ما يحدث في الساحة الحضرمية في هذه الأيام يذهل الإنسان فالكل يتحدث باسم حضرموت، وكلهم يزعم أنه يمثل أبناء حضرموت، وكما قيل: كل يدعي وصلاً لليلى وليلى لا تقر لهم بذاك الكل ينبري هنا وهناك ليقدم لنا رؤية ومشروعا ويعلق عليه بأنه رؤية أبناء حضرموت، وفي ظل هذه المجريات ظهرت مجالس وحركات تحمل اسم حضرموت، وهذا الأمر بحد ذاته ظاهرة صحية لو كان هناك عملية قبول للآخر، ولكن ما يجري وللأسف الشديد أن هناك عمليات اصطفاف ومحاولات تهميش وإقصاء، فكل طرف يتحدث وكأنه وكيل عن شعب حضرموت، بل والطامة الكبرى أن هناك أطرافاً تخوّن أطرافاً أخرى، وحدثت عمليات شق لصف أبناء حضرموت الذي ينبغي أن يتوحد في ظل هذه الظروف. وفي هذا المقال لن أحاكم طرفاً بعينه في هذا الصدد لكنني أظن – وبعض الظن إثم – أن هذه المجالس والحركات سواءً التي حاول أصحابها صبغها بصبغة الشبابية أو غيرها لو نظرنا إليها لرأينا رائحة الحزبية والتعصب تفوح منها، ولتبدى لنا أن هناك أطرافاً تسعى لاستثمار اسم حضرموت لمكاسب سياسية أو غير سياسية وكلها تجعل من حضرموت مطية تركبها للوصول إلى غاياتها. من هذا المنطلق أرى أن حضرموت - كما رفع كثير ممن تكلموا باسمها - أكبر من الجميع وأنها يجب أن تكون الحاضنة والوعاء الذي يصب جهد الجميع لخدمته، لهذا لا أعتقد أن عاقلاً سيصدق أن قيادات أحزاب سياسية أو تكتلات أو حركات أو غيرها سينطلق من هذا المبدأ وسيجعله المقدم، فالأحزاب والتكتلات والحركات لها أجنداتها التي تنطلق منها، ولها مرجعياتها التي لا تتجاوزها سواءً أكانت في صنعاء أم في عدن، والتي تخضع في الأخير إلى قراراتها؛ لكل هذا يصبح من الصعب التصديق أن هذه القيادات ستلتقي وستغلب هذه المصلحة الحضرمية على مصالح أحزابها، ولهذا رأينا كثيراً من الانشقاقات وما أطلق عليها عمليات تفريخ أو تفريغ لبعض هذه المجالس. إن هذا الكلام لا يعني أن التحزب مرفوض، وأن من ينتسب إلى حزب أو حركة لا يمكن أن يدافع عن حضرموت، لكنه يعني أن القيادات والصفوف الأولى لهذه الأحزاب والحركات ستنطلق في كثير من تصرفاتها وفق معيار حزبها أو حركتها وتكتلها، ولهذا ستكون العاقبة لأي تجمع يحمل مثل هذه القيادات إلى الفشل والاختلاف والتمزق. أقول هذا وكلي يقين أن كل أبناء حضرموت ينتسبون إلى اتجاه معين ويميلون إليه، فلا يوجد إنسان لا انتماء له، فهو إما مع هذا الفريق أو مع فريق آخر، وليس بالضرورة أن يكون حاملاً لبطاقة انتماء. ولعلي من الناس الذين استبشروا خيراً بالرؤية التي قدمها الملتقى الفكري لأعضاء هيئة التدريس بجامعة حضرموت، ذلك أن هذه الشريحة مع اختلاف توجهاتها تحتكم في الأخير إلى مبدأ الشورى في اتخاذ القرار نتيجة للممارسات التي تمارسها من خلال انضوائها تحت مظلة نقابة أعضاء هيئة التدريس، وهذا الملتقى على حدّ علمي لا يوجد فيه من قيادات الصف الأول للأحزاب ويستطيع كل من له رأي أن يسهم في تطوير الفكرة والخروج بحل يجتمع عليه معظم أبناء حضرموت، وحتى لا يقول قائل أنني أروّج لهذا الملتقى لحاجة في نفسي أقول إن مثل هذا الملتقى وأي تجمع آخر يضم في جنباته أشخاصاً يناقشون الأمور بعقلانية وحكمة ويحتكمون لرأي الأغلبية، ولا يكونون من طيف سياسي واحد لابد أن يثمر في الأخير عن مشروع يساهم ولو بجزء في توحيد أبناء حضرموت. إننا في حضرموت في أمس الحاجة للتوحد في ظل هذا الوضع الراهن، ولابد أن تتسع صدورنا للجميع وأن نتسامى بأنفسنا وأن نقبل الآخر مهما اختلفنا معه، كما أنه لا بد من الاستماع لبعضنا البعض وأن نتناقش في المختلف فيه من مفهوم" رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب" واختلاف الرأي لا يفسد للود قضية كما يقولون