قبل فترة زار السودان أحد الزملاء الصحفيين ويمتلك مؤسسة إعلامية وكنت في استقباله في مطار الخرطوم وكان بصحبته احدى الأخوات الأثيوبيات وكانت في قمة الأدب والأخلاق، وكان الزميل العزيز قد حمل أمتعتها مع أمتعته في عربة واحدة. سألته من هذه الأخت التي معك؟ فقال هذه كانت شغالة عندنا لما يقارب 13 سنة تقريباً . خرجنا من صالة المطار إلى مكان بجوار مطعم تجمع فيه الأثيوبيون المغادرين إلى أديس ابابا وكان موعد الرحلة ليلاً، وطلبت من الزميل بأن نذهب إلى الفندق، والأخت الكريمة ستذهب مع ضيوف الطيران الإثيوبي إلى فندق الترانزيت الخاص بطيران الأثيوبية ، فقال لا يمكن أن اترك الموظفة حتى أوصلها إلى صالة المغادرة، هذه أمانة في عنقي.. وطلب مني شراء شريحة سودانية للموظفة لتستخدمها وقت الحاجة في حال واجهتها اية مشكلة أو صعوبات أثناء بقائها في فندق الترانزيت مع الإخوة الأثيوبيين المنتظرين للرحلة لعدة ساعات فقط.
ذهب أحد الزملاء لشراء شريحة الاتصالات، وبعد تجربة الشريحة والتاكد من صلاحيتها، صعدت اختنا الباص الذي سيوصلها إلى الفندق الخاص بها والأخوة الأثيوبيين ،بعد ان اخذ زملينا رقم تلفونها في حالة احتاجت أي مساعدة . شخصياً نظرت إليه نظرة إكبار لحسن معاملته لعاملة بسيطة ووفائه واصراره على عدم تركه لها حتى تغادر السودان . يحكي لي زملينا بأنه وأسرته غادروا منزلهم في صنعاء بعد احتلال الحوثيون لها ، ولم يتبق في البيت إلا العاملة الأثيوبية ، وعندما هاجم الحوثيون المنزل لنهبه تفاجأوا بالعاملة الاثيوبية تصيح بأعلى صوتها للجيران بأن يغيروا عليها ، وكانت تجيد اللهجة الصنعانية ، ولم يتنبه الحوثيون بأنها من الأخوات الأثيوبيات وإنما ظنوا أنها من أصحاب المنزل ، فما كان من الحوثيين إلا ان غادروا البيت خشية الفضيحة ، بأنهم يحاولوا أن يقتحموا منزلاً ليس فيه إلا النساء ، فكانت هذه العاملة الطيبة الوفية بحسن تصرفها سبباً في عدم تمكن الحوثيين من اقتحام المنزل. ساعات مرت وأختنا الإثيوبية في فندق الترانزيت وحان موعد الذهاب للمطار ، وزملينا على تواصل معها ولم يهدأ له بال حتى صعدت العاملة المثالية إلى طيران الإثيوبية مودعة زملينا المثالي. مع السلامة يا بابا