أخيرا ابتسمت سعيدة الشابة البالغة من العمر 18 عاما التي تصدرت صورها وسائل الإعلام الدولية عندما كان وزنها لا يزيد على تسعة كيلوجرامات بعد إدخالها أحد مستشفيات غرب اليمن حيث ينتشر سوء التغذية والجوع. عودة ابتسامة سعيدة أحمد جاءت بعد شهر من بدء علاجها في مركز لأمراض سوء التغذية، لكن هذه الشابة التي يبدو جسمها كأنه لطفلة قبل العاشرة من العمر لن تتمكن من التغلب على الجوع بشكل نهائي بعد مغادرة المستشفى؛ لأن عائلتها لا تمتلك إمكانات توفير الغذاء لها بسبب الحرب. وفي 29 أكتوبر الماضي أعلنت منظمة الأممالمتحدة للطفولة (يونيسيف) وفاة أكثر من 10 آلاف طفل يمني بسبب مشاكل الرعاية الصحية. وقال كريستوف بوليارك الناطق الرسمي باسم صندوق الأممالمتحدة للطفولة في بيان صحافي إن هناك ما يقرب من عشرة آلاف حالة وفاة لأطفال دون سنة الخامسة قد تكون بسبب تراجع الرعاية الصحية. وتحدث عن تهالك النظام الصحي بالإضافة إلى توقف 600 مرفق صحي عن العمل وإغلاق خمسة من مراكز التطعيم ومخازن. وقال إن 7.4 مليون طفل يمني بحاجة لمساعدة طبية كما أن هناك 370 ألف يمني معرضون لسوء التغذية الحاد. وقبل ذلك التاريخ بقليل انتشرت صور سعيدة وكان وزنها لا يزيد على تسعة كيلوجرامات بعد أن نقلها أحد المتطوعين من قريتها في مديرية التحيتا إلى مستشفى الثورة في مدينة الحديدة على البحر الأحمر عاصمة المحافظة. وتشهد المحافظة موجة من سوء التغذية الحاد ومؤشرات على اقترابها من حافة المجاعة نتيجة للحرب الدائرة في البلاد منذ نحو عامين بين القوات الحكومية والمسلحين الحوثيين المدعومين بقوات الرئيس السابق. وتقول الدكتورة دينا السايس المشرفة على مركز معالجة أمراض سوء التغذية الممول من منظمة الصحة العالمية في مستشفى الثورة إن هذه الشابة البالغة من العمر 18 عاما تبدو وكأنها طفلة في التاسعة من العمر بسبب سوء التغذية الحاد «حيث دخلت المستشفى وكان وزنها تسعة كيلوجرامات لكن وزنها ارتفع الآن إلى 14 كيلوجراما ومن المفترض أن تبقى لدينا في المستشفى إلى أن تصل إلى مستوى وزن قياسي». على أحد أسرّة المركز وفي ركن من غرفته تتغطى سعيدة بلحاف رقيق وترتدي ثوبا تقليديا أخضر اللون تحدثت إلينا بالقليل من الكلام وهي تبتسم قائلة: «أنا الآن أفضل من قبل، ولكني لا أريد البقاء في المستشفى أكثر من هذا أريد أن أعود لقريتي» فيما التزمت والدتها الصمت وهي تقف إلى جوار سرير ابنتها التي أصبحت رمزا لضحايا الحرب في اليمن. وتقول الدكتورة رادة العريقي: «حالة سعيدة النفسية كانت صعبة ولا تتحدث مع أحد عندما أدخلت المستشفى. الآن أصبحت تتحدث مع المحيطين بها وتبتسم وسوف تستمر في المستشفى إلى الوزن المستهدف بحدود 20 كيلوجراما». وتضيف: «هي من عائلة فقيرة لا تمتلك شيئا ولقيت حالتها اهتماما من فاعلي الخير بالمساعدات عندما نشرت صورها في وسائل الإعلام، لكن بعد ذلك تراجع هذا الاهتمام وأصبح نادرا، ولهذا فإنها قد تواجه نفس المشكلة إذا عادت إلى قريتها بدون حل مشكلة الفقر».;