- (خط المنتصف)* كلما منّينا أنفسنا بالاقتراب من الديمقراطية بفكرها الغربي الخام يتم عسكرتها إلى أن تتلوث وتُعقر في وحل الجنرالات ورجالات الدين والمشيخ، نعيش ديمقراطية تم معايرتها بطريقة قذرة تتكيف مع مزاج التعفن بفكر التآمر، في الغالب تم ترويضها بصورة مرهقة إلى أن طفحت بالنزوات ثم أطلقت لتمارس مغامراتها وعروضها الهابطة، تبدو كعاهرة تجد في نهاية كل قبح استعراضي لها من يصفق ويهز رأسه طرباً لأجلها. كم أن حياتنا ومستقبلنا ووجودنا منتهك، تستبيحه ديمقراطية بلهاء جعلتنا أشبه بحقل تجارب لإخفاقاتها المتتالية، نتجرعها لتزيد من مضاعفات وطن عليل منهك وتلحقنا بمزيد من الأذى والسقم. على نحو مخيب تجدها مقتادة خلف شيخ قبيلة أو بمعية رجل دين، عليك أن تستجديها من جنرال عسكري عتيق، المعارض والحاكم والمتدين والليبرالي كل باسمه وعلى نيته يداعبها ويعزف على دروبها أعذب الألحان، وهم يتصارعون كما الثيران. شغفون ومتلهفون للانغماس بها حد الجنون. اللجوء للشارع وتشكيل جبهة احتجاج للإطاحة بالنظام (ديمقراطية)، الاحتكام للصندوق وما جاء به (ديمقراطية)، التمسك بالشرعية باعتبارها محصلة لفعل ديمقراطي تراكمي (ديمقراطية)، متى ما اختزلت في التمرد والغضب والعبث فإنها (ديمقراطية)، متى ما سعينا لتهذيبها وفق نظرية إرادة الشعب نصبح ديمقراطيين وهي (ديمقراطية)، لا نتوانى في تسطير أروع الأمثلة في الحرية والكرامة، ونذهل العالم بتحول ديمقراطي تاريخي مرات عدة، فيما نذهله أننا نغرد خارج السرب. ولا أدري بشيء فيما الذهول غير الهبل الديمقراطي الذي ندعيه خلف كل نكبة نصنعها بفعل الديمقراطية المتعثرة. إنها ديمقراطية تفقدك الصواب.. [email protected] * صحيفة "المنتصف"