مجهولون يشعلون النيران في أكبر جمعية تعاونية لتسويق المحاصيل الزراعية خارج اليمن    طالب شرعبي يعتنق المسيحية ليتزوج بامرأة هندية تقيم مع صديقها    تجاوز قضية الجنوب لن يغرق الإنتقالي لوحده.. بل سيغرق اليمن والإقليم    ما الذي يتذكره الجنوبيون عن تاريخ المجرم الهالك "حميد القشيبي"    فريدمان أولا أمن إسرائيل والباقي تفاصيل    شرطة أمريكا تواجه احتجاجات دعم غزة بسلاح الاعتقالات    تضامن حضرموت يحسم الصراع ويبلغ المربع الذهبي لبطولة كرة السلة لأندية حضرموت    الزندان أحرق أرشيف "شرطة كريتر" لأن ملفاتها تحوي مخازيه ومجونه    شاهد لحظة اختطاف الحوثيين للناشط "خالد العراسي" بصنعاء بسبب نشره عن فضيحة المبيدات المحظورة    الصين توجه رسالة حادة للحوثيين بشأن هجمات البحر الأحمر    الحوثيون يلزمون صالات الأعراس في عمران بفتح الاهازيج والزوامل بدلا من الأغاني    مشادة محمد صلاح وكلوب تبرز انفراط عقد ليفربول هذا الموسم    وفاة شابين يمنيين بحادث مروري مروع في البحرين    دعاء يغفر الذنوب لو كانت كالجبال.. ردده الآن وافتح صفحة جديدة مع الله    اليمنية تنفي شراء طائرات جديدة من الإمارات وتؤكد سعيها لتطوير أسطولها    بينما يذرف الدموع الكاذبة على نساء وأطفال غزة.. شاهد مجزرة عبدالملك الحوثي بحق نساء تعز    الدوري الاسباني: اتلتيكو مدريد يعزز مركزه بفوز على بلباو    تشيلسي ينجو من الهزيمة بتعادل ثمين امام استون فيلا    مصلحة الدفاع المدني ومفوضية الكشافة ينفذون ورشة توعوية حول التعامل مع الكوارث    عملية تحرير "بانافع": شجاعة رجال الأمن تُعيد الأمل لأهالي شبوة.    ضربة قوية للحوثيين بتعز: سقوط قيادي بارز علي يد الجيش الوطني    وصول أول دفعة من الفرق الطبية السعودية للمخيم التطوعي بمستشفى الأمير محمد بن سلمان في عدن (فيديو)    مؤتمر برلمانيون لأجل القدس يطالب بدعم جهود محاكمة الاحتلال على جرائم الإبادة بغزة    القات: عدو صامت يُحصد أرواح اليمنيين!    إصابة شخصين برصاص مليشيا الحوثي في محافظة إب    قيادية بارزة تحريض الفتيات على التبرج في الضالع..اليك الحقيقة    الشيخ الأحمر: أكرمه الأمير سلطان فجازى المملكة بتخريب التعليم السعودي    قبل شراء سلام زائف.. يجب حصول محافظات النفط على 50% من قيمة الإنتاج    الحكومة تدين اختطاف مليشيا الحوثي للصحفي العراسي على خلفية تناولاته لفضيحة المبيدات القاتلة    وزارة الحج والعمرة السعودية تحذر من شركات الحج الوهمية وتؤكد أنه لا حج إلا بتأشيرة حج    قضية اليمن واحدة والوجع في الرأس    فريق طبي سعودي يصل عدن لإقامة مخيم تطوعي في مستشفى الامير محمد بن سلمان    «كاك بنك» يدشن برنامج تدريبي في إعداد الخطة التشغيلية لقياداته الإدارية    اختطاف خطيب مسجد في إب بسبب دعوته لإقامة صلاة الغائب على الشيخ الزنداني    ارتفاع إصابات الكوليرا في اليمن إلى 18 ألف حالة    أسفر عن مقتل وإصابة 6 يمنيين.. اليمن يدين قصف حقل للغاز في كردستان العراق    استشاري سعودي يحذر من تناول أطعمة تزيد من احتمال حدوث جلطة القلب ويكشف البديل    اليوم السبت : سيئون مع شبام والوحدة مع البرق في الدور الثاني للبطولة الرمضانية لكرة السلة لأندية حضرموت    الذهب يتجه لتسجيل أول خسارة أسبوعية في 6 أسابيع    "نهائي عربي" في بطولة دوري أبطال أفريقيا    القبض على عصابة من خارج حضرموت قتلت مواطن وألقته في مجرى السيول    لماذا يخوض الجميع في الكتابة عن الافلام والمسلسلات؟    الزنداني لم يكن حاله حال نفسه من المسجد إلى بيته، الزنداني تاريخ أسود بقهر الرجال    بعد القبض على الجناة.. الرواية الحوثية بشأن مقتل طفل في أحد فنادق إب    «كاك بنك» يشارك في اليوم العربي للشمول المالي 2024    أكاديمي سعودي يلعنهم ويعدد جرائم الاخوان المخترقين لمنظومة التعليم السعودي    ريال مدريد يقترب من التتويج بلقب الليغا    حزب الإصلاح يسدد قيمة أسهم المواطنين المنكوبين في شركة الزنداني للأسماك    من كتب يلُبج.. قاعدة تعامل حكام صنعاء مع قادة الفكر الجنوبي ومثقفيه    لا يوجد علم اسمه الإعجاز العلمي في القرآن    نقابة مستوردي وتجار الأدوية تحذر من نفاذ الأدوية من السوق الدوائي مع عودة وباء كوليرا    طلاق فنان شهير من زوجته بعد 12 عامًا على الزواج    الشاعر باحارثة يشارك في مهرجان الوطن العربي للإبداع الثقافي الدولي بسلطنة عمان    - أقرأ كيف يقارع حسين العماد بشعره الظلم والفساد ويحوله لوقود من الجمر والدموع،فاق العشرات من التقارير والتحقيقات الصحفية في كشفها    أعلامي سعودي شهير: رحل الزنداني وترك لنا فتاوى جاهلة واكتشافات علمية ساذجة    لحظة يازمن    وفاة الاديب والكاتب الصحفي محمد المساح    لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نجاح ثورة 26 سبتمبر فجر طاقات الشعب في عدن

لقد كُتبت العشرات من الأبحاث والمؤلفات عن ثورة "14 أكتوبر" عام 1963، ولكننا من خلال اطلاعنا على معظم تلك الأعمال التاريخية، نجد كل ما ذكر عن ليلة الثورة قد اختصر في أسطر، وفي أحسن الأحوال في صفحات لا يزيد عددها عن أصابع اليد الواحدة. ولهذا توصلنا إلى قناعة تامةٍ بأنّ ثورة مثل "14 أكتوبر" غيَّرت مجرى التاريخ في جزءٍ كبيرٍ من الوطن اليمني لم تعط حقها من البحث والتدقيق وخاصة اليوم الأول من الثورة وما سبقه من أحداث أدت إلى حتمية إشراقة شمسه اليمانية من أعالي قمم جبال ردفان الأبية.
وقد ارتأينا أن تكون ورقتنا البحثية عبارة عن إجابات على الأسئلة التالية:

– ما أسباب زيادة وتيرة الانتفاضات الشعبية في الخمسينيات من القرن الماضي؟

– تأسيس أول إطار جبهوي مضاد للاستعمار البريطاني عام 1957 في صنعاء والمشاركين فيه.
– استقبال أبناء الجنوب لنبأ قيام ثورة "26 سبتمبر" ومشاركة أول أفواج المتطوعين للدفاع عنها والمواقع التي قاتلوا فيها وقياداتهم وأسباب ذلك.
– تبني قيادة ثورة سبتمبر لتشكيل أول إطار سياسي، بعد الثورة للنضال ضد الاستعمار البريطاني وأسباب فشله.
– تأثير الخلافات السياسية في صنعاء على تشكيل الأطر السياسية الجنوبية.
– الدور الذي لعبته حركة القوميين العرب في إنشاء ثاني إطار سياسي (جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل) نجاحات هذا الإطار وأسباب فشله.
– انعكاسات الخلافات بين القيادات المصرية والقيادات اليمنية على الحركة السياسية الجنوبية.
– مذكرة أبناء الجنوب اليمني إلى لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة ومطالبهم إلى الرئيس عبدالله السلال.
– أسباب دعم بعض القيادات في صنعاء لحزب الشعب الاشتراكي بقيادة عبدالله الأصنج.
– صدور أول بيان يتبنى الجبهة القومية.
– تأسيس الجبهة القومية.
– هل ما قيل وما دُوِّن في الكتب بأنّ قيادة الجبهة القومية تمّ تشكيلها بالتساوي بين حركة القوميين العرب وتشكيل القبائل؟ نظرتنا تقول عكس ذلك تماماً وما دوِّن غير صحيح.
13 – متى تمّ تشكيل أو إطار قيادي للجبهة القومية والمنظمات التي تشكلت منها الجبهة القومية وقيادتها في تلك الفترة؟
– تفجير ثورة "14 أكتوبر".. هل كان مخططاً؟ حقيقةً لقد تعرضت هذه الثورة للتشويه.
– ما مضمون الإنذار البريطاني للثوار في ردفان؟ ورد الثوار عليه!
– استشهاد الثائر لبوزة ومن الذي أعلن استشهاده؟
انتفاضات
– ما العوامل التي أدت إلى إعلان الثورة من ردفان دون غيرها من مناطق الجنوب؟
الكُل يدرك أنّ الشعب اليمني، في شمال الوطن وجنوبه، قام بالعديد من الانتفاضات والثورات الوطنية ضد الحكم الإمامي في الشمال ومنها ثورة 1948 وحركة 1955م ومحاولة اغتيال الإمام أحمد في عام 1961م. وفي الجنوب قامت العديد من الانتفاضات ضد الحكم الاستعماري البريطاني، ولكننا سوف نستعرض أبرز الانتفاضات التي قامت في الخمسينيات.. انتفاضة الشيخ محمد عيدروس وغيرها من القرن الماضي (القرن العشرين).

ففي شهر مارس من عام 1956، شهدت عدن حوالي (30) إضراباً عمالياً، وفي يونيو من العام نفسه قام الثوار في بيحان محافظة شبوة بالهجوم على المركز الحكومي، وفي خريف عام 1956 أثارت الأحداث التي شهدتها مصر، على إثر العدوان الثلاثي على مصر من قبل إسرائيل وفرنسا وبريطانيا، غضب الشعب اليمني، فازدادت وتيرة العمل الوطني، ضد التواجد البريطاني في المستعمرة عدن والمحميات الشرقية والغربية، فعمل المستعمرون على زيادة التوغل في المناطق الريفية لاسيما المحاذية لأراضي المملكة المتوكلية في الشمال.
في الأثناء، تدفقت الأسلحة من الثوار والقوى الوطنية في شمال اليمن لدعم الانتفاضة الثورية في المحميات الغربية والشرقية مثل الضالع وردفان والصبيحة ولحج ويافع والعوالق العليا والعوالق السفلى والفضلي وبيحان.
وقد شهدت المحميات الغربية في شهر فبراير عام 1957 أكثر من خمسين حادثة معظمها إطلاق نار على المراكز البريطانية وعلى المسؤولين المحليين في كلٍ من ردفان وحالمين والضالع، وفي 24 فبراير 1957 نصب (16) رجلاً من قبيلة الأزارق كميناً لدورية عسكرية بريطانية تتكوّن من (22) فرداًً من أفراد قوات (الكاميرون مايلاندر) أسفر عن مقتل اثنين من الدورية وإصابة ستة بجروح.
وفي أغسطس أو سبتمبر من العام نفسه، بدأت انتفاضة قبيلة الشعار في إمارة الضالع، فتضامن معهم أبناء القبائل الأخرى، حتى أنّه عند مرور القوات العسكرية الخارجة من عدن عبر لحج لقمع تلك الانتفاضة وزعت المنشورات في لحج، تدعو أفراد جيش الليوي والحرس الحكومي إلى الثورة والهروب من الخدمة العسكرية، وتمّ رمي تلك القوات أثناء مرورها بلحج بالحجارة، كما انتفضت قبائل بيحان ودثينة وقامت القوات البريطانية باعتقال العديد منهم وصادرت الممتلكات.
وفي عام 1958، رفض سلطان لحج علي عبدالكريم الانضمام إلى اتحاد الإمارات للجنوب العربي، فأرسلت بريطانيا في نيسان أبريل 1958 (4000) جندي تدعمهم الأسلحة الثقيلة واحتلت السلطنة، تحت مبرر اكتشاف مخازن للأسلحة والذخائر، وعلى إثر ذلك نزح جزء من قوات سلطان لحج إلى تعز بلغ عددهم 45 ضابطاً و300 جندي.
وفي 22 أبريل 1958، قامت قبائل الشاعري والدكام والحميدي والأحمدي والأزرقي والمحاربة وجحافة وبني سعيد وحالمين وردفان باحتلال مركز (السرير) في جبل جحاف بقصد السيطرة عليه، أما في يافع السفلى فقد نشب خلاف بين السلطان محمد عيدروس والبريطانيين على أسعار القطن الذي كانت تتحكم به السلطات البريطانية، فعملت بريطانيا على عزل السلطان محمد عيدروس الذي قاوم الإجراءات البريطانية، فاستمرت العمليات القتالية بين السلطان عيدروس وقوات الاحتلال البريطاني من فبراير 1958 إلى أبريل 1961، واستخدمت القيادة العسكرية البريطانية كل وسائل التدمير ضد قوات السلطان بما فيها الطيران الذي دمر تدميراً كاملاً معقل السلطان محمد عيدروس في قلعة (القارة) الحصينة في يافع وعلى إثرها نزح السلطان عيدروس إلى تعز.

العاصفة العدنية

وفي 19 يوليو 1958، اندلعت اتنفاضة قبائل سيسان والمناهيل في حضرموت، كما قامت قبائل الربيزي في العوالق في مارس 1959 على إجبار القوات البريطانية على الانسحاب من المراكز العسكرية التي أقاموها في العوالق، فقامت القوات البريطانية بقصف مناطق تلك القبائل بواسطة الطيران مما أدى إلى استشهاد عدد من الثوار وأحرقت المزارع، وأبيدت المواشي وتشردت الأسر ولجأ الثوار إلى الجبال لمواصلة المقاومة.
ويمكننا القول إنّه خلال الفترة من 56 – 1958 شهدت الانتفاضة الثورة في المحميات الغربية والشرقية اطراداً في الكم والكيف نتيجة للمد الثوري العربي الذي خلفته الثورة العربية في مصرَ منذ قيامها في عام 1952م وتنامي الوعي الوطني بأهمية النضال ضد المستعمر، واستفادت المقاومة الشعبية من الدعم المحدود الذي تلقته من الثوار في الشمال، وزادت الهجمات العسكرية البريطانية مع تعاون الإمام أحمد مع البريطانيين بعدما شعر بزيادة وعي الشعب اليمني في الشمال والجنوب ورغبتهم العامرة في التخلص من النظام الامامي في شمال اليمن والاستعمار البريطاني في جنوب اليمن ضد القبائل الثائرة التي لم تجد معظمها –وخاصة القيادات– من وسيلة سوى اللجوء إلى المناطق الشمالية أو الهجرة إلى دول عربية مثل الكويت والسعودية. ومع ذلك فإنّ تلك القيادات التي لجأت إلى الشمال. قبل قيام ثورة 26 سبتمبر 1962، حاولت أن تتخذ من الشمال قاعدة لانطلاقتها النضالية ضد المستعمر، وتكوَّنت في عام 1957 جبهة سميت "العاصفة العدنية" بقيادة محمد عبده نعمان الحكيمي الأمين العام للجبهة الوطنية المتحدة وكانت تذيع برنامجاً إذاعياً من إذاعة صنعاء باسم (صوت الجنوب)، لكن الإمام رفض أي نشاط لهم في صنعاء، فعملت مجموعة من المناضلين على تكوين تجمع جديد لهم في منطقة البيضاء الحدودية برئاسة محمد عبده نعمان الحكيمي ومقبل باعزب، وباشتراك عدد من رؤساء القبائل ومنهم: أحمد سالم الحميري وعمر سالم الدماني والعاقل حسن المجعلي وعبدالله مساعد المصعبي وناصر علوي السقاف ومحمد صالح الحوشبي والسلطان محمد عيدروس ومحمد صالح المصلي وعيدروس بن أحمد وأمذيب صالح بن فريد، وأسسوا هيئة تحرير الجنوب اليمني المحتل وحصلوا على بعض الأسلحة من مصرَ عام 1960م، لكن الإمام لم يسمح بخروج هذه الأسلحة من ميناء الحديدة.
فكان لتلك المواقف التي اتبعها الحكم الإمامي ضد القيادات الوطنية بالغ الأثر في تكوين الحقد وروح الانتقام من النظام في صنعاء.

تأثير ثورة 26 سبتمبر

عند إعلان قيام الثورة صبيحة يوم الخميس 26 سبتمبر 1962، عبرت الجماهير اليمنية عن فرحتها بهذا الحدث العظيم في كل قرية ومدينة دون استثناء، إلا أنّ تعبير الجماهير الجنوبية المحتلة حينها من قبل الاستعمار البريطاني كان له طابع مميز أظهر ثقل هذه الثورة، وفجر طاقات الشعب الوطنية، فقد خرجت الجماهير في شوارع مدينة عدن تردد الأناشيد الثورية المعبرة عن التأييد للثورة، ونشطت اجتماعات القوى الوطنية، وفي مقدمتها الحركة العمالية والأحزاب السياسية، وبدأت طلائع المتطوعين للدفاع عن ثورة سبتمبر تتجه نحو عاصمة الثورة صنعاء، منذ الأسبوع الأول لقيام الثورة وخاصة من المستعمرة عدن التي كانت الجماهير فيها أكثر وعياً وتنظيماً، ثمّ تقاطرت أفواج المتطوعين من كل من لحج وأبين وشبوة والضالع ويافع وحالمين والأزارق والشعيب والصبيحة.. إلخ.
وإنّه لمن الصعب رصد دور أبناء الجنوب في الدفاع عن ثورة سبتمبر، ولكننا سنعمل هنا على ذكر الدور الذي قامت به المجاميع الأولى من المتطوعين.
بعد وصول أفواج المتطوعين من الجنوب إلى مدينة تعز عملت القيادة العربية المشتركة، المكونة من القيادات العسكرية اليمنية والمصرية على توزيع المجاميع الأولى من المتطوعين الجنوبيين في ثلاث جبهات رئيسية هي:
– 1 جبهة خولان: أرسلت إلى هذه الجبهة مجموعة مكوَّنة من أكثر من (90) مقاتلاً معظمهم من العسكريين في المؤسسات العسكرية والأمنية الجنوبية الذين هربوا من وحداتهم بغرض التطوع للدفاع عن ثورة سبتمبر والعناصر الهاربة إلى الشمال قبل الثورة، وقد عين قائداً لهذه المجموعة الرائد محمد أحمد الدقم من (الصبيحة) وكان من قيادات هذه الجبهة المناضلي علي عبدالله السلال.
2 – جبهة الحيمتين: بلغ عدد أفراد هذه المجموعة حوالي (100) متطوع ومعظم أفرادها من العمال والطلاب والمدرسين الذين جاءوا من المستعمرة عدن، وقد عين قائداً لهذه المجموعة الأستاذ محمد عبده نعمان الحكيمي.
3 –جبهة المحابشة في لواء حجة: بلغ عدد المجموعة أكثر من (120) مقاتلاً ومعظمهم من قبل ردفان، وكانت هذه المجموعة بقيادة الثائر راجح بن غالب لبوزة وأيضاً بقيادة الكبسي.
وقد أتى توزيع المتطوعين الجنوبيين على هذه الجبهات نتاجاً لأسباب عدة أهمها:
–1 ضراوة المعارك التي تشهدها تلك المناطق.
– 2 تمكين أفراد المجموعات من القتال في جبهات ومواقع محددة يسهل التجانس فيما بينهم.
3 – اطمئنان القيادات العسكرية المصرية المتواجدة في تلك المناطق إلى عدم قدرة الاستخبارات العسكرية على اختراق أفراد تلك المجموعات.
–4 تمتع أفراد تلك المجموعات بشيء من روح الانضباط للأوامر.

هيئة تحرير الجنوب

إلا أنّه يمكن الإشارة إلى أنّ هذه الجبهات لم تبقَ فيما بعد هي وحدها التي تمّ توزيع المتطوعين فيها من أبناء الجنوب بعد أن زاد عددهم، فقد تمّ توزيعهم على معظم جبهات القتال ضد الملكية، وتمّ إلحاقهم في صفوف الحرس الوطني والجيش، حتى أنّ بعضهم تمّ إلحاقهم بالكلية الحربية كطلبة ليتخرجوا منها قيادات عسكرية مؤهلة في جبهات القتال أمثال : ثابت عبده حسين وعبدالله علي الضالعي وأحمد مهدي المنتصر وغيرهم.
كلنا يعرف أنّ الحكم الاستعماري البريطاني في الجنوب اليمني المحتل، كان موقفه معادياً لثورة "سبتمبر" منذ اليوم الأول لميلادها، وبعد شهرين من قيامها بدأت السلطات الاستعمارية بتجميع بعض العناصر اليمنية المعادية للثورة وبعض المرتزقة الغربيين على حدود (بيحان – حريب) فعملت بعض المجاميع التي كانت متواجدة في الشمال قبل قيام ثورة سبتمبر في نهاية عام 1962 على إعادة تنظيم نفسها في إطار سياسي يمثل أبناء الجنوب أمام القيادة في صنعاء لعرض مشروع الكفاح المسلح عليها، وسُميت هذه الجبهة (بهيئة تحرير الجنوب اليمني المحتل)، وكان من أبرز نشطائها محمد عبده نعمان الحكيمي، والسلطان محمد عيدروس ومحمد صالح المصلي والأمير عبدالحميد محمد سرور، الرائد محمد أحمد الدقم، ومقبل عاتق باعزب، وعلي بن أبي بكر بن فريد وجعفان بن أبي بكر وأحمد سالم الحميري وسالم عمر الدماني وسالم علي معور الربيزي وأحمد علوي المصعبي ومنصور محمد عواس وأحمد مهدي المنتصر والمقدم محمد مفضل ومهدي عثمان المصقري وعبدالصفي صالح عوض الرجاعي. فحظيت هذه الهيئة بدعم حزب الشعب الاشتراكي والمؤتمر العمالي وبعض القيادات في صنعاء، وفي مقدمته اللواء حسن العمري، وتمّ افتتاح مقرها فوق باب دار السعادة حالياً (المتحف الوطني) في صنعاء، إلا أنّ القيادات المصرية لم تكن راضية عن هذه الهيئة، فلم تحضر افتتاح مقرها، فاستمرت هذه الهيئة حتى مطلع عام 1964 ولكنها محدودة النشاط.
وفي هذه الفترة، كان الخلاف بين القيادات المصرية والقيادات البعثية اليمنية ومعها بعض الوجاهات الاجتماعية واضحاً للعيان. كما أنّه في بداية عام 1963 ازدادت العمليات العسكرية الموجهة ضد الثورة السبتمبرية والتواجد المصري في الشمال المدعومة من السلطات الاستعمارية البريطانية، فبدأت القيادات العسكرية المصرية (الاستخبارات) تفكر بإيجاد إطار سياسي لأبناء الجنوب الموجودين في الشمال، يستطيعون من خلاله تنظيم أنفسهم للقيام بعمليات عسكرية وقائية ضد التواجد البريطاني في الجنوب، هي في الأساس عمليات إرباكية أكثر منها هجومية، فالقيادة المصرية كانت في تلك الفترة لا تود فتح جبهة أخرى على الحدود الجنوبية بينما كانت منشغلة في الجبهة الشمالية على حدود السعودية.
فاستغلت حركة القوميين العرب وبصورة ذكية هذا التوجه وخلافات القيادة المصرية مع البعثيين، وبدأت الحركة التي كان يقودها في الجنوب فيصل عبداللطيف الشعبي وفي الشمال مالك الإرياني، تروج للكفاح المسلح، وتعد العدة لإنشاء تنظيم منبثق عنها، وأجرت اتصالات مع قياداتها في الخارج مثل جورج حبش ومحسن إبراهيم وهاني الهندي للاتصال بالزعيم جمال عبدالناصر في الحصول على الضوء الأخضر لتأسيس ذلك الإطار ونقل قحطان محمد الشعبي من القاهرة إلى صنعاء ليقود هذا العمل بعد أنْ تمّ تعيينه مستشاراً للرئيس عبدالله السلال لشؤون الجنوب. وخلال تواجد قحطان الشعبي في صنعاء أستطاع أن يلتقي العديد من الشخصيات الوطنية من أبناء الجنوب وينال ثقتهم.
على الرغم من أنّ الباحثين لم يحاولوا في دراستهم أن يشيروا إلى انعكاسات الخلافات التي ظهرت بين بعض القيادات الكبيرة في صنعاء وانعكاساتها على مسار الحركة الوطنية في الجنوب، إلا أنّه في الحقيقة لا مفر من توضيح ذلك ليس لإبراز جوانب السلب وإنّما لإبراز الترابط بين قوى الحركة الوطنية اليمنية في الشمال والجنوب حتى على مستوى الصراعات التي كان يشهدها الوطن العربي بشكل عام والساحة اليمنية بشكل خاص، فقد كان الخلاف على الصعيد العربي قائماً بين تيار القيادة المصرية من جهةٍ وتيار البعث العربي من جهةٍ ثانية، وكان لذلك الخلاف تأثيره على الساحة اليمنية وخاصة في صنعاء (على مستوى القيادات).
وقد أشرنا سابقاً إلى أنّه تمّ تأسيس (هيئة تحرير الجنوب اليمني المحتل) في نهاية 1962. لكن هذه الهيئة لم تحظَ بدعم القيادات العربية المصرية مما أضعف دورها رغم أنّها حصلت على دعم بعض القيادات اليمنية، فكان لا بد من إيجاد إطار سياسي جديد، وبناءً على دعوة من المجاميع الجنوبية الموجودة في صنعاء والتي كانت غير منضمة إلى هيئة تحرير الجنوب (اليمني المحتل) عقد اجتماع في 24 فبراير 1963 في دار السعادة بصنعاء (مؤتمر للقوى الوطنية) حضره أكثر من 100 ممثل للوطنيين المستقلين وممثلي الضباط الأحرار وقادة حركة القوميين العرب، وتمّ التوصل إلى اتفاق حول توحيد جميع القوى الوطنية في جبهة موحدة أطلق عليها (جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل). وانتخب لها مكتب سياسي مكوّن من 11 شخصاً وهم :
-1 قحطان محمد الشعبي.
– 2 ناصر علوي السقاف.
-3 عبدالله المجعلي.
-4 محمد علي الصماتي.
-5 ثابت علي المنصوري.
6 – محمد أحمد الدقم.
– 7 بخيت مليط الحميد.
– 8 أحمد عبدالله العولقي.
-9 عيدروس حسين القاضي.
-10 أحمد علي الكاظمي.
11 – عبدالله محمد الصلاحي.
وعقد المكتب السياسي عدة اجتماعات توصل بعدها إلى إعداد مشروع ميثاق قومي تمت المصادقة عليه في 8 مارس 1963م وأقره الحاضرون من رجال القبائل والجنود والضباط الأحرار وممثلي القوميين العرب. إلا أنّ هذه الجبهة، التي حظيت بدعم القيادة المصرية وحركة القوميين العرب، لم تحظَ بدعم بعض القيادات اليمنية في صنعاء وحزب الشعب الاشتراكي والمؤتمر العمالي، مما جعلها لم تحقق نجاحات كبيرة في نشاطاتها ولم يفتح لها مكتب، بينما حصل حزب الشعب الاشتراكي الذي يقوده عبدالله الأصنج على مكتب لممارسة نشاطه في قاع العلفي حالياً.

لجنة تقصي الحقائق ومطالب المناضلين
وفي 29 مايو 1963، كانت تزور صنعاء لجنة تقصي الحقائق المنبثقة عن لجنة تصفية الاستعمار بالأمم المتحدة، فقام أبناء الجنوب بتنظيم مسيرة في ذلك اليوم تحركت من العرضي (باب اليمن) إلى دار الضيافة (المتحف الحربي حالياً)، سلموا فيها مذكرة إلى اللجنة الدولية تشرح أوضاع أبناء الجنوب تحت الحكم البريطاني وحددوا مطالبهم التي تؤدي إلى الاستقلال. وأمام دار الضيافة خرجت اللجنة الدولية لاستقبال المتظاهرين تستمع إلى مطالبهم. فقام عبدالله علي عبيد، الذي كان يمثل أحد طرفي الحركة السياسية الجنوبية وهي حزب الشعب الاشتراكي والمؤتمر العمالي بعدن، فطلب من اللجنة الدولية إجبار المستعمر على الرحيل من الجنوب وأنّ شعب الجنوب ليس لديه إمكانية على مجابهة بريطانيا العظمى، بينما الطرف الآخر الذي كان يمثل جبهة التحرير أو بالأصح حركة القوميين العرب كان يرفض الحلول السلمية مع المستعمر، فحدث خلاف حاد أمام اللجنة الدولية بين الطرفين.
وبعد أن استمعت اللجنة إلى مطالب أبناء الجنوب توجهت المظاهرة إلى منزل الرئيس عبدالله السلال، الكائن في حي القاع بصنعاء وقابلت (16) شخصاً ممثلين للحشد الجماهيري الكبير، وعند مقابلة الرئيس السلال شرحوا له موقف حزب الشعب الاشتراكي من الكفاح المسلح، وسلموا له نسخة من الوثيقة التي قدمت إلى اللجنة الدولية وتقدموا له بالمطالب التالية:
1 – دعم الكفاح المسلح ضد المستعمر.
2 – فتح مكتب لجبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل مثلها مثل حزب الشعب الاشتراكي.
3 – تعيين قحطان محمد الشعبي رئيساً لمصلحة أبناء الجنوب بدلاً من مستشار لرئيس الجمهورية لشؤون الجنوب، حتى تكون له صفة رسمية وصلاحيات قانونية.
وقد لبى الزعيم السلال المطالب الثلاثة لكن المكتب رفض فتحه من قبل بعض القوى المتحفظة على الجبهة.
ونود أن نشير إلى أنّ الدعم الذي كان يحصل عليه حزب الشعب الاشتراكي والمؤتمر العمالي بقيادة عبدالله الأصنج، لم يأتِ، كما قيل، بعد الاستقلال لأنّ الأصنج يمثل التيار الرجعي، ولكنه يعود إلى عدة أسباب أهمها : أنّ برنامج حزب الشعب الاشتراكي لا يختلف عن برنامج حزب البعث العربي الاشتراكي إلا من حيث العناوين فقط، وهذا ما أوجد من يؤيده من القيادات في صنعاء، التي تنتمي إلى الأفكار نفسها، وثانياً بأنّه أول من نظم أفواج المتطوعين إلى العاصمة صنعاء للدفاع عن ثورة سبتمبر.
كما أنّ كثيراً من قادته شخصيات معروفة ليس على الساحة اليمنية فقط وإنّما على الساحة العربية ولديها إمكانيات فكرية، بالإضافة إلى أنّ دعم القيادة المصرية وبعض قيادات الثورة في صنعاء لجبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل أوجد بالمقابل جبهة مضادة لها تدعم حزب الشعب الاشتراكي التي رأته قريباً من أفكارها.

ليس بخافٍ أنّ جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل التي تمّ الإعلان عنها في 24 فبراير 1963 كانت التشكيلات الرئيسية المكوّنة لها ثلاثة : الضباط والجنود الأحرار وتشكيل القبائل وحركة القوميين العرب وبعض عناصر قيل إنّها مستقلة، لكن حركة القوميين العرب التي كانت تعتبر في تلك الأيام حركة اشتراكية أو شيوعية كان أعضاؤها يمارسون نشاطهم بصورةٍ سرية كانت هي وراء تأسيس هذه الجبهة بدعمٍ من القيادة المصرية، لكن هذه الجبهة لم يسر نشاطها على النحو المطلوب، لهذا أصدر بيان إلى الشعب العربي في جنوب اليمني المحتل بتاريخ 5 يونيو 1963 باسم تشكيل القبائل انتقد الجبهات التي كانت وراء فشل جبهة تحرير جنوب اليمن المحتل واتهمها بالتآمر، وأعلن عن عزمه على تفجير الثورة المسلحة في القريب العاجل. وأهم ما جاء في البيان أنّه أول بيان تبنى كلمة الجبهة القومية حيث جاء فيه: (يا شعبنا العربي في الجنوب.. ارفع شعار الجبهة القومية بين القوى المناضلة وطالب بتحقيقها فالجبهة القومية هي طريق الشعب لتوحيد صفوفه وتحقيق أهدافه).
وقد وقع البيان من قبل تشكيلين هما : تشكيل القبائل وضباط وصف ضباط الجيش.
وكل البيانات التي صدرت عن التنظيمات السياسية في الجنوب، كانت تعتبر اليمن إقليماً واحداً شمالاً وجنوباً واليمن جزءاً من الوطن العربي الموحد، ولا تعترف بالتجزئة.
في منتصف عام 1963، بدأ ضغط القوى الملكية المدعومة من قبل المملكة العربية السعودية وبريطانيا والدول الغربية الأخرى، يزداد على الثورة في الشمال بينما القوى السياسية الجنوبية لم تستطع التوصل إلى إيجاد إطار سياسي جبهوي قادر على تخفيف الضغط على الثورة عندما يتطلب الأمر ذلك، فعقد في منتصف شهر يونيو 1963 اجتماع بين أبناء الجنوب والشمال في منزل القاضي عبدالرحمن الإرياني "الكائن أمام القصر الجمهوري"، ضم من الجانب الشمالي: عبدالرحمن الإرياني ومحمد محمود الزبيري ومن الجانب الجنوبي ناصر علوي السقاف وعبدالله محمد المجعلي وبخيت مليط الحميد وأحمد بن نمير العولقي.
كانت وجهة نظر الجانب الشمالي أنّه من أجل تخفيف الضغط على الثورة لا بد من فتح جبهة قتالية في عمق أراضي الجنوب، فوافق الجانب الجنوبي على الفكرة، ولهذا عقد اجتماع آخر في اليوم التالي في منزل عبدالحافظ قائد في القاع بصنعاء، خاص بالجانب الجنوبي وقروا فيه تشكيل لجنة اتصال مهمتها الإعداد والتهيئة للثورة في الجنوب، مكوَّنة من 12 شخصاً (6) ممثلين لحركة القوميين العرب و(6) ممثلين لتشكيل "القبائل" هم التالية أسماؤهم:
ممثلو حركة القوميين العرب:
-1 ناصر علوي السقاف.
–2 عبدالله محمد المجعلي.
-3 علي أحمد السلامي.
4-عوض الحامد.
–5 عبدالحافظ قائد.
–6 سلطان أحمد عمر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.