قد يكون اختيار الإخواني الأردني ياسر أبو هلالة، لمنصب مدير عام قناة الجزيرة، مفاجئاً للبعض من الناحية البيروقراطية والتراتبية في القناة، إلا أنه، وكما يورد موقع 24 الإماراتي، ليس مفاجئاً على الإطلاق في ميزان تموضع الرجل الواضح بين صقور إعلاميي التنظيم الدولي للإخوان المسلمين. حتى كانت حرب غزة، وهو المنتمي إلى تنظيم الإخوان، عبر فرع حماس تحديداً، فرصة مؤاتية ليقفز أبوهلالة إلى أعلى السلم دفعة واحدة. ولعلّ اختيار قطر لأبوهلالة في هذا المنصب الرفيع، وإعلان أنه سيعمل على إجراء تغييرات أساسية في قناة الجزيرة، هو بمثابة رسالة سياسية واضحة من قطر إلى كلّ من يعنيهم الأمر في الداخل والخارج، بأنها ماضية في خياراتها الإخوانية، بل إنها تعلن بذلك، أخذاً في الحسبان أهمية الجزيرة الاستراتيجية في السياسة القطرية، وموقعها الحساس في خطابها الإعلامي، أنها لم تعد مجرد راعية للإخوان أو "مقربة" منهم، بل أن قطر بذلك تعلنها صراحة بأنها أصبحت دولة الإخوان في المنطقة. ويأتي هذا الاختيار/ الرسالة في الوقت الذي كانت الأوساط السياسية الخليجية تنتظر خطوات جدية من الدوحة باتجاه تنفيذ التزاماتها في اتفاقية الرياض، تمهيداً لعودة العلاقات إلى طبيعتها مع دول الخليج التي سحبت سفراءها، الإمارات والسعودية والبحرين، ومن المعروف أن ملف الجزيرة، وتحريضها على دول الخليج الأخرى، واستخدامها "سلاحاً" إخوانياً بامتياز في معركة التنظيم الدولي في مصر ودول أخرى، ودور "العراب" الذي يلعبه شيخ الفتنة يوسف القرضاوي في رسم سياسات المحطة، كان موضوعاً على ملف هذه المصالحة المفترضة، إلا أن قطر بتعيينها أبو هلالة توصل رسالة أخرى تتعلق بملف المصالحة مفادها أنها ليست في وارد تنفيذ أيّ من التزاماتها تلك، بل أنها ماضية في اتجاه معاكس تماماً، وهو ما ستكشفه سياسات الجزيرة خلال الأسابيع والشهور المقبلة. سيرة ياسر أبو هلالة، الإخواني الأردني المولود عام 1969، لا تحمل أيّ التباس، فهو منذ بداية عمله الإعلامي في 1990 كان جزءاً من الماكينة الإعلامية لتنظيم الإخوان، وباستثناء مقالة يكتبها في صحيفة "الغد" الأردنية الليبرالية، فإن جميع المواقع الإعلامية التي تنقل بينها تابعة أو "مقربة جداً" من تنظيم الإخوان. وبعيداً من سيرته المهنية المتوافرة على الإنترنت، فإن حساب أبوهلالة على تويتر يكشف الكثير عن طريقة تفكير الرجل تجاه العديد من القضايا المحورية والساخنة في الخليج والمنطقة العربية، وتعطي لمحة عن التحول الجذري الذي يفترض أن يساهم أبوهلالة بتحقيقه في قناة الجزيرة، ابتداء من مطلع سبتمبر (أيلول) المقبل.