(خط المنتصف) لا أحد يكترث لألم الناس، أوجاعهم تتنامى بمرور الوقت، الأحداث الدراماتيكية تتلاحق ومعها تتراكم التعقيدات والظروف المتداخلة، البلاد تندفع وبقوة نحو فراغ محدق قد تفقد الدولة معه أدوات التحكم والسيطرة شيئاً فشيئاً، العثور على شيء ما يمكنه تفسير حالة الترهل الرئاسي البطيء والبطيء جداً أمر يبعث على التهكم والاستفزاز، كل الإجراءات محاطة بالالتباس والتردد والغموض، تكاد البلاد أن تشتعل فيما القرار الرئاسي مرتهن لحسابات ساذجة غارقة بالخيبة، تتوغل تدخلات القوى وتتسع محاصصاتها القذرة على حساب السيادة التي تنتهك وتتآكل مع كل انفجار وضربة تنال من خاصرة هذا الوطن في جو بارد ومسؤولية أخلاقية متثلجة. الناس أمام كوارث متتالية ووضع يتفاقم بالتمديد لباسندوه ومنح قحطان وقتاً أطول لتسجيل أرقام قياسية في الفشل، خيبة وضعف يمنح اليمنيين أوجاعاً إضافية تجهز على ما تبقى من مآثر الحياة اليومية، انتهاكات فادحة للسيادة وقدرة شريرة تخترق السياجات الأمنية وتفصح عن هالة الفشل التي يتمتع بها ناصر وقحطان، تدك أسوار السجن المركزي ويتواصل دوي الانفجارات وسط العاصمة بكل جرأة وتبجح ليكافأ الوزيران بالبقاء، ويتمكنا من صنع فشل آخر يتم الترويج له في النهاية باستعراض سمج وسقوط سياسي مدوٍ. انتهى مؤتمر الحوار ليس للانتقال إلى فصول رعب إضافية بشخصيات درامية جديدة تتحفنا بها الحكومة وتضفي على الطابع العام المدجج بالإحباط مزيداً من الإثارة والتشويق، وعلى أطلالها تموت الأمنيات واقفة، أمنيات وطن يفترض أن تنبت فيه تطلعاتنا الحالمة كملاذ لحياة آمنة، غير قابل للارتهان للمغامرات والتسالي المرعبة التي يدفع الناس كلفتها الباهظة، مصيرنا يقوم على فرضيات شريرة، هكذا يتصرف ويفكر الساسة وقبل أن نلتقط أنفاسنا. كل ما نلمسه من حولنا دوي انفجارات ومشاهد تشييع وخيبة هائلة تأتي على ما تبقى، لن نكف عن مهاجمة من يقودون البلاد اليوم، سنكتب عن رئيس الدولة وحكومته ووزرائه بقسوة وتجرد أحياناً، ولن نتردد في المجازفة وتسجيل المواقف بجرأة ونبرة مدوية تشعلها غيرة وإحساس وطني هو كل ما تبقى لنا، الكتابة هي حيلتنا التي لن نتوقف عنها إلى أن تستقيم الأمور ويستكين الناس. ننفعل ونفعل ذلك من قبيل الخوف على بلد ضفافه وأطرافه منفلتة وليس ثمة أمل أمامنا للتعافي سوى أننا بانتظار معجزة تنقذ ما تبقى..! [email protected] * صحيفة "المنتصف"