بحلول الذكرى الأولى لمجزرة مستشفى مجمع الدفاع، يشعر المرء بغصة عندما يكتشف أن التحقيق في هذه الجريمة أقفل ولم يحاسب أحد، بل ولم تعلن نتائج التحقيق الكاملة حتى اليوم. الحال لا يختلف كثيراً مع جرائم هزت اليمن كمجزرة ذبح الجنود في حضرموت، وعمليات اغتيال الدكتور جدبان، والدكتور شرف الدين، والدكتور المتوكل، والكثير من جرائم الاغتيال والعمليات الإرهابية التي نفذتها الجماعات التكفيرية والتنظيمات الإرهابية في طول البلاد وعرضها. في جرائم الاغتيال الأخيرة، وكذلك الهجوم على منزل السفير الإيراني بصنعاء شاعت أنباء عن مشاركة اللجان الشعبية التابعة للحوثيين في التحقيق، وهو نبأ جيد، أحيا الآمال لدى الناس في التعرف على نتائج التحقيق في هذه الجرائم التي أرادت مراكز النفوذ إخفاءها وإبقاءها حبيسة الأدراج. إخفاء الحقيقة، ظل لسنوات سياسة لدى مراكز القوى النافذة في الجهات الرسمية، والتي تعمدت إخفاء التحقيقات في كثير العمليات الإرهابية، لأسباب غير مبررة في حال استجابتها لضغوط الشارع كانت تُعلن نتائج مضطربة تلقي المزيد من الغموض والشكوك على هذه العمليات. هذه السياسة طالما قدمت خدمات مجانية للإرهابيين وفرق الموت التكفيرية، وفي الصدارة أنها كانت تهدم تماماً ثقة الناس بالأجهزة الأمنية في مقابل تقديم هذه الجماعات على أنها صاحبة قدرات خارقة في اختراق الأحزمة الأمنية لقوات الجيش والأمن، ناهيك عن إشاعتها المخاوف لدى الناس، بل ودفعهم دفعاً لأن يختاروا طريق السلامة واتخاذ موقف الحياد. إخفاء نتائج التحقيق قد يكون في نطاق زمني محدود مفيداً لضمان تحقيقات مثمرة، لكنه عندما يتشدد كثيراً ويضاف إلى ملف الأسرار الأبدية، يضع الجميع فريسة لأجهزة تسويق الشائعات والأكاذيب وفريسة لنشاط دوائر الأجندات المشبوهة التي تقدم الدعم للجماعات الإرهابية بوسائل حديثة ثقافية وإعلامية يلاحظها المتخصص وتنطلي على كثيرين. المبالغة في إخفاء نتائج التحقيق لا يقدم خدمات مجانية للإرهابيين فقط، بل يقدمها كذلك للمخططين والممولين، ويعزز من دور مطابخ صناعة فرق الموت، ويكرس أعمال القتل الجماعي ثقافة، وفي أكثر نتائجه شيوعاً يفسح المجال لمراكز النفوذ لإخفاء معالم الجرائم وممارسة الضغوط لتضليل العدالة وإرباك سير التحقيق وعرقلة جهود تعقب الجناة. أكثر من ذلك، أن سياسة إخفاء الحقيقة تخلي الملعب للإرهابيين، فنجدهم في غياب المصادر الرسمية للبيانات يتفننون عبر وسائلهم الإعلامية في إشاعة بياناتهم التي تؤدي وظائف معينة يعلمها الجميع. الشفافية في نتائج التحقيق حيال الجرائم الإرهابية، وما أكثرها، كان يمكن أن يوفر مزايا تتيح للناس التعرف إلى الأساليب الشائعة التي يتبعها الإرهابيون لتنفيذ جرائمهم، ويكشف صوراً للتكتيك المتبع لديهم في التسلل والاختباء والأدوات المستخدمة وأساليب الحركة والتنقل والاختفاء وغيرها من المحاور التي قد تؤهل قدرات الناس على التقاطها والإبلاغ عنها، وأكثر من ذلك تطوير الحس الأمني لديهم وتعزيز قدراتهم الذهنية في مواجهة الحملات الإعلامية المشبوهة. من حقنا أن نعرف ملابسات الجرائم الإرهابية والأطراف المشتبه فيها، والكرة اليوم في ملعب الحوثيين.