كانت الساعة لا ادري .. جل ما اتذكره انني نمت على وقع القذائف .. وعليها افقت مفزوعا، كانت الزوجة تصرخ بهلع .. ومعها بناتها الثلاث: قتلونا .. قتلونا .. سنموت .. اللعنة عليهم .. بل اللعنة عليك انت .. انت من اجبرتنا على الرجوع من تعز الى العاصمة .. انت انت انت .. قطع هذيانها دوي قذيفة اخرى اصابت المنزل من اتجاه اللواء الرابع حماية اعلى التلفزيون .. لم يتبادر الى ذهني سوى كيف احمي حبيبتي وبناتها الثلاثة .. بغض النظر عن اللعنات التي تساقطت علي منها .. كون تلك اللعنات ممزوجة بالدموع .. دموع الخوف .. الهلع .. الفزع. في لحظات .. احتظنا اطفالنا بين حجرينا .. واوينا الى ركن قصي .. ومن ركن الى آخر حاولنا البحث عن اكثرها صلادة واحتمالا لقذائف المدافع .. وطلقات الرشاشات .. وفي الركن المقابل تذكرت ان معنا شخص آخر .. كان اخوها الاصغر يترقب بحذر .. يحاول اخفاء ملامح الفزع بابتسامة باهتة. مع اشتداد القصف بدأت العمارة تضج بالصراخ .. لم نكن وحدنا هناك .. عشرون طفلا وامرأة كانوا ايضا يصرخون .. يبتهلون ويبكون .. استجمعت قواي الضائعة .. غادرت شقتي مناديا الجميع .. اخرجوا كلكم .. تجمعوا في حجرة منزلي .. لان الطوابق العليا اكثر عرضة للخطر .. واقرب الطرق للموت الناتج عن خطأ. بدأو النزول سراعا .. وما هي الا لحظات حتى اخترقت القذيفة الشقة العلوية .. حيث الطفل بسام ذو العامين يلهو بالعابه .. والى جواره امه الخائفة .. الا ان القدر كتب لهم عمرا آخر .. بعد ان غادرو الى شقتي قبل ربع ساعة من اختراق القذيفة. في حجرة المنزل بقي الجميع يترقب .. يبتهل بالدعاء والبكاء .. وهدير المدافع يزداد قوة .. وطلقات الموت تقترب رويدا رويدا .. حتى وصلت الينا .. ولم يحمنا منها الا القدر .. ودعوة صالحة. مع مضي الدقائق الثقيلة .. بدأت في البحث عن مغيث .. وارسال المناشدة تلو المناشدة على صفحات التواصل الاجتماعي .. ولم يكن ذلك اعتباطا .. بل اني كنت ابحث عن دعوة صالحة من احدهم تقينا ذلك الشر، واظنها تحققت. كانت القذائف تتساقط كالمطر .. قصف بربري مروع على الحي .. من الجهة المفترض انها حامية .. من المعسكر المكنى "حماية" اخترقت قذائف الموت جدران المساكن دون هوادة .. رغم انها ملئا بالسكان. مرت الساعة وتلتها اخرى .. لا فائدة ولا جدوى .. كل ما حاولنا الاستعداد للمغادرة .. تعيدنا القذائف الى حجرة المنزل .. وصلت طلقات الرشاشات سلالم العمارة .. ونوافذها الزجاجية .. حتى طرقت احداها بابنا وصرخنا جميعا .. لكنها وصلت بعد تصدعها في العمود المقابل .. قرأت جهرا كل الادعية المأثورة .. والصحيحة والمحرفة .. تقربت الى الله بدموع اخفيتها حرجا من اولئك النسوة. ومع تراتيل اذان العصر .. هدأ القصف .. هكذا ظننا .. غادرنا المنزل صفا واحدا .. وانا في المقدمة .. يحمي كل منا الآخر بمسافة لا تقتلنا جميعا .. ان اصابتنا قذيفة .. بعد ان امنا الاطفال في المنتصف. سارعت الخطى انا وعشرون طفلا وامرأة ملأوو سيارتي .. وبدون تردد انطلقت مسرعا .. لان القصف عاود مجددا .. ومعه عاد الصراخ في داخل السيارة .. طلبت من الجميع الدعاء .. بدلا عن البكاء .. وصلنا وانتهت احداث 10 ساعات رعب. رئيس تحرير الرياضي نت