فجأة غابت أصوات فروع الأحزاب السياسية بحضرموت ولاسيما المعارضة منها ، وكأن ما يعتمل في حضرموت أمر لا يعنيها ، فقد عهدناها تتقن الصمت عند الحاجة مكتفية ببعض المواسم البروتوكولية لطرح رؤى فضفاضة أو بيانات مقتضبة لا تكاد تسمن ولا تغني ، ولا تعني غير ملء أدبياتها بمزيد من زخرف القول الذي لا يحق حقًا ولا يبطل باطلاً . نعم رأينا رموزًا لها متواجدة في بعض المجالس الأهلية المشكلة ، لكن هل هذا كاف بالنسبة لها ، أليست هي هيئات سياسية معترف بها ولها أطرها التنظيمية ولها أعضاؤها وقواعدها وأنصارها ، فأين دورها إذن في بلورة موقف سياسي واضح حول كل ما يدور في نطاقها الجغرافي ، موقف يساند تلك المجالس ويوفر لها غطاء سياسيًا يعزز أهدافها وأنشطتها . ينبغي لفروع الأحزاب السياسية بحضرموت سلطة ومعارضة أن تعلن موقفًا واضحًا وصريحًا من تطلعات أبناء حضرموت على ضوء المعطيات الجديدة في الواقع الوطني والمحلي ، وإيضاح المشروعية السياسية لتلك التطلعات وتعمل على بلورتها في رؤية سياسية طموحة تتبناها وتمدها بالبعد السياسي القانوني ، لتكون جزءًا من برامجها ومطالبها السياسية ، وقبل ذلك جزءًا من همها وهم أنصارها ، حتى نصبح في مرحلة نكون فيها فاعلين وضاغطين لا مفعولاً بنا أو متكرمًا علينا . كما ينبغي في إطار الاتجاه نحو الإقليمية أو الفيدرالية أن تبادر بالتنسيق مع فروع المحافظتين المجاورتين ، على الأقل حاليًا في مسعى للتعارف وتبادل الرؤى والأفكار استعدادًا للتهيئة العامة لمستقبل المنطقة الشرقية لليمن التي يجمعها ثقافة واحدة ونسيج اجتماعي موحد ومصالح مشتركة ومتكاملة . أحب أن تكون تلك الفروع مقدرة في فعلها وحركتها لا في أقوالها لحجم حضرموت ومكانتها وطموح أهاليها بحيث نجدها مبادرة وسباقة لوضع الرؤى والخطط العملية للرقي بالوضع الحضرمي والدفع به ، أليس يفترض أنها تضم النخب السياسية الواعية لهذه البلدة الطيبة المغلوب على أمرها ، وأكره أن تكتفي بالتقوقع داخل أطرها تنتظر موسمًا للخطابات أو تترقب موجات لتركبها ، أو تتسمع لما يصدر عن مراكزها التي لا تستطيع ولن تستطيع أن تتفهم طموحات إنسان حضرموت . مرة أخرى لا أدري إذا كان هؤلاء سيقومون بدور المتفرج على المسرح السياسي الحضرمي ، فمن ننتظره أن يكون ممثلاً أو لاعبًا فيه ؟