تقرير أممي: الالاف يواجهون خطر المجاعة في حجة    هل يُحسم أمر التشكيلات العسكرية الخارجة عن إطار الدولة في حضرموت؟    تريم على العهد: وقفة للمطالبة بالعدالة لدم الشهيد #يادين (بيان)    كسر طوق الخدمات.. الرئيس الزُبيدي يقود معركة فرض الاستقرار    الاشتراكي "ياسين سعيد نعمان" أكبر متزلج على دماء آلآف من شهداء الجنوب    فنانة خليجية شهيرة تدخل العناية المركزة بعد إصابتها بجلطة    العثور على 4 سفن قديمة غرقت في القرن ال18 بالقرب من ساحل كارولينا الشمالية    "الريدز يتألق".. ليفربول يستهل حملة الدفاع عن لقبه بفوز مثير على بورنموث    ميناء "إيلات" يشهد أزمة عميقة وطويلة بسبب الحظر اليمني    تطبيق "MAX" الروسي يحصل على ميزات جديدة لحماية المستخدمين من الاحتيال    ثمرة واحدة من الأفوكادو يوميا تغير حياتك.. وهذه النتيجة    العثور على جثمان لاعب شعب إب خالد الجبري قرب الحدود اليمنية–السعودية    فياريال يفتتح الموسم بالفوز على ريال أوفييدو    بمعنويات عالية شعب إب يستعد لمباراته أمام السهام الحالمي    بين القصيدة واللحن... صدفة بحجم العمر    ذمار.. محاولة جديدة لاختطاف طفلة والسلطات تتلقى بلاغات عن فقدان أطفال    المدينة التي لن تركع(3) مأرب.. دروس في الدولة والتاريخ    وصول طائرة "مملكة أوسان" إلى مطار عدن لتعزيز أسطول اليمنية وتخفيف ضغط الرحلات    اتحاد إب يحقق فوزا عريضا على الشروق ويتصدر المجموعة الرابعة في بطولة بيسان    الجالية اليمنية في ماليزيا تنظم ندوة فكرية حول الهوية الوطنية    منذ قرابة 20 ساعة.. مئات المسافرين عالقون بين إب وصنعاء بسبب انقلاب شاحنة    العميد صالح بن الشيخ أبوبكر: حضرموت لن تنهض إلا بأهلها    "مؤسسة تنمية الشبابية" مع أوقاف مأرب تختتم المرحلة الثانية من برنامج تأهيل معلمي حلقات القران الكريم    أمطار رعدية متوقعة على المرتفعات والسواحل وتحذيرات من السيول والعواصف    حقيبة فضلات و«حلقة فولاذ».. أغرب تفاصيل أمن بوتين في ألاسكا    الحكومة تلزم شركة الغاز بتخفيض الأسعار بما يتوافق مع تحسن صرف العملة    مدير أمن ساحل حضرموت : تعاون كبير بين الحوثي والقاعدة    تعز.. سيول جارفة في قدس تلحق اضرارا فادحة بالممتلكات وتهدد قرى بالجرف والاهالي يوجهون نداء استغاثة    الصحة العالمية: وفاة 4332 شخصاً وإصابة 390 بالكوليرا في 31 دولة هذا العام    البنك المركزي الصيني يجري عملية إعادة شراء عكسية مباشرة بقيمة 70 مليار دولار    مدقق مالي: شركات الادوية الكبرى تسعر الدواء في صنعاء بسعر يتجاوز السعر الرسمي للدولار باكثر من 40٪    إشهار مؤسسة "آفاق التآلف للتنمية الاجتماعية" بصنعاء    عيدروس الزبيدي..عهد الرجال للرجال    حاشد .. صوت المقهورين وقلم المنفيين    المحويت.. كتل صخرية ضخمة تهدد عدد من القرى ومخاوف الانهيار تجبر عشرات الأسر على النزوح    وفاة لاعب يمني في رحلة تهريب إلى السعودية    المقالح يوجه دعوة لسلطة صنعاء لتفادي فضيحة الاعتقالات    وزير الرياضة يطلق تطبيق «ثمانية» بحضور وزيري الإعلام والاتصالات    مدير أثار ذمار يفند مزاعم كشف أثري في وصاب    سلة آسيا.. لبنان تفرط في التأهل ونيوزيلندا تعبر    المغرب يكسب زامبيا بثلاثية.. والكونغو تحتفظ بآمالها    ب 1.921 مليار.. ريال مدريد العلامة التجارية الأغلى    الإمارات تدعم شبوة بالكهرباء ومشاريع صحية وتنموية تخفف معاناة آلاف المواطنين    نتنياهو يصدم العرب بخطة إسرائيل الكبرى ما بعد تفكيك حماس    احتكار الأدوية في عدن والجنوب: إمتصاص لدماء وصحة الفقراء    ندوة ثقافية بذكرى المولد النبوي في كلية العلوم الإدارية بجامعة ذمار    البيتكوين يواصل تحطيم الأرقام القياسية    الحكومة: مشاهد الحوثيين بكربلاء تكشف انسلاخهم عن اليمن وانغماسهم بالمشروع الإيراني    تظاهرة شعبية غاضبة في الضالع    العثور على مدينة قبطية عمرها 1500 عام في موقع عين العرب    حالة من الذعر تهز الأرجنتين بسبب "كارثة" طبية أدت لوفاة العشرات    وزير الكهرباء وأمين العاصمة يدشنان الإنارة الضوئية في ميدان السبعين    تحضيرات مبكرة لاستقبال ذكرى المولد النبوي بامانة العاصمة    وزير الثقافة يطمئن على صحة الممثل المسرحي محمد معيض    الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية تشدد على مضاعفة الجهود الرقابية للحفاظ على استقرار أسعار الصرف    اكتشاف حفرية لأصغر نملة مفترسة في كهرمان عمره 16 مليون سنة    توكل كرمان، من الثورة إلى الكفر بلباس الدين    فيديو وتعليق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الزهايمر .... خاطف أبي
نشر في الناشر يوم 23 - 07 - 2012

كان أبي يعمل محاسباً في مكتب التربية والتعليم منذ ستينات القرن الماضي إبان السلطنة القعيطية إلى السنوات الثلاث الأولى من الألفية الجديدة . يجيد بحكم عمله القيام بعمليات حسابية معقدة دون الحاجة إلى الآلة الحاسبة ، تكفيه ورقة بيضاء وقلم رصاص لتنطلق رحلته مع الأرقام جمعا وطرحا , قسمة وضربا. طوال سنين خدمته والتي تصل إلى أكثر من أربعة عقود اتسم خلالها بالحيوية ، وسرعة البديهة ، والنقد اللاذع والعصبية مع طيبة قلب دافئ .
هو الآن في الثامنة والسبعين من العمر ، أصبح إنسانا مختلفاً عما كان ... خارت قواه وتآكلت مفاصله وضعف بصره ، لكن حلت المصيبة الكبرى عندما غزا مرض الزهايمر خلايا دماغه ، وبدا مجبرا على خوض معركة خاسرة ضد هذا الزائر الخبيث الذي لا تقل خطورته عن مرض السرطان المهلك ؛ ذلك لأنه يتسلل خلسة ، ويؤثر على عقل المريض ويدمره ببطء ، ولا تتوقف آثاره عند هذا الحد ، بل تطال كل أفراد العائلة . إنه الآن يصارع هواجس ماضيه وأوهامه التي ظلت دفينة في عقله الباطن , هو في ذلك أشبه ما يكون بدون كيشوت محارب طواحين الهواء .
ذات يوم طرأت في ذهني فكرة ، وهي أن العب الشطرنج معه . كيف لا وهو من علمني قوانين هذه اللعبة ، وكان بطلا محليا فيها ، فطفقنا نقلب قطع الشطرنج ، وكلما أحرك قطعة يصيح عالياً ، ويجبرني أن أعيدها إلى مكانها عدة مرات حتى يستوعب قانونية الحركة إلى أن عجز صبري واستسلمت في الأخير ، وطلبت منه تأجيل المباراة إلى وقت آخر ، واختلقت عذرا ما... كنت حينها أناظر أبي وأتساءل بداخلي ، ماذا يحدث له؟ إنه الزهايمر كان يخطفه مني شيئاً فشيئاً .
أصعب موقف توضع فيه مع المصاب به هو غيبوبته المكانية . مهما شرحت له أنه بين أهله يظل يلح ويزأر طالباً الرحيل إلى مكان هو في الأساس موجود فيه أو قد تغير واندثر.. ناهيك عن ذكر أشخاص قد توفاهم الله . في إحدى المرات كنت جالسة مع أخي وأبي العزيز وحفيده جعفر البالغ من العمر ست سنين متحلقين حول الطعام وبدأ أبي يمازح حفيده متسائلاً " أين جدتك يا جعفر؟" فأجابه حفيده " تقصد جدتي فاطمة؟" رد عليه الوالد " لا .. أمي طيبة العود سلامة!" كان يتكلم عن جدتي سلامة التي توفتها المنية قبل ما يزيد عن عشرين عاماً . في لحظتها لأول مره في حياتي أشاهد أخي يبكي, توقفت اللقمة في حناجرنا وطفق كل واحد مننا يكفكف دموعه ، ووالدي يسبح في عالم آخر.. عندما يتطور المرض ويصل إلى مراحل متقدمة سينسى أبي وجوهنا و أسماءنا....
نعم لقد اشتقت لأبي الذي كان يدللني إلى أقصى الحدود ... اشتقت للمسة أصابعه وهو يرافقني بصغري في عصر رمضان بين الأسواق.. اشتقت إلى مؤامراتنا البريئة من وراء ظهر والدتي حين تتطاير همساتنا الطفولية كي يجلب لي بعض الشوكلاتة وهو عائد من العمل , وأخفيها خلسة عن بقية إخوتي .
والدي يتلاشى رويدا رويدا وأنا معه اصغر في العمر قليلا قليلا لأجد نفسي طفلة في الخامسة تجلس على عتبات بيتنا القديم منتظرة أبي لعله يبزغ من وراء شجرة السدر ، في تلك الزاوية البعيدة من الشارع ... أنتظر و أنتظر لكنه لا يأتي ؟! .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.