يتخوف السعوديون من تحويل موسم الحج إلى تظاهرة سياسية في اللحظة الحرجة التي تستقبل فيها المملكة قرابة الثلاثة ملايين حاج من مختلف أقطار العالم خلال أيام معدودة، في مساحة مكانية ضيقة لأداء شعائر خامس أركان الإسلام. وفي تصريح نشرته وكالة الأنباء السعودية "واس"، أكد ولي العهد السعودي "أنّ المملكة لم ولن تقبل أي تصرف أو عمل يخرج الحج عن مساره الصحيح وفق ما أوجبه الله وسوف يتم التعامل بأقصى درجات الحزم مع أي تصرف يخالف الأنظمة والتعليمات المرعية حين أداء شعائر هذا الركن العظيم". وغالباً ما كان التباين السياسي السعودي – الإيراني يجد صداه في موسم الحج، باعتباره نقطة التقاء مباشرة بين الحجاج الإيرانيين والسلطات السعودية، حيث تتكرر بصورة مستمرة تصريحات المسؤولين الإيرانيين الناقدة للسعودية خلال موسم الحج بسبب مواقفها السياسية والدينية. لكن هذا العام دخل طرف إضافي يتمثل في الحوثيين وتهديدات المحسوبين عليهم في ظل استمرار الحرب في اليمن، والتي تشكل السعودية طرفاً أساسياً فيها عبر قيادتها للتحالف العربي الذي بدأ عملياته العسكرية ضد الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح أواخر شهر مارس/آذار الماضي. وقد جاء التهديد الأبرز على لسان محمد المقالح ، المحسوب على جماعة الحوثيين على الرغم من تسريبه قبل أسابيع خبر تعليق عضويته في اللجنة الثورية التابعة لها. وكتب المقالح في السابع من شهر آغسطس/آب الماضي، عبر صفحته على موقع "فايسبوك"، أنه "في موسم الحج سيكون هناك أمور لم يشهد لها التاريخ مثيلاً... دقوا يا رجال الله قبل الموسم ليتتوج نصركم يوم الوقوف على جبل عرفة". أما التصريحات الإيرانية فلطالما كانت تركز على انتقاد تنظيم السعودية لمواسم الحج والعمرة، حد المطالبة بتدويل الحرمين في مكة والمدينة. فعلى سبيل المثال، وخلال خطبة عيد الأضحى في العام الماضي، انتقد أحد رجال الدين الإيرانيين البارزين، محمد علي موحدي كرماني، بشدة سلطة السعودية على الحرمين الشريفين وتحكمها بموسم الحج. واعتبر كرماني أن الحج وبيت الله الحرام "أسيران بيد الوهابيين" وأن السعودية لا تسمح للمسلمين بتأدية مناسك الحج كما ينبغي. وتتكرر بشكل سنوي الدعوات من الجانب الإيراني لتظاهرة "البراءة من المشركين" والتي تعتبرها السلطات السعودية تظاهرة سياسية تسيء لروحانية شعائر الحج وتؤدي إلى شغب ينعكس على سلامة الحجاج. وقبيل انطلاق موسم الحج لهذا العام، توترت العلاقات السعودية – الإيرانية في أعقاب الأنباء عن التحرش بشابين إيرانيين في مطار جدة الدولي، كانا في زيارة إلى المملكة لأداء مناسك العمرة. وهو ما أدى إلى تعليق إيران لزيارات العمرة، وإعادة السعودية لطائرة إيرانية قيل بأنها لم تمتلك تصريحاً. لكن الأمور بدأت تتغير إيجابياً بعد إعلان السعودية لمحاكمة المتحرشين بالإيرانيين، إذ ما تزال القضية منظورة في المحاكم السعودية. وكان قاضي عسكر، ممثل المرشد الإيراني لشؤون الحج والزيارة، قد صرح لوكالة "ارنا" الإيرانية قبل يومين بأهمية عزل الحج عن العلاقات السياسية السعودية – الإيرانية، مشيراً إلى "ضرورة تيقظ الحجاج إزاء مؤامرات الأعداء" الهادفة إلى بثّ الفرقة بينهم. وأشار عسكر إلى إصدار 25 ألف تأشيرة للحجاج الإيرانيين حتى الآن، من دون وجود أي إشكاليات مع السلطات السعودية.