(خط المنتصف) لسوء الحظ ..! حظينا بأوغاد يقتاتون على خرابنا ويفكرون بانتزاع كسرة الخبز المتبقية ، توقف تفكيرهم وأخفقوا بإحلال البدائل التي صموا أسماعنا بها قديماً وها هم متفرغون للتربص بلقمة العيش الأخيرة، كأنك أمام احتمالات مفتوحة تجبرك على البقاء في حالة من الإنشداد والشعور بالخطر، كل هذا التوجس والترقب قادم من أروقة الساسة الجدد وبرعاية ثورية كان بإمكانها أن تثأر للجياع، كيف بإمكاننا التخلص من مزاج كئيب للغاية وحياتنا تمتلئ بكم هائل من التناقض والاستهتار، بلد ثار على نظام ظل متفرغاً لتوطين حكمه، فأبدله برجال أهدروا حلمه دون أن ينتصروا له بشيء، لا شيء يتغير في عالمنا السيء سوى المسميات التي تنتج لنا ما هو أسوأ، رجل يبتاع الطماطم ويتجول بها في الأحياء الشعبية تهدده جرعة وشيكة وبلد يتفكك، بعد أن كان لا يغادر الساحة متشبثاً بثورة قطعت عهدها له بيمن جديد يضمن له عيشاً كريماً، وحرية يبحث عنها وتبحث عنه، وأن يبقى بلا قيود ولا أوغاد.. يومها كان يحلم بالأشياء القادمة من ساحات الشباب، كانت تدفعه حماستهم البريئة للإيمان بكل ما يصله، لم يخطر بباله مصادفة خيبة محتملة، بما سيفكر الآن والثورة التي ناصرها وخرج لأجل دعواتها الثورية تغدر به وتسدي له صخر الوجيه كمعتوه يتجول بين ماضيه وحاضره يقتات على الوجع والألم ذاته، لا شك أنه أمام مقارنات تدفعه ليكفر بكل القيم الثورية، يستدرك صخر النائب حين كان خطيباً ثورياً وبيده السمراء رغيف (روتي) نحيف يسرد معاناة الناس ويصرخ بالنيابة عنهم، لربما أن الثنائيات المضادة تنهال الآن على رأس ذلك الرجل الكادح، يموت كمداَ وهو يلمح بياض بشرة وجيه الثورة وصفاء جسمه المتورم من نعمة أغدقت بها عليه ثورة الجياع، كم يبدو اليوم شريراًَ وهو يتغزل بالبرلمان ويستجدي تصويته لجرعة تجهز على ما تبقى من حياة ذلك الكادح بنسبة كاملة ، لتقسوا عليه الأيام أكثر من ذي قبل. من منا اليوم لا ينفعل داخل هذا البلد، كثيرة هي الأشياء التي بات علينا مقاومتها، وبإمكانك أن تلمح طابور الأوغاد وأشباه العابرين يلوذون بأوجاعنا وعلى خرابنا وتمزيقنا وجوعنا يسيل لعابهم ويظفرون بنجوميتهم وطموحاتهم التي لا تستطيع الصمود إلا إذا ظلت تتغذى على تلة الخراب والضياع، ورثوا دماء الشهداء والتضحيات واقتسموا حناجر ثائرين لاذوا بالساحات بحثاَ عن عدالة وطن يعج بآفاقهم ، حتى صوت العدالة نشعر أحياناً أنه لم يعد بإمكاننا الاحتماء به، لقد دنسوه وأخفقوا حتى في الحفاظ على أجمل ما كان فينا، ليسوا في حالة هيسترية مؤقتة، إنه محيطنا يعج بالتناقض والخيبة واللعنات في زمن ما بعد الثورة . لعمري أنه هدر لوجودنا الإنساني ..! موجع هذا الإحساس. [email protected] * المنتصف