عن الاستمرار في فتح جامعاتها ومعاهدها ومؤسساتها العلمية والتعليمية والدينية والعلاجية أمام أبناء اليمن الشقيق. وأضاف إن "اجتماع اليوم هو اجتماع هام لأنه لا يخفي على أحد الظروف الدقيقة والصعبة التي ينعقد فيها والتي لم تشهدها منطقتنا من قبل، ففي الوقت الذي تكافح فيه العديد من الدول العربية من أجل تحقيق طموحاتها المشروعة والأساسية في الحفاظ على وحدتها وأمنها واستقرارها واللحاق بركب التقدم والحضارة من أجل توفير مستقبل أفضل لشعوبها وللأجيال القادمة، تواجه منطقتنا تصاعدًا للاحتراب الطائفي والاقتتال الداخلي وتنامي لظاهرة الإرهاب البغيض البعيد كل البعد عن تعاليم الإسلام السمح، وهو ما أسفر عن سقوط أعداد كبيرة من الضحايا الأبرياء يومًا بعد يوم دون أي مبرر سوي لرغبة البعض في إعلاء مصالحهم الضيقة على حساب مصالح شعوب المنطقة وسلامة واستقرار دولها وتوظيف أفكار ومعتقدات متطرفة لتخريب مجتمعاتهم وإرهاب إخوانهم في الوطن الواحد". وأكد أنه "لا يعد الوضع في اليمن بعيدًا عن ذلك الحال، فلقد أدي طمع فئة في الاستئثار بالسلطة والحكم في اليمن إلى إثارة رغبة مليشيات أخرى ما دون الدولة في الانقضاض على الشرعية وهدم مقومات الوطن ورموزه ومؤسساته منذ أواخر عام 2013 وصولًا إلى استيلائها على العاصمة صنعاء في سبتمبر الماضي تحت سطوة السلاح، بل وتمادت في تصرفاتها الأحادية لتسعي إلى بسط سيطرتها بقوة السلاح كذلك على باقي الأراضي اليمنية، متجاهلة نداءات المجتمع الدولي المتكررة بالاستجابة للقرارات الدولية ذات الصلة والانسحاب من المدن التي استولوا عليها وتسليم أسلحتهم للدولة والانخراط في العملية السياسية لإنقاذ اليمن من الفوضى والإرهاب والتناحر الداخلي". وتابع "واليوم، نجتمع من جديد ونتمنى نجاح مسار المفاوضات (الجارية) في جنيف، ونناشد الجميع الانخراط بحسن نية في عملية سياسية حقيقية من أجل إنقاذ اليمن من حالة الانهيار التي يشهدها على جميع المستويات، كما نناشد كل الأطراف بالتوقف عن لعب أدوار سلبية لإفساد تلك المفاوضات وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وآخرها القرار رقم 2216". واستطرد قائلا "وفي هذا الصدد نرحب بجهود المبعوث الأممي الجديد لليمن من أجل التقريب بين الأطراف اليمنية، كما نشيد بالدور الهام والفعال الذي بذلته المملكة العربية السعودية في استضافة الحكومة اليمنية على أرضها، وكذا تنظيمها لمؤتمر الرياض، إضافة إلى قيادتها للتحالف العربي لدعم اليمن، وهو الدور الذي نتمنى البناء عليه من أجل استكمال المسار السياسي والوصول إلى حل متكامل وشامل للأزمة اليمنية". وطالب وزير الخارجية المصري جميع أبناء الشعب اليمني بإزكاء الروح الوطنية وتغليب المصالح العليا لليمن بالارتقاء فوق الولاءات المذهبية والطائفية والارتفاع إلى مستوي التحديات الخطيرة التي تواجهه، وأن يلتفوا حول وطنهم للعمل على صيانة وحدته وسلامة أراضيه وصياغة مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم. كما طالب جميع القوى السياسية اليمنية بتحمل مسؤولياتها والعمل مع الشرعية اليمنية والإسراع بإخراج البلد من تداعيات الأزمة السياسية والأمنية التي تمر بها، والتي تهدد الأمن والاستقرار واتخاذ الخطوات الكفيلة بالخروج بالبلاد من هذا الوضع المتأزم وتحقيق الاستقرار والسلام في ربوع اليمن وبما يصون لليمن وحدته واستقلاله على أساس نتائج ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وذلك استنادًا إلى مبادرة مجلس التعاون الخليجي وآليتها التنفيذية وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وأخرها القرار 2216". وأعرب عن ثقته في أن الجميع يتفق معه في أن المرحلة الدقيقة التي يمر بها اليمن الشقيق، تتطلب تكاتف الجميع في الداخل والخارج من أجل مساندة الدولة ودعم الجهود الحثيثة التي يبذلها فخامة رئيس الجمهورية اليمنية والتحالف العربي لدعم اليمن لضمان استقرار هذا البلد، وبما يحقق آمال وتطلعات الشعب اليمني ويحفظ وحدته وأمنه واستقراره. كما تملي تلك الظروف ومتطلبات المرحلة علينا كأشقاء وأصدقاء لليمن أن نتكاتف لدعمه ومساندته على كل الأصعدة، حتى لا يترك فريسة للجماعات المسلحة التي تستخدم الإرهاب والتطرف سبيلًا لنشر فكرها الظلامي.