لم يكن يعلم أحمد ابن الخمسة عشر ربيعًا، أن الحرب التي هدأت بعد تراجع الحوثيين لم تتوقّف بعد، وأن عودته إلى منزله في حي الجحملية بمحافظة تعز رفقة أسرته ستفقده إحدى ساقيه بعد تحرير منطقته من المليشيات ولكنهم بحاجة إلى سنوات أخرى لتحريرها من قبضة آلاف الألغام. قرر أحمد وأسرته العودة قبل أشهر إلى منزلهم بعد مرور عام من النزوح والتشرّد، حيث جاء قرار العودة، بعد تمكن المقاومة الشعبية والجيش الوطني من تحرير الحي الذي يقع فيه منزلهم من مليشيا الحوثي وصالح، بعدما ضمّته إلى ساحات القتال منذ أكثر من سنة. أُجبرت المليشيات على الانسحاب من كثير من الأحياء السكنية بعد معارك شرسة، الأمر الذي جعل المئات من أهالي الحي النازحين يفكّرون في العودة إلى بيوتهم، فمليشيا الحوثي وصالح لم تكتف بالدمار والخراب الذي خلفته في منازلهم، وتسبّبهم في قتل وجرح المئات الذين لم يتمكنوا من النزوح وأجبروا على البقاء تحت سيطرتها، بل سعت نحو زرع الألغام في جميع أرجاء الحي، وتفخيخ البيوت بالمتفجرّات، ما جعل سكّان هذه الأحياء أمام حرب من نوع آخر. "إنها لحظات صعبة لم أصدق ما حدث مع ابني"، يقول والد أحمد" للصحوة نت "الذي شاهد بأم عينيه كيف اهتز ابنه تحت عبوة انفجرت تحت ساقيه، وهم في طريق العودة إلى منزلهم، وهي من الألغام التي تركتها مليشيا الحوثي قبل خروجها من حي الجحملية في تعز. ويتابع " رأيت أشلاء من أجزاء ولدي تتطاير كانت صدمة عنيفة عندما رأيته يتطايرا مام عينه" تساقطت دموع الاب وهو يتذكر تلك اللحظة المرعبة التي اختلطت بدماء احمد" معاناة اليمنيين من زراعة الألغام ليست جديدة، وهو سلوك استخدمه نظام صالح في حروب كثيرة شهدها اليمن خلال العقود الماضية، بدءًا من حرب المناطق الوسطى التي كان نظام الرئيس صالح أحد أطرافها، مرورًا بحرب صيف 1994 التي قادها صالح على جنوب البلاد، وصولًا إلى حروب صعدة والحرب التي يقودها صالح مع مليشيا الحوثي على المدنيين اليوم.
*حرب إبادة أحمد الذي فقد رجله ليس حالة نادرة، إنما قصّة معاناة تتكرّر بين الحين والآخر، في مختلف أرجاء تعز، خاصة بعد تحرير المقاومة الشعبية لمناطق كثيرة كانت مليشيات الحوثي قد سيطرت عليها، مليشيا الحوثي تعمل باستمرار على زرع الطرقات والشوارع، بالألغام، وتفخخ المنازل بالعبوات الناسفة أصاب لغم أرضي يوم 9 مارس/آذار الطفل رائد (14 عاما)، وشقيقه قايد (17 عاما)، خلال محاولتهما العودة إلى منزل العائلة في منطقتهم بحرض. كانت العائلة قد فرت من الموت 2015 بسبب القتال. وأضاف أن قوات مليشيا الحوثي زرعت المنطقة بالألغام. ذهبا إلى المنزل قرابة الساعة 10:30 صباحا، معتقدين أنه آمن. وجدا الباب الأمامي مغلقا فسارا إلى الجزء الخلفي من المنزل. قال رائد: "انفجر شيء فجأة. لم أشعر بشيء لكني سقطت على الأرض ورأيت أخي يسقط كذلك والغبار يتناثر حولنا. لم أستطع السير، ورأيت قدمي اليمنى تنزف". حاول قايد إيقاف نزيف أخيه. حازم، شخص سمع الانفجار، هبّ لنجدتهما، لكن لغما آخر انفجر عندما كان على بعد 5 أمتار وعندها "سقط أرضا وساقه اليمنى تنزف وهي محطمة"، قال رائد "لصحوه نت " أنا الآن قدمي اليمنى مبتورة بسبب الألغام الأرضية، وأشار إلى ان الحوثين مليء بالألغام الأرضية. انتقاما من الناس العائدين لمنازلهم. يوم 23 سبتمبر/أيلول، قُتل 6 أفراد من أسرة واحدة بينهم طفل، وأصيب 3 آخرون عندما اصطدمت سيارتهم بلغم مضاد للمركبات. قالت أمة الخالق (27 عاما) التي نجت من الحادث، إنهم كانوا في طريقهم من صنعاء إلى تعز لقضاء عطلة عيد الأضحى مع ذويهم. قالت أمة الخالق إن 9 أشخاص كانوا في الشاحنة، منهم زوجها (32 عاما)، ابنتها (5 سنوات)، وطفلان آخران (11 و13 عاما). قالت إنها بعد الانفجار "فقدت الوعي لبضع دقائق. أصيبت ابنتي. قُتل جميع الرجال. أتذكر رؤيتهم ينزفون على الأرض".
قال علي، والد أحد الرجال الذين لقوا حتفهم، "أن الحوثيين زرعوا الطريق بالألغام وقد قتل الكثيرون ومنهم عائلته " مسلسل الموت المتربص باليمنين مسلسل الموت المتربص باليمنين منذ انقلاب الحوثين على الشرعية لم ينتهِ ففي محافظاتأبين وحجة وعمران وصعده ظهر استخدام ألغام محلية الصنع بأشكال وأحجام مختلفة، وحتى زراعتها تمت بطريقة عشوائية على غير ما يألفه النازعون للألغام. ,تشكل غياب الخرائط لحقول الألغام والمتفجِرات أبرز العوائق التي تواجه النازعين للألغام، وتسبب في سقوط الكثير من الضحايا. كشف تقرير أصدرته مواطنة حديثا" عن سقوط ضحايا مدنيين بالألغام زرعتها جماعة أنصار الله المسلحة (الحوثيون) وقوات الرئيس السابق صالح قتلت 57 مدنياً بينهم 24 طفلاً وأربع نساء، وجرحت 47 مدنياً اخرين بينهم 21 طفلاً وست نساء في ست محافظات يمنية. واحتوى تقرير "قاتل مستتر" على 33 واقعة كنماذج لوقائع انفجار ألغام أرضية بمدنيين خلال الفترة من يوليو/ تموز 2015 حتى أكتوبر/ تشرين الأول 2016، في المحافظاتعدن، تعز، مأرب، صنعاء، البيضاء ولحج. استخدام الألغام لقتل المدنيين " وزرعها في المدن المهولة بالسكان. 2258 من الضحايا وثقها التحالف اليمني منذ اندلاع الحرب في اليمن، من ضمنها 618 قتيلا خلال العام الماضي. تختلف القصص في رواياتها وتلتقي عند محور واحد وهو الألم. ويزداد حجم الألم وتتضاعف المأساة عندما تكون الضحية "إمرأة" فإعاقة المرأة في المجتمع اليمني تأخذ منحًى آخر، فعلى المرأة المعاقبة أن تتحمل عناءين؛ عناء الإعاقة وعناء النظرة الدونية. أشواق من محافظة الضالع لا شيء يجعلها سعيدة سوى عودة إحدى رجليها وبعض أصابع يديها وهو الطلب المستحيل، وعلى الرغم من الاهتمام والرعاية التي تقدم لها، لا ترى في ذلك تعويضاً عن سعادتها التي أخذت منها. تقول " لم يعد لدي أي امل ,فالناس وأهلي ينظرون لي نظره شفقه لا اصلح لشيء والموت هو الحل لأنهاء اعاقتي " وتابعت بقهر " الحوثين احرقوا حياتي" قصه أخرى تكشف عن عذابات أروى التي هي أكبر من أن تُنسى لأن مساحات الألم تكبر معنا أحيانا، ترافقها كظلها قبل أن يأتي الحلم فيقتلع جذورها، في السابعة من عمرها فقدت أروى ساقيها إثر انفجار لغم في قريتها في نهم تحاول أروى الاستمرار في الحياة، كل ما يهمها أن تواصل حياتها بشكل طبيعي وهي تواجه آلام الإعاقة، سنتان مرت ولم تنس أروى قدميها، بعد الحادثة بوقت قصير.
أروى علي تقول "للصحوة نت:" أنا سرحت وأنا مريضة طلعت الجبل بعدها طلعت لأجيب قلوع بعد ما طلعت الجبل لفوق للظهر ونزلت الساعة واحدة وبعدها قرح هذا اللغم , وبعدين أسعفوني، أتمنى أن يصبح معي رجلي وأمشي ، الهم الأول لأروى أن يتمكن الناجون من الألغام من ممارسة حياتهم والعيش بأمان وتوفير فرص عمل للاعتماد على أنفسهم، لغة الألغام هي لغة القتل والإعاقة والتشريد والحرمان أينما وُجِدت على سطح هذا الكوكب "أوقفوا زراعة الألغام لأجل مستقبل الأطفال"، بهذه الكلمات اختتمت أروي رسالتها إلى صانعي الموت من مليشيا الحوثي وصالح: "ها أنا أخط رسالتي بما تبقى من يدي، وجسدي اجعلوني آخر الضحايا، ولي طلب وحيد "أوقفوا زراعة الألغام لأجل مستقبل الأطفال". المصدر| الصحوة نت