تحدت المحكمة الدستورية التركية من جديد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بإلغائها الجمعة جزءا من إصلاحه القضائي الذي يهدف إلى تعزيز سيطرته على القضاة في أوج فضيحة فساد. مازال القضاء التركي يوجه "صفعاته" للحكومة التركية ورئيسها رجب طيب أردوغان بعد أن حكمت محكمة في أنقرة برفع الحظر عن شبكة تسجيلات الفيديو "يوتيوب" الذي فرضته الحكومة التركية في وقت سابق، وبعد قرار اتخذته المحكمة العليا في البلاد لرفع الحظر عن موقع "تويتر" للرسائل القصيرة، معتبرة أن حظره مخالف لحرية التعبير. تحدت المحكمة الدستورية التركية من جديد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان بإلغائها الجمعة جزءا من إصلاحه القضائي الذي يهدف إلى تعزيز سيطرته على القضاة في أوج فضيحة فساد. ولجأ إلى المحكمة الدستورية نائب في أكبر أحزاب المعارضة اعترض بشدة على هذا الإصلاح الذي يشكل في نظره انتهاكا لمبدأ الفصل بين السلطات. وقال نائب رئيس حزب الشعب الجمهوري سيزغين تارينكولو إن "هذا القانون يتضمن عددا من العناصر المخالفة للدستور إلى درجة أن أي قرار آخر للمحكمة كان سيثير الدهشة". وأضاف النائب لوكالة فرانس برس بارتياح أن "المحكمة الدستورية باتت سلطة مضادة للنظام". من جهته، عبر وزير العدل بكر بوزداغ عن أسفه لإلغاء جزء من النص. وقال إن "القانون كان مطابقا للدستور". لكنه أكد في الوقت نفسه أمام الصحافيين "سنلتزم بالتأكيد بهذا الحكم" الصادر عن المحكمة الدستورية. لكن نائب رئيس الوزراء بشير أتالاي ذهب أبعد من ذلك آخذا على المحكمة "محاولة أداء دور سياسي". وخلال حديثه مساء أمام جمعية محامي اسطنبول، لم يتطرق أردوغان مباشرة إلى قرار المحكمة لكنه وعد ببذل كل ما هو ممكن "لمنع المؤسسات القضائية من التدخل في المجال السياسي". وكانت الحكومة التركية برئاسة رجب طيب أردوغان تقدمت بمشروع الإصلاح بعد الكشف في أواسط كانون الأول/ديسمبر عن فضيحة فساد لا سابق لها تطال العشرات من المقربين منه شخصيا. وكان هذا الإصلاح يتيح لوزير العدل خصوصا أن يفرض برنامجه على المجلس الأعلى للقضاة والمدعين العامين وأن يفتح تحقيقات حول أعضاء هذا المجلس وأن تكون له الكلمة الحسم حول تعيين كبار القضاة. وأثار تبني الإصلاح جدلا كبيرا في البرلمان وصل إلى حد العراك بين نواب متنافسين خلال التئام المجلس، إذ رأت المعارضة فيه رغبة من حكومة أردوغان في الهيمنة على القضاء لخنق هذه الاتهامات. وإلى جانب هذا الإصلاح، أمر أردوغان بعملية تطهير لا سابق لها في الشرطة والقضاء بعد اتهامهما بالتآمر ضده مع حلفائه السابقين في جمعية فتح الله غولن الإسلامية. ووعد أردوغان الذي فاز حزبه في الانتخابات البلدية في 30 آذار/مارس بتصفية حساباته مع هذه الجمعية وبات يتطلع إلى الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في آب/أغسطس المقبل. وحذر عدد كبير من حلفاء تركيا بدءا بالاتحاد الأوروبي والولايات المتحدةأنقرة من أي توجه إلى الاستبداد. لكن الحكومة لم تأبه لهذه الانتقادات وقام بوزداغ بتعيين مسؤولين في كل الجهاز القضائي. وقال تارينكولو أن "هؤلاء القضاة يجب ان يتحملوا مسؤولياتهم الأخلاقية ويستقيلوا فورا". لكن بوزداغ استبعد اليوم هذا الاحتمال. ويفترض أن تستمر المواجهة بين أعلى هيئة قضائية تركية وأردوغان بما أن المحكمة ستنظر قريبا بحظر الحكومة موقع يوتيوب لتسجيلات الفيديو. وعلى الرغم من قرارين للقضاء، أعلنت السلطات التركية مجددا الخميس أنها مصممة على إبقاء الحظر على يوتيوب رغم قرار القضاء رفعه، وذلك طالما لم تسحب الشركة من التداول تسجيلات تعتبرها "غير قانونية". وقالت الهيئة التركية للتكنولوجيا والإعلام والاتصال في رسالة بثت على موقعها إن "القرار القاضي بتعطيل الوصول إلى موقع يوتيوب دوت كوم على الإنترنت سيبقى ساريا لأن بعض المحتويات ما زالت تبث". ومن سخرية الأمر أن رئيس المحكمة وهو شخصية محافظة ومحترمة بسبب دفاعها عن الحريات، اعترض في 2008 على حل حزب أردوغان حزب العدالة والتنمية بسبب "نشاطاته المخالفة للعلمانية".