دخل وفد من "هيئة العلماء المسلمين" المؤلفة من رجال دين لبنانيين سنة، بلدة عرسال (شرق) الحدودية مع سوريا الاربعاء، في مسعى لانهاء المعارك الدائرة في محيط البلدة منذ السبت بين الجيش اللبناني ومسلحين من الجهاديين. وأتى دخول الوفد مع وقف اطلاق نار "لاسباب انسانية" يستمر حتى السابعة مساء (16,00 ت غ). وادت المعارك منذ السبت الى مقتل 17 عسكريا بينهم ثلاثة ضباط. ونقلت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة عن مصادر في مستشفيات ميدانية ان القصف ادى الى مقتل 38 شخصا وجرح 268 من المقيمين في البلدة. وتتشارك عرسال ذات الغالبية السنية المتعاطفة مع المعارضة السورية، والتي تستضيف عشرات آلاف اللاجئين، حدودا طويلة مع منطقة القلمون السورية حيث تدور معارك بين القوات النظامية وحزب الله اللبناني من جهة، ومسلحين يتحصنون في الجرود والمغاور الطبيعية. وقال مصدر امني لوكالة فرانس برس "دخل وفد من هيئة العلماء المسلمين مؤلف من رجلي دين، ظهر اليوم عرسال لاجراء مساع لانهاء الوضع". وكان وفد آخر من الهيئة اخرج معه الثلاثاء، ثلاثة عناصر من قوى الامن من اصل عشرين احتجزهم المسلحون لدى اقتحامهم فصيلتهم في داخل عرسال السبت. كما ادت المعارك الى فقدان الاتصال مع 22 جنديا، يرجح الجيش ان يكونوا "اسرى" لدى المسلحين الذين ينتمون الى تنظيم "الدولة الاسلامية" وجبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا. وكانت مصادر امنية افادت في وقت سابق ان اي وقف للمعارك مشروط باستعادة الجنود وعناصر قوى الامن، وخروج المسلحين. واكد مصدر عسكري لفرانس برس وجود "وقف لاطلاق النار لاسباب انسانية بدأ الساعة السابعة مساء الثلاثاء، ويستمر لاربع وعشرين ساعة". الا ان الجيش قام بالرد على "اعتداءات" من المسلحين، بحسب المصدر. وسمح تراجع القصف والمعارك لسيارات اسعاف بدخول عرسال لنقل مصابين. كما نقلت شاحنة عسكرية للجيش سكانا من البلدة، بحسب مراسل لفرانس برس. الا ان سكانا في بلدة اللبوة ذات الغالبية الشيعية المجاورة لعرسال، والتي تعد منطقة نفوذ لحزب الله، منعوا عبور قافلة اغاثية متجهة الى عرسال. وقال رئيس بلدية اللبوة رامز امهز "لن نسمح بادخال المساعدات الى داعش"، وهو الاسم الذي كان يعرف به تنظيم "الدولة الاسلامية". ويقطن عرسال نحو 35 الف شخص، اضافة الى 47 الف لاجىء سوري، بحسب الاممالمتحدة التي اشارت الى تقارير مغادرة 1300 شخص البلدة منذ السبت. واكد مسؤول محلي في عرسال رفض كشف اسمه لفرانس برس ان "غالبية المسلحين انسحبوا من الداخل وانتقلوا الى الجرود"، مضيفا ان "الناس يتخوفون من حصول معركة كبيرة في حال لم يتم التوصل الى اتفاق". وقال مختار عرسال حسن الاطرش من جهته ان من خرجوا ينتمون الى جبهة النصرة، في حين بقي اولئك التابعون ل"الدولة الاسلامية". وتعد الاحداث الاخطر في البلدة الحدودية منذ اندلاع النزاع السوري. ودفعت هذه المعارك قائد الجيش العماد جان قهوجي الى المطالبة بتسريع تزويد الجيش بالاسلحة، لا سيما منها تلك المدرجة ضمن هبة سعودية بقيمة ثلاثة مليارات دولار لشراء اسلحة لصالح الجيش من فرنسا. وفجر اليوم، اعلن سعد الحريري، ابرز زعيم سني في لبنان ورئيس الحكومة السابق، ان السعودية قررت تقديم مليار مليار دولار للجيش. وبعد ظهر الاربعاء، قال الحريري المقيم خارج لبنان، في مؤتمر صحافي في جدة "في اي وقت الجيش اللبناني او قوى الامن الداخلي او اي جهة امنية شرعية في لبنان يكون لديها طلبات فورية لمكافحة الارهاب، ستكون هذه المبالغ موجودة لشراء كل الاجهزة". اضاف "توجه خادم الحرمين الشريفين (الملك عبد الله بن عبد العزيز) ان تجري الامور بسرعة وخاصة بالنسبة الى الذخائر (..) اذا كانت ثمة طلبات اليوم او غدا او بعد غد، ستجودنها ملباة من هذه المساعدة". تابع "سأباشر فوراً بإجراء اتصالات برئيس الحكومة والوزارات والإدارات العسكرية والأمنية اللبنانية، والعودة معها إلى البرامج والخطط والمشاريع، التي تلبي بالدرجة الأولى الحاجات الملحة للجيش والأجهزة (...) لمكافحة ظاهرة الإرهاب". وربط الحريري، زعيم "تيار المستقبل" المؤيد للمعارضة السورية، بين مشاركة حزب الله في المعارك داخل سوريا، وما يجري في عرسال. وقال "لا شك ان دخول حزب الله الى الساحة السورية والمشاركة في القتال في سوريا كانت له ردة فعل سيئة جدا (...) كنا نقول ان ردة الفعل ستكون على اللبنانيين وحذرنا منها". واعتبر انها "جريمة ان يذهب حزب الله الى سوريا (...) وجريمة ان يأتي الارهابيون الى عرسال ويقوموا بما قاموا به بحق الجيش اللبناني". وينقسم لبنان بشدة حول النزاع السوري. ويحمل خصوم الحزب "تورطه" في سوريا، مسؤولية التداعيات التي شهدتها البلاد من اعمال عنف وتفجيرات على خلفية الازمة السورية. الا ان الحزب يقول انه ذهب الى سوريا لقتال "التكفيريين" ومنع تمددهم الى لبنان.