(همزة وصل)* (1) الشيء الذي قِيل عنه "تعديل حكومي" يحتاج تعديلاً مهماً وضرورياً، هذا ليس تعديلاً أيها السادة. إذ أنَّ تعيين وزير لوزارة شاغرة عن وزير مستقيل هو الإجراء الطبيعي المتوقع. والتعيين الجديد جاء بوزير قديم أيضاً إلى كرسي النفط والمعادن مرة أخرى. مع التذكير بأن بحاح كان أقِيل أيام (النظام السابق) لأسباب لن يسر الوزير القديم/ الجديد أن يتذكرها أحد الآن! يبقى فين التعديل؟! أما وزارة الداخلية، فكان الانهيار الشامل هو المصير الحتمي إذا استمر اللواء قحطان على رأس وزارة الأمن، التي خسرت من ضباطها وجنودها ومنتسبيها في الأجهزة المختلفة أيام مدة ولايته الوزارية، المئات في حوادث اغتيالات وهجمات واقتحامات وكمائن وقنص وتصفية أكثر بكثير من المجرمين الذين تم القبض عليهم أو التعرف إليهم فقط طوال عامين ونصف. وكان تغيير قحطان خياراً حتمياً لا مرد له! الحال هو أن الحاجة إلى تغيير حكومي على وجه السرعة ضرورة قائمة. وإنْ كان الناس أو بعضهم على الأقل قد تقبلوا، على مضض، فكرة التعديل على الأقل بدلاً عن التغيير. لكنهم لم يحصلوا على شيء. وباسندوة باقٍ على رأس حكومة تفاخر أنها سعت إلى استصدار قرار دولي يفرض الوصاية على اليمن وسارعت إلى الترحيب به والإشادة فور صدوره!! هذه حكومة مكانها الطبيعي في مركزي صنعاء. وإن كنَّا سنخشى، حينها، أن يرد لهم الجميل السجناء الخطرين الهاربين من قلعة المركزي في الهجوم المخزي الشهر الماضي فيهجمون مرة ثانية لتهريبهم ومساعدة هؤلاء الذين ساعدوهم على الهرب في الأولى. سوى القاعدة والقناصة لا أحد يحمل في نفسه جميلاً لهذه الحكومة الكارثة الوطنية الشاملة! (2) بمجرد إعلان تعيين وزير جديد للداخلية نشب حوله في ساحات الفيسبوك سجال ساخن واشتباك بين فريقين مؤيد ومندد، وانقسم حوله الناشطون والمدونون والإعلاميون وغيرهم، خصوصاً تجاه خلفيته الإخوانية من عدمها. لكن من الإنصاف منح الرجل، اللواء الترب، فرصة مناسبة ليثبت ما هو عليه وما الذي لديه بالفعل، لجهة الكفاءة والمهنية وانتشال الوزارة والوضع الأمني برمته في البلاد من الحالة التي وصل إليها مع سلفه قحطان. وليس مهماً لون بطاقته الحزبية في هذه الحالة طالما أصبح وزيراً لليمنيين ومسئولاً عن أمنهم وأمن بلادهم كاملة وليس لفئة دون غيرها. وإن انتشرت صوره كمشروع شهيد في الساحة، فلربما كانت لديه نوايا صادقة تجاه التغيير ثم اكتشف لاحقاً أن سُرَّاق التغيير وأحلام اليمنيين هم الذين غيروا الوضع بالفعل ولكن للأسوأ. وعليه الآن أن يثبت نواياه ويكافح بجلد كل هذا السوء والفلتان وفقدان الثقة. باختصار.. امنحوه فرصة ليعمل ومن ثمَّ عمله هو من وما سيقيمه ويحكم عليه. مبدئياً نرجو له التوفيق والنجاح. (3) لن أتحدث عن انزياح كابوس مطهر القمش من على كاهل ورقاب وقلوب اليمنيين، أخيراً. مع القمش ما نحتاج إليه بالأولى هو النسيان لا التذكُّر. أن نناضل لننساه وكفى. وإن كان قد خلف من السوء ما يذكِّر به لوقت طويل! الأجدى أن نتفاءل بمقدم اللواء الدكتور جلال الرويشان. من المهم هنا الإشارة إلى إجماع لافت حول اسم وشخص الرئيس المعين لجهاز الأمن السياسي جلال الرويشان، من خلال نقاشات وتعليقات اليمنيين على صفحات التواصل وخصوصاً في فيسبوك ليلة إعلان القرار. من النادر أن تضيق مساحات الخلاف والتباين بين أفراد وممثلي الطيف اليمني تجاه مسئول أو قائد معين. لكن هذا حدث بالفعل مع الرويشان. إنه شخص مناسب وجيد جداً لتجسير الهوة والمسافة بين الفرقاء كما تحقق في نقاشات المدونين والمغردين. شخصياً أحمل لجلال الرويشان، الشاب النشط الخلوق والمثقف والقريب من أوساط ومناشط الشباب اليمني وحواراتهم. وهو يتمتع بشخصية مقبولة جداً يساعده في هذا أسلوب حسن وطريقة دمثة في التواصل والتخاطب والنقاش وتكوين الصداقات. إجمالاً، جلال الرويشان مكسب حقيقي وإضافة نوعية مائزة من بين غابة القرارات والتعيينات المحبطة طوال الفترة الماضية. والأمل معقود عليه أن يعيد لمؤسسة الاستخبارات اليمنية الداخلية "الأمن السياسي" اعتباره وأن يخلصه ويخلصنا كمواطنين بطريقة إسعافية من معاناة ومضار سوء العلاقة الأبدية بين الجهاز واليمنيين عامة وبينه وبين المثقفين والنخب اليمنية خاصة. ومن العدل القول والتذكير بأن السوء والضرر المباشر شمل مؤخراً ضباط الجهاز وجنوده ومنتسبيه. لقد صاروا هدفاً أولَ لمسلسل التصفيات والقنص والاغتيالات التي لاحقتهم طوال العامين الأخيرين في كافة أرجاء البلاد. هؤلاء أيضاً باتوا ضحايا زمن القمش وولاية قحطان. وأمام الرويشان مهام ومسئوليات كبيرة جميعها تفرز كأولويات مُلحة. هو بحاجة إلى مراكمة خبرات كثيرة وتعاون مبذول من الكافة. الرهان أن سينجح جلال الرويشان كمسئول وقائد في موقع مُهم وحسَّاس بحجم الأمن السياسي. أمن البلد ليس بالشيء الهين. مع هذا، لا غنى لي عن أن أعيد هنا ما كتبته لجلال الرويشان ليلة تعيينه في الفيسبوك: "للرجل الخلوق والطيب جلال الرويشان، أتقدم بأحر التعازي والتضامن حيال هذا البلاء الذي وقع عليه. راجياً الله له التوفيق والثبات." ،،،،،،،،،،،، شكراً لأنكم تبتسمون * صحيفة "المنتصف"