(خط المنتصف) ما زلنا ننصت لصوت العبث وننحاز للتعقل والتريث بانتظار ما تفرزه لنا قادم الأيام، فيما الحمقى مستمرون في إدارة بلد لم يكفهم أحزانه ليغرقوه بإخفاقات لا تغتفر، ويضعوه أمام ترديات ومهددات مخيفة، لقد ارتبط التهكم بالدعوات الثورية منذ وقت مبكر، يومها كانت الأشياء القادمة من ساحات الشباب تصل معطوبة، وكانت تنبعث الأدخنة السوداء من خيمة الشيخ والجنرال والفاتح والوزير والنائب المستقيل حتى تلوثت تلك الدعوات، متمكنة من إتلاف حلم الشباب ببلد يزدحم بآفاقه وتطلعاته الرحبة، كانوا يحلمون بوطن بلا قيود بلا فشل ولا إخفاق. العبث ماضٍ بجرأة متعالية ينخر كل شيء، تفاقم الوضع حداً لا يطاق، لم يعد مجدياً مقاومة فكرة فشل حكومة هي محسوبة على الثورة وقادمة من شعاراتها الفردوسية، الإعلام المتحيز والتابع استنزف طاقات دون أن يفلح في مداراة ذلك الإخفاق، الشعب يتألم بصمت بانتظار ما يمكن أن تقدمه الحكومة وهو يعلم أنه يهدر مزيداً من الوقت ويتهيأ لمزيد من الإخفاق والفشل الذي يتغلغل أجهزة الدولة بفعل الطريقة التي تدار بها البلاد اليوم . الناس يشعرون بخيبة أمل جسيمة تجاه أخطاء وفشل فادح تقدمه الحكومة مع سبق الإصرار والترصد، ما يجري لم يعد حالة هيسترية مؤقتة مرتبطة بالمرحلة وتعقيداتها، الأمر تجاوز كل الاحتمالات وصار أشبه بالفشل المفتوح تتمادى الحكومة في صنعه وإنتاجه متخلية عن الفرص المتاحة أمامها، السلطة التي يحضع لها الناس ويأتمرون بأمرها عن كل شيء يسهل تسخيره في القيام بالكثير مما يجب أن تقوم به في مرحلة تدرك حاجتها للاستنفار وإبراز جدارتها في حكم البلاد وبكفاءة عالية لتتمكن من النجاح وتظفر به. انتهى باعتقادي المنطق الذي يحيل مجموعة الإخفاقات على طرف خارج كتلة الحكم وتحويله إلى شماعة يصلب عليها كل ما يمر على الحكومة من اختلالات وإخفاقات، لم يعد يروق لأحد إيعاز ما يجري للمناخ المشدود والمضطرب، ولم تعلن الحكومة أو تكشف لحقائق وبراهين يقتنع بها الناس والعالم ويفسر أسرار وغموض التتابع في سرد تفاصيل فشلها الذريع . الحكومة تمضي في بيع كل شيء بجرأة متعالية، لا يعنيها النجاح بقدر ما يعنيها التسريع بتبديد كل شيء، بدت ميالة أكثر للمحاصصة والتقاسم وادخرت ما تملك في سبيل المقايضة وحشد التأييد، اعتقدت أنها لمجرد المبالغة في التهويل وحشد الخطاب الإعلامي ستتخطى المطبات المتراكمة والمتلاحقة أمامها، تمادت في إهدار الوقت واللعب بجميع الأوراق حتى تجاوزت المساحة التي يمكن للشعب أن يحتملها ويعمد إلى تمريرها بالتغاضي . العبث مفتوح لكل الحكايا.. ولا شيء على ما يرام. [email protected] * المنتصف