عشر سنوات بائسة على سقوط بغداد ولّت عشر سنوات على سقوط بغداد بأيدي الغزاة الأميركيين وحلفائهم، ولم يبدأ الجرح العراقي بالاندمال ولاتزال المرارة عالقة في العيون والحناجر، منذ التاسع من نيسان/ أبريل عام 2003، اليوم الذي تسمّر فيه الملايين أمام شاشات التلفاز يتابعون سقوط بغداد لحظة بلحظة. ولعل أكثر اللحظات الراسخة مما نقلته وسائل الاعلام في يوم سقوط بغداد، هو انهيار تمثال صدام حسين في ساحة الفردوس وسط بغداد بالتاسع من نيسان / ابريل، ولا يزال حطام التمثال حاضراً في ساحة الفردوس، حيث يعمل قيس الشرع مالك صالون حلاقة لاستقبال نخبة من المقربين من صدام حسين آنذاك، وبينهم ضباط كبار ووزراء. وقام الشرع بعد تقدم الاميركيين الى بغداد، بتقليص العمل في صالونه لتغطية حاجاته الاساسية خوفا من اللصوص، ثم اغلقه بشكل كامل وراقب سقوط التمثال عبر شاشة التلفاز .ويستذكر كيف كان الجنود الاميركيون يترددون على صالونه، لكنهم لم يخلعوا ابدا درعهم الواقي من الرصاص او يلقوا اسلحتهم حتى وهم يحلقون رؤوسهم. ويفسر الشرع ذلك "لأنه ليس هناك ثقة" وتابع "لم يحبونا، ولم نحبهم". وعلى الرغم من اعدام حاكمها صدام حسين في عام 2006، وازالة كل آثار حكمه من بغداد النازفة، ومغادرة جنود الغزو المخلصين للشعب العراقي من ديكتاتورية حكمه في عام 2011، الا أن عداد الموت يعمل بتفان فيها، فخسائر المجتمع العراقي من المدنيين في ازدياد يومي، وتحولت الروح البشرية الى مجرد رقم، أما العائلات فتبعثر أفرادها بين العراق وخارجه. تعرض المتحف الوطني العراقي إلى النهب والسلب وتركت جروح عميقة في ذاكرة العراقيين وجميع العالم . وعاش العراق خلال العقد الماضي موجة عنف طائفي قتل خلالها عشرات الالاف، ما دفع القوات الاميركية الى زيادة عدد قواتها الى 170 الف مقاتل، قبل ان تنسحب بالكامل من البلاد، كما دفعت آلاف العراقيين الى الفرار خوفا على حياتهم أو بحثاً عن دخل يسد الحاجات اليومية لعائلاتهم. وتم التحضير ليوم سقوط بغداد قبل ثلاثة اسابيع من تاريخها وبالتحديد في 20 مارس/ آذار من عام 2003، بعد انقضاء المهلة التي اعطاها جورج بوش لصدام حسين ونجليه بمغادرة العراق، وواجهت قوات الولاياتالمتحدة وحلفائها تحت اسم الائتلاف الدولي، على مقاومة شرسة من الجيش العراقي، وخاصة بالقرب من منطقة الكفل الواقعة بالقرب من النجف والكوفة، وقتل الآلاف من القوات المسلحة العراقية، ثم سقطت البصرة بعد اسبوعين من الحصار. وفي التاسع من نيسان/ أبريل من عام 2003 داست أقدام جنود الغزو أرض العاصمة العراقية بغداد، واخترقتها الدبابات الأميركية، وأعلن العراق رسميا تحت سلطة الاحتلال الأميركي. ثم دخلت القوات امدينة كركوك شمال العراق بتاريخ 10 ابريل/ نيسان، فمدينة تكريت مسقط رأس الرئيس العراقي السابق صدام حسين بتاريخ 15 ابريل/نيسان عام 2003. إن الغزو على العراق انتهى رسميا في15 ديسمبر/ كانون الأول من عام ، 2011بإنزال العلم الأمريكي في بغداد، وغادر آخر جندي أميركي العراق في18 ديسمبر/ كانون الأول، وبقيت بغداد أسيرة الدمار بعد يوم التاسع من نيسان/ أبريل من عام 2003 الذي تحولت فيه الآمال العراقية بغد أفضل، لآلام مريرة ستبقى عالقة في حناجر أجيال وأجيال.