انطلقت الاثنين في اسطنبول المحاكمة الجديدة لاكثر من 200 عسكري بعد ان الغت محكمة اخرى ادانتهم بتهمة تدبير محاولة انقلاب على النظام الاسلامي المحافظ الحاكم في تركيا لفقدان الادلة. وانعقدت الجلسة الاولى من هذه المحاكمة الجديدة التي يمثل فيها 236 متهما الاثنين امام محكمة تقع في الجزء الاسيوي من المدينة التركية الكبيرة. وفي دلالة على صراع النفوذ الدائر بين الحكومة والمؤسسة العسكرية، انتهت محاكمة قضية "بليوز" (المطرقة بالتركية) في ايلول/سبتمبر 2012 باحكام ثقيلة بالسجن بحق بعض كبار ضباط الجيش التركي. ومن بين هؤلاء الضباط "العقل المدبر" للمؤامرة المفترضة الجنرال شيتين دوغان والقائدان السابقان للبحرية وسلاح الجو اوزدن اورنيك وابراهيم فيرتينا الذين صدرت بحقهم احكام بالسجن عشرين عاما. ونفى الضباط خلال محاكمتهم المشاركة في اي مؤامرة مدبرة في 2003 ضد حكومة رئيس الوزراء في حينه رجب طيب اردوغان الذي اصبح اليوم رئيسا. ونفى رئيس الاركان السابق، الجنرال حلمي اوزكوك تهمة "التآمر" خلال شهادته امام المحكمة الاثنين. وقال اوزكوك الذي لا يحاكم في هذه القضية كما نقلت عنه وسائل الاعلام، "لم اسمع ابدا عن مثل هذه الخطط (...) لم اتلق ابدا معلومات حول الاعداد لانقلاب. لم تكن سوى شائعات". وخلال المحاكمة الاولى، تعرض القضاة المكلفون التحقيق حينها الى انتقادات تركزت حول افتقادهم للنزاهة وضعف الادلة ضد المتهمين. غير ان اردوغان اعرب عن ارتياحه لتلك الاحكام الرامية الى حرمان الجيش التركي من نفوذه السياسي. وقد هيمنت المؤسسة العسكرية التي طالما كانت تعتبر حارسة الميراث العلماني للجمهورية التركية التي اسسها في 1923 مصطفى كمال اتاتورك، على الحياة السياسية ونفذت ثلاثة انقلابات منذ 1960. لكن في كانون الاول/ديسمبر فاجأ اردوغان الجميع بفتح المجال امام اعادة محاكمة "بليوز" و"ارغينيكون" باسم المؤامرة المفترضة ضد نظامه. وحصل تغيير الموقف هذا بينما كانت الحكومة تتخبط في فضيحة فساد كبيرة اشتبه اردوغان في ان احد اكبر حلفائه السابقين من جمعية الداعية فضل الله غولن كان يقف وراءها. ويعتبر بعض القضاة المكلفين الملفات التي تستهدف الجيش محسوبين على تلك الجمعية التي اشهر عليها اردوغان الحرب. وطبقا لقرارات النيابة امرت المحكمة الدستورية في حزيران/يونيو الماضي بالافراج عن كل المعتقلين في هذه القضية واعادة محاكمتهم معتبرة ان الحكم الاول كان غير منصف.