شهداء بينهم أطفال إثر غارات ليلية على غزة وتصنيف جباليا وبيت حانون "منكوبتين"    ريال مدريد يتوج بلقب دوري أبطال أوروبا    جماعة الحوثي تطلب تدخل هذا الطرف الدولي لوقف تصعيد الشرعية وقرارات "مركزي عدن"    ضربات هي الإعنف على الإطلاق.. صحيفة تكشف عن تغير أسلوب ''التحالف'' في التعامل مع الحوثيين    بالصور: اهتمام دبلوماسي بمنتخب السيدات السعودي في إسبانيا    بالصور.. باتشوكا يحصد لقب دوري أبطال الكونكاكاف    جدول مباريات وترتيب مجموعة منتخب الإمارات في تصفيات كأس العالم 2026    القبض على أكثر من 300 أجنبي في مديرية واحدة دخلوا اليمن بطريقة غير شرعية    يقتل شقيقه بدم بارد.. جريمة مروعة تهز مارب    من لطائف تشابه الأسماء .. محمود شاكر    مصرف الراجحي يوقف تحويلاته عبر ستة بنوك تجارية يمنية بتوجيهات من البنك المركزي في عدن    ازمة الانتقالي الشراكة مع الأعداء التاريخيين للجنوب العربي الأرض والإنسان    تاجرين من كبار الفاسدين اليمنيين يسيطران على كهرباء عدن    الانتقالي الجنوبي ثمرة نضالات طويلة وعنوان قضية شعب    فخامة الرئيس بن مبارك صاحب القدرة العنكبوتية على تحديد الضحية والالتفاف    كرة القدم تُلهم الجنون: اقتحامات نهائي دوري أبطال أوروبا تُظهر شغف المُشجعين    تجدد مواجهة مصيرية بين سكان صنعاء و الحوثيين    "لماذا اليمن في شقاء وتخلف"...ضاحي خلفان يُطلق النار على الحوثيين    يمني يتوج بجائزة أفضل معلق عربي لعام 2024    فضيحة حوثية تُثير موجة من الغضب على مواقع التواصل الاجتماعي و تُهدد الاقتصاد (صورة)    كشف هوية القاضي الذي أثار موجة غضب بعد إصداره أحكام الإعدام اليوم في صنعاء    عيدروس الزُبيدي يصدر قراراً بتعيينات جديدة في الانتقالي    المرصد اليمني: أكثر من 150 مدنياً سقطوا ضحايا جراء الألغام منذ يناير الماضي    نابولي يقترب من ضم مدافع تورينو بونجورنو    ضربة موجعة للحوثيين على حدود تعز والحديدة بفضل بسالة القوات المشتركة    كيف أفشل البنك المركزي اليمني أكبر مخططات الحوثيين للسيطرة على البلاد؟    جريمة مروعة تهز المنصورة بعدن.. طفلة تودع الحياة خنقًا في منزلها.. من حرمها من حق الحياة؟    مانشستر يونايتد يقترب من خطف لاعب جديد    تنديد حقوقي بأوامر الإعدام الحوثية بحق 44 مدنياً    وصول أكثر من 14 ألف حاج يمني إلى الأراضي المقدسة    سلم منه نسخة لمكتب ممثل الامم المتحدة لليمن في الاردن ومكتب العليمي    صندق النقد الدولي يعلن التوصل لاتفاق مع اوكرانيا لتقديم مساعدة مالية بقيمة 2.2 مليار دولار    استشهاد 95 فلسطينياً وإصابة 350 في مجازر جديدة للاحتلال في غزة    عبدالله بالخير يبدي رغبته في خطوبة هيفاء وهبي.. هل قرر الزواج؟ (فيديو)    بنك سويسري يتعرّض للعقوبة لقيامه بغسيل أموال مسروقة للهالك عفاش    مجلس القيادة يؤكد دعمه لقرارات البنك المركزي ويحث على مواصلة الحزم الاقتصادي    موني جرام تعلن التزامها بقرار البنك المركزي في عدن وتبلغ فروعها بذلك    صلاة الضحى: مفتاحٌ لبركة الله ونعمه في حياتك    حزام طوق العاصمة يضبط كمية كبيرة من الأدوية المخدرة المحظورة    الحديدة.. وفاة عشرة أشخاص وإصابة آخرين بحادث تصادم مروع    الوحدة التنفيذية لإدارة مخيمات النازحين: 18 ألف أسرة نازحة في مأرب مهددة بالطرد من مساكنها مميز    خراب    السعودية تضع شرطًا صارمًا على الحجاج تنفيذه وتوثيقه قبل موسم الحج    هدي النبي صلى الله عليه وسلم في حجه وعمراته    تكريم فريق مؤسسة مواهب بطل العرب في الروبوت بالأردن    الامتحانات.. وبوابة العبور    شاهد .. الضباع تهاجم منزل مواطن وسط اليمن وتفترس أكثر 30 رأسًا من الغنم (فيديو)    الوجه الأسود للعولمة    مخططات عمرانية جديدة في مدينة اب منها وحدة الجوار    هل يجوز صيام العشر من ذي الحجة قبل القضاء؟    تحذير عاجل من مستشفيات صنعاء: انتشار داء خطير يهدد حياة المواطنين!    الطوفان يسطر مواقف الشرف    لا غرابة.. فمن افترى على رؤيا الرسول سيفتري على من هو دونه!!    تحذير هام من مستشفيات صنعاء للمواطنين من انتشار داء خطير    المطرقة فيزيائياً.. وأداتياً مميز    الفنان محمد محسن عطروش يعض اليد السلطانية الفضلية التي أكرمته وعلمته في القاهرة    ثالث حادثة خلال أيام.. وفاة مواطن جراء خطأ طبي في محافظة إب    شاب يبدع في تقديم شاهي البخاري الحضرمي في سيئون    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"بلاك ووتر" وأخواتها
نشر في المنتصف يوم 11 - 06 - 2016

ما يمكن أن يقال حال إمعان النظر في تجربة "بلاك ووتر" وأخواتها، إنه طالما أن الحروب الاستعمارية التوسعية الجديدة قائمة، والحروب الأهلية والإقليمية محتمل نشوبها في أي مكان وأي زمان فإن دور المرتزقة سيظل قائماً، بل سيتعمق ويتسع.

لم يعد تجنيد المرتزقة قاصراً على الدول أو القادة العسكريين الرسميين، مثلما جرى العرف منذ أول تاريخ الحروب المعروفة في مسيرة الإنسانية المديدة، بل بدأ الأمر يسند إلى شركات خاصة منذ منتصف سبعينيات القرن المنصرم.

ففي عام 1975 أسس ضابط بريطاني مطرود من الخدمة العسكرية يدعى جون بانكس شركة لتصدير المرتزقة تحت لافتة "المنظمة الدولية لخدمات الأمن" لكن الظروف لم تسمح باستمرار هذه الشركة على قيد الحياة، لكنها سمحت باستمرار شركة مماثلة تم تأسيسها في الوقت ذاته على يد المرتزق العالمي بوب دينار تحت اسم "شركة ما وراء البحار للأمن والحماية". سار كثيرون على الدرب الذي سلكه دينار حتى وصل عدد هذه الشركات في العالم أجمع حالياً إلى مائة شركة، منتشرة في أوروبا وآسيا وأميركا اللاتينية وأفريقيا. منها 35 شركة في الولايات المتحدة بمفردها، على رأسها شركة "بلاك ووتر" التي تمكنت من تجنيد ما بين 15 و20 ألف مرتزق للقتال إلى جانب القوات الأميركية في العراق.

أسس إريك برينس، الذي ينتمي إلى التيار المسيحي اليميني المتطرف في الولايات المتحدة، هذه الشركة، التي ولدت فكرتها في رأسه بين عامي 1995 و1996 حين كان يتدرب في أحد معسكرات البحرية الأميركية، بينما كانت القوات المسلحة الأميركية تفتح الباب على مصراعيه أمام القطاع الخاص للمساهمة في أعمال مساندة للجيش.

عمار علي حسنلكن شركة بلاك ووتر التي تعني "المياه السوداء" نسبة إلى المستنقعات المظلمة التي أنشئت في قلبها، لم تطفو على السطح سوى عام 2002 تحت اسم "شركة بلاك ووتر للاستشارات الأمنية" مستفيدة من الأجواء التي أعقبت حدث الحادي عشر من سبتمبر، وإلى درجة حدت بأحد مسؤوليها المتنفذين أن يقول "لقد ساعد بن لادن على تحويل شركتنا إلى الهيئة التي هي عليها حالياً".

ويفتخر بعض قيادات بلاك ووتر بعضويتهم في أخوية "فرسان مطالة العسكرية"، وهم مرتزقة مسيحيون متطرفون كونوا جماعتهم في القرن الحادي عشر الميلادي إبان الحروب الصليبية، للدفاع عن الأراضي التي استولى عليها الفرنجة آنذاك من العرب والمسلمين.

وراحت بلاك ووتر تستقطب المرتزقة من كل حدب وصوب، وفي صدارتهم مجموعة من رجال الكوماندوز السابقين في الجيش التشيلي، ثم أخذ نشاطها دفعة قوية بحصولها عام 2003 على عقد لحماية بول بريمر الحاكم الأميركي للعراق آنذاك، أتاح لها أن تدفع 600 دولار يومياً لأي جندي يتعاقد معها، بينما كانت تحصل هي من مموليها على نحو 1500 دولار عن كل جندي. ولم تكتف هذه الشركة بحماية المسؤولين الأميركيين في العراق، بل شاركت في بعض المعارك، وأهمها معركة الفلوجة التي وقعت في تشرين الثاني/ نوفمبر من عام 2004 وارتكبت مجازر بشعة ضد المدنيين الأبرياء، حيث استخدم المرتزقة أسلحة وذخائر محرمة دولياً.

وقد تزامل المرتزقة مع العسكريين الأميركيين النظاميين في العمل على متن السفن الحربية الأميركية في منطقة الخليج أثناء حرب احتلال العراق. وكان هؤلاء ينتمون إلى أربع شركات عسكرية خاصة لديها خبرة في تشغيل بعض أنظمة التسليح الأكثر تعقيداً في العالم. وساهمت هذه الشركات في تشغيل وصيانة الطائرات بدون طيار من طرازي "بريداتور" و"جلوبال هوك"، علاوة على القاذفات من طراز "بى-2"، التي بوسعها الاختفاء عن شاشات الرادار. ويحل المرتزقة محل الجنود الأميركيين المقاتلين في كل شيء من الدعم اللوجستي إلى التدريب الميداني والاستشارة العسكرية في الداخل والخارج.

أما أول من أسس شركة مرتزقة أجنبية في العراق فهو الفرنسي جان فيليب لافون، الذي أدى خدمته العسكرية جندياً في البحرية الفرنسية، ثم عمل مرتزقاً في ساحل العاج وزائير وجزر القمر وكوسوفا. وأقدم لافون على هذه الخطوة استجابة لطلبات كثيرة وملحة لتوفير مرتزقة للخدمة على أرض الرافدين. وقد استأجر بناية فخمة في بغداد واتخذها مقراً لشركته، ثم راح يجلب مقاتلين مأجورين من هنا وهناك.

ومن بين شركات المرتزقة الخمسة والثلاثين في الولايات المتحدة شركة "إم بي آر آي" التي تتباهى بأن عدد الجنرالات فيها أكبر من عددهم في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاجون) ذاتها. ورغم هذا العدد الكبير فإن الشركات البريطانية هي التي قامت بتوريد المجموعات الأكبر من المرتزقة إلى العراق، لتحقق مكاسب طائلة خلال السنة الأولى لاحتلال العراق 2003 تعدت حاجز الخمسة مليارات دولار، إذ بلغت قيمة التعاقد السنوي مع المرتزق المحترف في العراق ما بين 80 إلى 120 ألف جنيه إسترليني.

وتأتي شركات المرتزقة في جنوب أفريقيا في المرتبة الثالثة من حيث تصدير المقاتلين المأجورين إلى العراق، وجلهم يعملون إما سائقين، أو حراساً شخصيين، وفي حماية طرق الإمداد، وحماية الموارد الثمينة، وغيرها من الشركات العالمية.

ووصل الأمر إلى حد تكليف الحكومة الأميركية لشركة "بلاك ووتر" بأن تلعب دور "حارس بحر قزوين" للدفاع عن المصالح النفطية للولايات المتحدة هناك. ولهذا ساهمت الشركة في تدريب قوات البحرية الأميركية في تلك المنطقة، وإنشاء قاعدة عسكرية ملاصقة لحدود إيران الشمالية مع أذربيجان.

وقد لفت التنامي السريع لدور "بلاك ووتر" وأخواتها نظر الأمم المتحدة فشكلت لجنة مكونة من خبراء حقوق إنسان مستقلين، فزارت خمس دول هي هندوراس وبيرو وتشيلي والإكوادور وجزر فيجي للوقوف على عمليات تجنيد وتدريب المرتزقة. وقد أعد هؤلاء تقريراً شاملاً هو خلاصة عامين كاملين من العمل والتحري ذكروا فيه أن الشركات الأمنية الخاصة تمكنت من تجنيد عناصر من إسبانيا والبرتغال ودول أوروبية وروسيا وجنوب أفريقيا، وأنها توفر تدريبات عسكرية لمجنديها في كل من الولايات المتحدة والعراق والأردن، للقيام بمهام توكل عادة إلى الجيوش. ولهذا حذر التقرير من أن خصخصة الجيوش من قبل بعض الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أدى إلى تنام مطرد في ظاهرة المرتزقة الذين يعملون تحت لافتات الشركات الأمنية الخاصة، ملتحفين بغطاء لفظي خادع يصفهم بأنهم مقاولون Contractors بدلاً من اسمهم الحقيقي وهو مرتزقة.

ويتم كل هذا رغم أن بريطانيا قد سنت قانوناً يحرم العمل الارتزاقي، وفعلت فرنسا الشيء نفسه، حيث أقرت الجمعية الوطنية الفرنسية في 3 نيسان/ أبريل 2003 قانوناً يعاقب المرتزق بالسجن خمسة أعوام وغرامة 75 ألف يورو، وتضاعف العقوبة تجاه القائمين على تجنيد المرتزقة بالسجن سبعة أعوام وغرامة مائة ألف يورو. أما بالنسبة للولايات المتحدة فإن المادة العقابية 959 من الباب 18 من القانون الأميركي تنص على أن "أي شخص على التراب الأميركي إذا انخرط أو التزم بتأجير نفسه أو استدعى شخصاً آخر أو حرض غيره على الانخراط أو الالتزام بخدمة جيش أمير أو دولة أو محمية أو منطقة أو شعب أجنبي كجندي أو قناص أو بحار على متن باخرة أو زورق حربي أو كان في طريقه إلى الحرب يعاقب بألف دولار غرامة مالية كحد أقصى، أو بالحبس لمدة ثلاث سنوات، أو بالعقوبتين معاً".

ما يمكن أن يقال حال إمعان النظر في تجربة "بلاك ووتر" وأخواتها، إنه طالما أن الحروب الاستعمارية التوسعية الجديدة قائمة، والحروب الأهلية والإقليمية محتمل نشوبها في أي مكان وأي زمان فإن دور المرتزقة سيظل قائماً، بل سيتعمق ويتسع.

* المصدر: الميادين نت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.