علموا أولادكم أن مصر لم تكن يوم ارض عابرة، بل كانت ساحة يمر منها تاريخ الوحي.    تركتمونا نموت لوحدنا    مرموش يعود إلى قائمة «الفراعنة»    كم خطوة تحتاج يوميا لتؤخر شيخوخة دماغك؟    المهرة.. جمرك شحن يعلن تعرض موظفيه للتهديد على ذمة الإيرادات والسلطة المحلية تنفي وتؤكد التزامها بالإصلاحات    البخيتي :حربنا مع السعودية لم تعد حدودية بل وجودية    محافظ المهرة.. تمرد وفساد يهددان جدية الحكومة ويستوجب الإقالة والمحاسبة    "مفاجأة مدوية".. ألونسو مهدد بالرحيل عن ريال مدريد وبيريز يبحث عن البديل    عملية ومكر اولئك هو يبور ضربة استخباراتية نوعية لانجاز امني    سرقة أكثر من 25 مليون دولار من صندوق الترويج السياحي منذ 2017    الجواسيس يكشفون أساليب التدريب والتقنيات المستخدمة واستغلال "المنظمات" للتجسس والإجرام    الكشف عن دور السعودية المخابراتي في دعم العدو الإسرائيلي    هل أنت إخواني؟.. اختبر نفسك    أوقفوا الاستنزاف للمال العام على حساب شعب يجوع    قيادة وزارة الشباب والرياضة تزور أضرحة الشهداء الصماد والرهوي والغماري    نائب وزير الشباب يؤكد المضي في توسيع قاعدة الأنشطة وتنفيذ المشاريع ذات الأولوية    الشعب ينهي مبارياته بتأكيد العلامة الكاملة وأهلي الغيل يحسم الصراع مع الأخضر لصالحه في بطولة البرنامج السعودي للكرة الطائرة    فرع القدم بوادي حضرموت يعقد أجتماعا موسعا باللجان .. ويناقش المرحلة المقبلة و اعداد الخطط الخاصة بذلك ..    عين الوطن الساهرة (1)    أبناء الحجرية في عدن.. إحسان الجنوب الذي قوبل بالغدر والنكران    صنعاء.. جمعية الصرافين تعمّم بإعادة التعامل مع منشأة صرافة    الدوري الانكليزي الممتاز: تشيلسي يعمق جراحات وولفرهامبتون ويبقيه بدون اي فوز    جرحى عسكريون ينصبون خيمة اعتصام في مأرب    قراءة تحليلية لنص "رجل يقبل حبيبته" ل"أحمد سيف حاشد"    الهيئة العامة لتنظيم شؤون النقل البري تعزّي ضحايا حادث العرقوب وتعلن تشكيل فرق ميدانية لمتابعة التحقيقات والإجراءات اللازمة    الوزير البكري يحث بعثة اليمن المشاركة في العاب التضامن الإسلامي في الرياض على تقديم افضل أداء    مأرب.. فعالية توعوية بمناسبة الأسبوع العالمي للسلامة الدوائية    "وثائق".. صنعاء.. قرار بتوزيع "علماء شريعة" على المحاكم يثير جدلاً واسعاً    محافظ عدن يزور أضرحة الصماد والرهوي والغماري    المستشفى العسكري يدشن مخيم لاسر الشهداء بميدان السبعين    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة السفير فكري السقّاف    نقابة المعلمين تستنكر تأخير الرواتب وتلوّح بالتصعيد    وفاة جيمس واتسون.. العالم الذي فكّ شيفرة الحمض النووي    بحضور رسمي وشعبي واسع.. تشييع مهيب للداعية ممدوح الحميري في تعز    وصول أولى قوافل التجهيزات الطبية الإمارات لمشافي شبوة    الهجرة الدولية ترصد نزوح 69 أسرة من مختلف المحافظات خلال الأسبوع الماضي    مصر تعلن اكتشافًا جديدًا للغاز في الصحراء الغربية    تغاريد حرة .. قل ما تريد ونحن نقطقط ما نريد    أكبر 10 دول تمتلك ذهبا "لم تمسه يد الإنسان"    القبض على مطلوب أمني خطير في اب    حجر الزنداني وحل الدولتين.. بين الواقع والأمل    لاعبة عربية تدخل قوائم المرشحين لجوائز "فيفا"    في ذكرى رحيل هاشم علي .. من "زهرة الحنُّون" إلى مقام الألفة    المحاسبة: من أين لك هذا؟    مدير ميناء المخا: الميناء، اصبح جاهز لاستقبال سفن الحاويات    مجلس الأمن يرفع العقوبات عن الرئيس السوري ووزير الداخلية    مأرب.. تسجيل 61 حالة وفاة وإصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام    على رأسها الشمندر.. 6 مشروبات لتقوية الدماغ والذاكرة    الذهب يصعد مدعوما بالإغلاق الحكومي الأمريكي    كما تدين تدان .. في الخير قبل الشر    الزكاة تدشن تحصيل وصرف زكاة الحبوب في جبل المحويت    صحة مأرب تعلن تسجيل 4 وفيات و57 إصابة بمرض الدفتيريا منذ بداية العام الجاري    الصحفي مطر الفتيح يطمئن على صحة الإعلامي القدير عبدالسلام فارع بعد رحلة علاجية في مصر    قياسي جديد.. 443 ألفا انتظار حفل مجيد    بنحب مصر وبلا حراسات.. زعماء أوروبا يمددون إقامتهم ويندمجون في الحياة المصرية    ضيوف الحضرة الإلهية    الشهادة في سبيل الله نجاح وفلاح    "جنوب يتناحر.. بعد أن كان جسداً واحداً"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل نبوءة "الايكونومست" ب "خراب مصر" بدأت تتحقق؟
نشر في المنتصف يوم 26 - 10 - 2016

منتصف شهر آب (اغسطس) الماضي خصصت مجلة “الايكونومست” البريطانية العريقة غلافها للحديث عن الاوضاع السياسية والاقتصادية في مصر، حمل عنوانا صادما “خراب مصر”، وتنبأت المجلة في تقريرها المطول بثورة شبابية وشيكة، حيث تصل معدلات البطالة الى 40%، وقالت ان أمام الشباب خيارين “أفضلهما الهجرة وأسوأهما التطرف”.

نبوءة “الايكونومست” بدأت تتحقق تدريجيا، وملامح الانهيار في الاقتصاد المصري بدأت تتبلور، والغضب الشعبي يتفاقم، وكان سائق “التوك توك” الذي انفجر ناقدا للأوضاع المعيشية الصعبة بأسلوب صادق ومعبر، أحد ابرز اوجه التعبير في هذا الصدد.

فمصر عادت الى عهد الطوابير امام الجمعيات ومحلات البقالة التي كانت سائدة في السبعينيات، فالمحلات خاوية، وأزمة اختفاء السكر تعكس “رمزية” حالة السخط وارتفاع الاسعار، واختفاء السلع الضرورية.

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قرأ تقرير المجلة البريطانية حتما، وهذا ما يفسر اختياره افتتاح المؤتمر الوطني للشباب لإلقاء خطبة عاطفية، اكد فيها انه قضى 10 سنوات وثلاجته خاوية الا من الماء، واعترف بالأزمات الخانقة، واكد انه مسؤول عن الحفاظ على الدولة من السقوط، وتوفير فرص العيش الكريم، والصحة الجيدة، وفرص العمل والاسكان للشباب، وحذر من تحركات يمكن ان تهدم البلد، ودعا للحوار، وتعهد بالإفراج عن شباب معتقلين دون محاكمة، وانتقد وسائل الاعلام، وقال انها “بعيدة عن الواقع″.

***
الرئيس السيسي بدأ يدرك حجم الاخطار الحقيقية التي تهدد نظامه، واراد ان يستميل الشباب الى صفه، ولكن فرص هذا الادراك من النجاح تبدو محدودة، لان حالة الغليان التي تسود الشارع المصري اوشكت على الانفجار، وقد تكون الدعوة للتظاهر يوم 11 تشرين الثاني “نوفمبر” المقبل ضد الغلاء، وترفع شعار “ثورة الغلابة”، هي المفجر للاحتقان الشعبي المتضخم في مصر.

مشاكل مصر عديدة، لكن اهمها في رأينا هي استفحال الفساد، وسوء الادارة، والثراء الفاحش لنخبة صغيرة تمتص عرق الاغلبية الساحقة المعدمة، وغياب اي قضية وطنية جامعة توحد الشعب المصري، وتجعله يقدم التضحيات لبلده وامته.

فمن الخطأ، بل من غير الاخلاقي، مطالبة الشعب المصري بالصبر، وتحمل الازمات المعيشية التي باتت تستعصي على التحمل، في ظل الفساد، واتساع الفجوة بين الفقراء والاغنياء، بطريقة يصعب ردمها او تقليصها.

كتبت علي الاقدار ان اعيش في مصر في السنة الاخيرة من حكم الرئيس جمال عبد الناصر، والسنوات الاربع الاولى من حكم الرئيس “المواطن” محمد انور السادات، وهي واحدة من احرج الفترات في تاريخ هذا البلد، لأنها جاءت بعد هزيمة عام 1967.

في زمن عبد الناصر كان كل شيء في مصر من صنعها وابنائها، ابتداء من معجون الاسنان، وانتهاء بالسيارات والحافلات، فالجميع يرتدي الملابس القطنية والصوفية المصرية، وينتعل الاحذية المصنعة محليا، وكانت البضائع المستوردة محصورة في شارع جانبي صغير، اسمه شارع الشواربي، لا يزيد طوله عن 50 مترا ويضم “بوتيكات” صغيرة تعرض بعض الملابس المستوردة بطريقة سرية خوفا من المصادرة.

بعد اقل من عام من وفاة الرئيس عبد الناصر، بدأ الرئيس السادات سياسة الانفتاح الاقتصادي، وابعاد المستشارين السوفييت، وبات كمال ادهم رئيس المخابرات السعودية الحاكم الخفي في مصر، وحل الامريكان محل السوفييت، وبدأت حالة من الغلاء لم يسبق لها مثيل، وبدأ الشعب المصري يعرف طوابير الدجاج والسكر والزيت الى آخر القائمة، للمرة الاولى في تاريخه.

لا ننفي ان عهد الرئيس عبدالناصر اتسم ببعض السلبيات، وابرزها مصادرة بعض الحريات، ووجود بعض حالات الفساد في اوساط بعض الضباط والفئة المحيطة بالنظام، ولكن الشعب المصري كان يعيش حالة من الرخاء، والهيبة، والكرامة، وعزة النفس، والاستقلال الحقيقي، فالتعليم كان افضل، والجامعات المصرية تتصدر المقدمة مع مثيلاتها، ومعظم الطلاب العرب والافارقة يدرسون فيها، والمرضى يحجون الى مستشفياتها من دول الخليج والمغرب العربي طلبا للعلاج.

عودتنا الى فترات مشرقة للماضي المصري (الرئيس عبد الناصر مات دون ان يملك بيتا او رصيدا في البنك، او حتى ما يورثه لأولاده)، لا يعني اننا نطالب بالشيء نفسه، فما كان جائزا قبل خمسين عاما، ربما لا يصلح اليوم في ظل المتغيرات العالمية على الصعد كافة، ولكن ما نريد التأكيد عليه ان مصر تعيش حالة انهيار اقتصادي، ناجم عن سوء الادارة، وانعدام قيم العمل، وغياب الحكم الرشيد، وتغول اعلام بارع في التضليل والنفاق والتزوير.

***
مصر بحاجة الى ثورة ادارية واخرى سياسية، مثلما هي بحاجة الى ثورة اجتماعية، ومصالحة وطنية تقود الى هوية مصرية عربية اسلامية مدنية جامعة، يتوحد الجميع تحت مظلتها، والا فان “ثورة الغلابة” ستطيح بالرئيس الثالث في اقل من ست سنوات.

الرئيس السيسي قال في خطابه “ان مصر تواجه لحظة الحقيقة ولا يمكن تجنب تحقيق اصلاحات اقتصادية صعبة ومؤجلة”، واعترف “ان صبر المصريين بدأ ينفذ”، وطالب بالحوار، وتشكيل لجنة لبحث الافراج عن بعض الشباب، وفي تقديرنا هذه الخطوات “ترقيعية” و”غير كافية”، ان لم تكن متأخرة ايضا.

مصر بحاجة الى قيادة تملك “رؤية”، وتحظى بدعم الشعب وتأييده ومساندته، وتستند الى مشروع وطني ريادي وقيادي يعيدها الى مكانتها التي تستحقها، ومن المظلم اننا لا نرى هذا المشروع، ولا نرى هذه القيادة في الوقت الراهن.

لا نريد ان تكون ثلاجة الرئيس السيسي، او اي مواطن مصري آخر فارغة، نريدها مليئة باللحوم والطيور والعصائر والخضروات مثل كل ثلاجات شعوب اخرى، كانت متخلفة جدا بالمقارنة مع مصر، مثل اليابان وكوريا وماليزيا والصين والقائمة طويلة.

ثلاجة الرئيس السيسي كانت فارغة بسبب الفساد، وسوء الادارة، والقيادة الخطأ، التي تبنت نصائح كمال ادهم وذهبت الى كامب ديفيد، وتخلت عن دورها القيادي والريادي ومشروعها الوطني.

* راي اليوم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.