لكل ثورة ايقونتها الرمز، وفي ساحة "تقسيم" في اسطنيول، كانت ايقونة الاحتجاجات ضد سياسات رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان، حسناء تركية في العشرينات، برداء احمر وحقيبة، وقفت امام خراطيم المياه ورذاذ الملح الحار والقنابل المسيلة للدموع. وبينما تراجع المحتجون امام التدفق القوي للمياه من الخراطيم التي توجهها الشرطة باتجاه المحتجين، ضلت الفتاة لا تزحزح قدماً. كان المحتجون في صف واحد، مثل جدار، لكن الشرطي ترك كل هؤلاء، وتحرك بأدواته القمعية نحو الفتاة التي ركنت في الجهة المقابلة لكتل المتظاهرين البشرية. لكن المثير في الامر، ان الفتاة وهي ترتدي الثوب المثير للانتباه وبتسريحة شعر عصرية، وحذاء لامع، بدت وكأنها ذاهبة الى حفلة او سهرة وليس الى مركز احتجاج. يقول مراقبون ان ما حدث ليس عفوياً، بل هو مخاض الصراع الاجتماعي والسياسي بين العلمانية والاسلمة في تركيا، وان الفتاة ذات اللون الاحمر و المئات من الشباب، يمثلون الفئة المتفتحة على الغرب والتي تقف بوجه الاجندة المحافظة التي بدت اليوم في تركيا بارزة اكثر من أي وقت مضى. ولم يكن اللون الاحمر مصادفة، في احتجاجات تركيا، فقد رفعه المتظاهرون في كل مكان لانه يمثل اليسار الراديكالي في تركيا، حيث تتخذ منه الكثير من الاحزاب المعارضة والداعية الى التشبت بافكار كمال اتاتورك شعارا لها.