لكم أن تتخيلوا أن المفكر الأمريكى نعوم تشومسكى، الاشتراكى المكافح ضد الاستعمار الأمريكى وذيوله الرجعية، قد ألقى محاضرة كاملة يدافع فيها عن الرئيس مرسى وعن مشروع الشاطر لبيع قناة السويس لقطر ويهاجم فيها الإمارات ويتهمها بالتآمر ضد مصر بسبب هذا المشروع العظيم. الخبر مصدره موقع على الإنترنت اسمه «أخبارك» من الواضح أنه نسخة محسنة من اللجان الإلكترونية التى أنشأها الشاطر، ولأننا لانحب الكلام مجهل المصدر، فهذا هو «لينك» الخبر:http://www.akhbarak.net/ وعلى صفحة على الفيسبوك إخوانية أبا عن مرشد عن جد، اسمها «تحذير رئيس فلول أو تزوير هنملا الميادين»، تم إنشاؤها أيام إرهاب الانتخابات الرئاسية، تبين فى «خبر عاجل وهام» أن مهاتير محمد الخبير الاقتصادى العالمى بانى نهضة جنوب شرق آسيا ألقى بخطبة كاملة قال فيها إن مصر لن تفلس وأن لديها ثروات تكفى لمساعدة ربع دول العالم وأضاف والدموع تقطر من عينيه: «أنا حزين على مصر وشعبكم فلقد تعرضتم فى مصر لما يفوق الخيال فى الاحتيال والسرقات وتجريف الثروات المادية والطبيعية والافتراضية لو صح التعبير حتى أن «الفايكنج» وهم أشرس الغزاة الذين شهدهم التاريخ البشرى فى أوروبا ما كانوا سيتمكنون من سرقة مواردكم مثلما فعل بكم نظام مبارك». ولم يفت الاقتصادى العظيم أن يختم خطبته بقوله: «لا يمكننى إلا الإعراب عن ثقتى وتقديرى لنزاهة وشفافية وحنكة حزب الإخوان المسلمين فى مصر واعلموا أن العالم لا يرى حاليا فى مصر من يمكن الحديث معه إلا الإخوان المسلمين بعد أن تراجع دور الأحزاب الليبرالية فى البناء والتنمية وتحولهم إلى ما يشبه ميليشيات لهدم دولتكم والعداء والتعدى على إرادة شعبكم العظيم ». الخبر مذيل باسم «هانى سيد أمين.أخصائى النفخ»، وواضح أنه عجلاتى أتوا به ليعمل مترجما فى اللجان الإلكترونية، وقد أصلحت له أخطاءه الإملائية والنحوية لأن مصححى الجريدة لن يسمحوا بها! طبعا لا كلام تشومسكى ولا كلام مهاتير له أى أساس من الصحة، أو المرض، ولكنها خطوة جديدة فى طريق الكذب المباح القراح الذى اعتمده الإخوان منهجا ووسيلة من أكبرهم إلى أصغر عجلاتى فى لجانهم الالكترونية. هذه الأخبار الملفقة بالكامل نقلة فى عالم الصحافة لم يدركها النظام السابق الذى كان مشهورا بالكذب أيضا، ولكن على طريقة اقتطاع جملة من سياقها وترجمتها بطريقة معينة بحيث تنفخ فى المعنى أو تعطى معنى مختلفًا تماما. وهى طريقة اعتمدها الإخوان أيضا كما نرى مثلا فى الخبر الذى روجوه على صفحاتهم منذ حوالى أسبوع بعنوان «الواشنطون بوست تدافع عن إعلان مرسى الدستورى وتقول إن المحكمة الدستورية المصرية متعفنة ويجب تطهيرها»، وتحت العنوان فقرتان على لسان اثنين من الخبراء السياسيين الأمريكيين يبررون فيه قرارات مرسى ويؤكدون أن لها سوابق فى البلاد التى حدثت فيها ثورات وأن القضاء المصرى فاسد مثل بقية مؤسسات مبارك ومن حق مرسى تطهيره. ولأنى أشم رائحة الترجمة الخطأ على بعد أميال بحكم عملى كمترجم ورئيس لقسم الترجمة منذ عشرين عاما، فقد بحثت عن أصل الخبر المجهل – كعادتهم- ووجدت أن هناك تقريرا فعلا على موقع «واشنطون بوست» على الإنترنت، ولكنه يضم آراء عدد كبير من المحللين معظمهم «نفخوا» إعلان مرسى وقراراته الديكتاتورية، واثنان فقط هم الذين التمسوا له العذر أو التبرير، ولكن حتى ترجمة ما قاله الاثنان شابها الكثير من المبالغة والتحريف فى الترجمة. هذه الترجمة «التعبيرية»، على طريقة صورة مبارك فى «الأهرام» أيام أسامة سرايا، هى جريمة صحفية معتادة كنا نظن أن تحرير وتطهير الإعلام بعد الثورة من شأنه أن يقضى عليها، ولكن من الواضح أن الإخوان الذين غلبوا مبارك فى التزوير والتصريحات الكاذبة والتخريب الاقتصادى والولاء لأمريكا وإسرائيل قرروا أن يغلبوه أيضا فى الفساد الإعلامى! * "الفجر" المصرية