أقرّ جنرالان بارزان في الجيش الاميركي بأن مسؤولي السجون العسكريين في العراق لم يدرجوا اسماء عشرات من المعتقلين في سجن "أبو غريب" ومراكز اعتقال اخرى في الجداول الرسمية, وذلك بناءً على طلب من وكالة الاستخبارات المركزية الاميركية (سي آي اي) لاخفائهم عن مفتشي اللجنة الدولية للصليب الاحمر. وكشف تحقيق اجراه الجيش الاميركي الشهر الماضي وجود ثماني حالات موثقة لمن يطلق عليهم "المعتقلون الاشباح", لكن جنرالين من المسؤولين عن التحقيق ذكرا في شهادة امام لجنتين تابعتين للكونغرس وفي مقابلات ليل اول من امس ان افادات عسكريين عملوا في السجن اشارت الى ان العدد الحقيقي يفوق ذلك بأضعاف كثيرة. وابلغ الجنرال بول كيرن, وهو الضابط الذي اشرف على التحقيق العسكري, لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ ان "العدد هو بالعشرات, وربما يصل الى مئة". وقدّر محقق آخر هو الجنرال جورج فاي العدد بعشرين, لكن كلا الضابطين لم يستطع اعطاء رقم محدد بسبب عدم الاحتفاظ بأي سجل عن معظم المعتقلين لدى "سي آي اي". وبموجب اتفاق جنيف يسمح بعدم الكشف موقتاً عن هوية السجناء للصليب الاحمر وفقاً لاستثناء تمليه الضرورة العسكرية. لكن الجنرالين ذكرا انهما متأكدان من ان اجراءات وكالة الاستخبارات في العراق تجاوزت ذلك بكثير. ويثير كشف هذه المسألة مزيداً من التساؤلات حول ممارسات "سي آي أي" في العراق, بما في ذلك اسباب احتجازها بعض السجناء العراقيين, واساليب الاستجواب التي استخدمتها ومصير "السجناء الاشباح", وهل أُعيدوا الى السجون العسكرية. واعلن عن حالتين بشأن نقل سجناء لدى وكالة الاستخبارات المركزية من العراق لفترة شهور واحتجازهم في مراكز اعتقال في الخارج. وبين التساؤلات الاخرى التي بقيت من دون جواب اول من امس لماذا وافق الكولونيل توماس باباس, ضابط الاستخبارات العسكرية الذي اشرف على عمليات الاستجواب في السجن, على السماح لمسؤولي "سي آي اي" ان يستخدموا السجن لاخفاء "معتقلين اشباح". وافاد تقرير الجيش انه عندما اثار باباس تساؤلات حول هذه الممارسة, شجعه ضابط بارز في الاستخبارات العسكرية في بغداد آنذاك, هو الكولونيل ستيفن بولتز, على التعاون مع "سي آي اي" لأن "الجميع فريق واحد". مع ذلك, اعتبر الجنرال كيرن انه كان على باباس ان يتحدى هذه الاجراءات. وقال للجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ: "اذا تلقيت أمراً باحتجاز معتقل لدى وكالة الاستخبارات المركزية في منشأة تابعة للجيش الاميركي اتولى الاشراف عليها, سأتأكد من خضوعه لسلطاتنا وليس لسلطات جهة اخرى". واضاف: "إن لم يحدث ذلك, سأطلب تفسيراً في منتهى الوضوح". وكان وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد اعترف بأنه في احدى الحالات, وبناءً على طلب من جورج تينيت الذي كان مديراً للاستخبارات المركزية, أمر مسؤولون عسكريون في العراق في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي باحتجاز رجل يشتبه في انه "ارهابي" عراقي بارز في "كامب كروبر", وهو مركز اعتقال يخضع لحراسة مشددة, ولكن من دون تسجيله. وكان هذا السجين الذي يطلق عليه احياناً "تريبل - إكس", محتجزاً في البداية لدى "سي آي اي" في موقع سري خارج العراق, بحسب مسؤولين في الاستخبارات, لكنه اعيد الى البلاد بعدما توصل محامو الحكومة الى ضرورة احتجازه في الداخل كونه عراقياً. وأقر البنتاغون بأن "تريبل - إكس" بقي لشهور غير مسجل وفقاً لنظام الاحتجاز العسكري داخل العراق. ونقل من البلد سجين آخر على الأقل, هو سوري, واحتجز على متن سفينة للبحرية الاميركية قبل اعادته الى سجن "أبو غريب" الخريف الماضي, بحسب مسؤولين عسكريين. ولم يكشف مسؤولو الاستخبارات هل جميع السجناء المحتجزين لدى "سي آي آي" في العراق سلّموا الى السجون العسكرية