أكد الدكتور ياسين سعيد نعمان أن عجلة التغيير قد دارت ولن تعود إلى الخلف والثورة قامت من أجل الحفاظ على اليمن وبدأت لكي تنتصر في النهاية. وقال إن ما حققته الثورة انجاز كبير بكل المقاييس وعظيم, مهما بدا أن هناك بطء وشعور بالإحباط عند البعض. وأشار إلى أنه ما يزال أمام بقايا النظام فرصة للوصول إلى كلمة سواء وعليهم أن يعتبروا من الآخرين. وأضاف في مقابلة مع قناة "سهيل" الفضائية مساء الثلاثاء, أن المؤتمر وما فيه من قوى خيرة مدعوين للإسهام في التغيير وبناء اليمن الجديد وأنه ضد الإقصاء والتهميش وكل من كان قادرا على البناء فلا يجب إقصاؤه. وعزا نعمان انسحاب البعض من المجلس الوطني إلى ثلاثة عوامل أولها: أن البعض التبس عليه مفهوم طبيعة ومهام المجلس واعتقد أننا سنعلن عن مجلس حكم وعندما أعلن مجلس نضالي وجد البعض نفسه انه غير قادر فاعتذر وثانيها: الفهم المغلوط للمشروع السياسي ومتى يجب أن يتحقق وقال البعض انه لابد أن تتحقق بعض القضايا لكي ينضم، في حين أن المجلس سيناقش في أجندته كل القضايا الوطنية في الساحة, والأخير: أن بعض العناصر لم يتم التشاور معها على اعتبار أن أنها تدرك أن المجلس عمل نضالي لكننا بحاجة إلى حوار مستمر مع كل القوى والمجلس مجرد أداة لعمل طوعي ومن أراد أن يبقى على الرحب والسعة". ودعا الذين ينتقدون طريقة تشكيل المجلس إلى تشكيل تجمع آخر, وأن ينتظموا في إطار عمل جماعي يساعد على عملية التغيير. وقال إنه من حق البعض أن يتوقف أمام مشروعه الخاص ومن حقه ألا يأتي, لكنه أكد أنه ليس من حقه الإساءة إلى المجلس. وتابع: "عندما قامت الثورة جاء إلى ساحاتها فئات عديدة من أحزاب وقوى مختلفة من داخل النظام ومن خارجه, وكان لابد من إيجاد ائتلاف شعبي وسياسي عام يستطيع جمع هذه القوى, وكانت هناك ضرورة لإيجاد هذا الائتلاف الوطني الذي بدا التفكير به منذ ثلاثة أشهر, وقد جرت اتصالات مع كل القوى وواجهتنا صعوبات". وقال نعمان إن البعض كان ينظر للثورة كأنها حالة مؤقتة حتى يتأكد من نجاحها وكانت الحسابات عند البعض تغلب عليها كثير من التوجس حتى تم إعلان المجلس. وأكد أن إعلانه أتى في لحظة تاريخية مهمة في دلالتها يمكن النظر إليها من خلال أنها أنجزت الكثير من المراحل التي بدا أنها متعثرة. في الوقت نفسه قال أمين عام الاشتراكي إنه مع أن يشكل الناس أنفسهم في تجمعات مختلفة, لافتا إلى أن المشترك لم يدعو عند إعلانه للمجلس أنه يمثل الجميع كما يفعل البعض وإنما كان يتحاور مع الجميع. وشدد أن المهمة الأساسية التي يجب أن يلتقي الجميع حولها هي التغيير وبعد ذلك نتفق ما الذي يجب أن تكون عليه اليمن. واعتبر أن انتصار الثورة لا يعني التغيير فقط وإنما بما ستفتحه من أفاق وازدهار اقتصادي وحل للقضايا المعلقة. وأضاف: "إن الثورة اليمنية لم تبدأ مطلع هذا العام ولكنها نتاج تاريخ نضالي ماض, وفي الواقع العملي بدأت بمجموعة من الشباب الذين نزلوا إلى الشارع يعبرون عن الأحلام الجامعة". وعدد نعمان فشل النظام الذي قال إنه تمثل في أكثر من ميدان, منها الجانب الاقتصادي والخدمات الاجتماعية والوطن وحرب صعدة وتفاعلات الوضع السياسي في الجنوب. وقال إن الوحدة في نظر النظام المتهالك كانت توسيع رقعة جغرافية ولم يستطع تقديم أي مشروع سياسي, مشيرا إلى أن الشباب تمكنوا من التقاط اللحظة التاريخية المناسبة, بعد أن كانت هناك حالة من اليأس لأن المشروع السياسي بدا وكأنه عاجز عن أن ينتج إحداث تغيير في الواقع, واستطاع الشباب أن ينقلوه إلى الفعل الثوري. ولفت إلى أنه جرى تشكيل لجان للقاء الشباب في الساحات, لكنه عاب عليهم كثرة ائتلافاتهم في الساحات, وقال إنه لو تم ذلك قبل إعلان المجلس لكان أسهل لتحاور معاهم. كما دعا الشباب إلى أن يتوحدوا في إطار ائتلاف موحد ويتناسوا الاختلافات كونهم قدموا التضحيات من أجل التغيير, منوها إلى أن تناسي اختلافاتهم لا يجب أن تحول دون تحقيق الهدف الأساسي لانجاز عملية التغيير. وتابع: "عليهم أن يقبلوا الاختلاف ويديروا الاختلاف بعيدا عن منطق الاستئثار وان على الشباب حملة لواء التغيير أن يتحولوا إلى فاعلين حقيقيين بدلا من انتظار الأحزاب للاعتراف بهم وحينها سوف يفرضون أنفسهم على الجميع إذا ما تجاوزوا حالة النقد للأحزاب". وحول المجلس الوطني, قال إن المجلس سيصوغ موجهاته خلال الأيام المقبلة, على قاعدة الحوار مع كل القوى السياسية والشباب، لكنه شدد على التسريع وعدم البطء في ذلك لأن الأمور تتسارع والوطن ينهار بشكل كبير بسبب ممارسات بقايا النظام . وردا على سؤال أجاب نعمان:"إن الثورة بدأت مبكرا بكثير عن تونس ومصر وليبيا منذ عام2007 عندما بدا الشباب في الجنوب يتحدثون بضرورة إصلاح شامل وإصلاح مسار الوحدة وكانوا ينطلقون من أن المشروع السياسي للنظام أخرج الجنوب من دائرة الفعل السياسي بعدها جاءت الثورة ودفع الناس مئات الشهداء وآلاف الجرحى", معتبرا أن هذه الفترة المبكرة للثورة أعطت اليمن أسبقية في اقتحام العمل الثوري. وحول الفرق بين اليمن وليبيا قال: إن النظامين الجمهوريين تحولا إلى أنظمة عائليه ولذلك جرى إعادة بناء الأجهزة الوطنية بما فيها الأمنية تبعا للنظام العائلي وهنا المشكلة التي عقدت الوضع". وأشار إلى انه مثلما اتجه القذافي للعنف كنا نتمنى أن يقرا النظام في اليمن ما معنى العنف وانه لا يمكن أن يحقق السلطة وخير شاهد أن القذافي أقام حربا على شعبه راح ضحيتها الآلاف والدمار وفي الأخير خرج من السلطة وانتصرت الثورة. وأكد أن المشترك تنبه إلى هذه المسالة مبكرا من منطلق تجنيب بلدنا العنف لكن النظام اختار ذلك ورفض المبادرة الخليجية وغيرها من الجهود في هذا الشأن. وقال: "من أراد أن يحكم عليه أن يدرك أن العنف لن يحقق له ذلك وما يقوم به سيكون مغامرة فقط". من جانب آخر, تحدث نعمان عن تركة كبيرة ومشكلات كثيرة ورثها النظام, منها حرب صعدة والقاعدة والفقر, مستغربا من أن يستأثر قلة بمقدرات البلاد ويترك القليل لغالبية الشعب. لكنه قال إن من أكثر ما أورثه النظام انه استطاع أن يوجد لكل منطقة مشكلة على حده ما جعل كل قوة تعتقد أنها يجب أن تتفرغ لمشروعها وتنسى المشروع الوطني. واعتبر نعمان ما تتعرض له كثير من مناطق اليمن كأبين وتعز وأرحب ونهم, عملا مدانا بكل المقاييس ويجب أن يدان عربيا ودوليا وقال إن النظام اخذ يبشر مع بداية الثورة بالحرب الأهلية وما يقوم به اليوم هو من اجل تأكيد هذه المقولة. وأضاف:" إن عدم الاستجابة لما يرمي إليه من جر الناس للحرب يعد حالة من أفضل حالات الرقي الاجتماعي, وما يقوم به عدوان, مؤكدا أن النظام استمرئ كل الأساليب وهو أوجد القاعدة في الجنوب لكي يغطي على عدوانه في تعز والحصبة. وفي سياق متصل قال نعمان إن النظام فشل في أن ينشئ حربا أهلية وكل ما يقوم به انتقل من مربع العنف إلى العدوان. ودعا نعمان في ختام مقابلته, كل المنتفعين حول النظام بان لا يجعلوا مصالحهم الشخصية الضيقة فوق المصلحة العامة للشعب, محملا إياهم مسؤولية كل ما يقوم به النظام من قتل وسفك للدماء، كما ذكرهم بان الثورة ستنتصر مهما واصلوا قتل الناس وسفك الدماء. وكان نعمان قال في وقت سابق في حوار له مع صحيفة «عكاظ»: إن المباحثات التي أجراها مبعوث الأممالمتحدة جمال بن عمر مع مختلف الأطراف اليمنية، توصلت إلى آلية لتنفيذ مبادرة دول مجلس التعاون على مرحلتين تتوجان بانتخابات رئاسية بنهاية العام الحالي 2011م، مؤكدا تمسك التكتل بالمبادرة الخليجية، وموضحاً أهمية العملية السياسية التي تديرها أحزاب المعارضة، بكونها حماية لثورة الشباب وليست بديلا عنها، واصفاً موقف المملكة حيال ما يجري في اليمن، بأنه إيجابي وفعال. كما أثنى على موقف دول مجلس التعاون الخليجي، الذي اتضح من خلال المبادرة الخليجية، التي تلبي مطالب الشعب في التغيير، كونها "تستند في الأساس على نقل السلطة كمقدمة ضرورية لعملية التغيير الكامل للنظام"، نافياً أن يكون الموقف الخليجي تدخلا في الشأن الداخلي، وإنما هو واجب ديني قبل كل شيء، وتلبية للدعوة من الداخل اليمني، قائلاً: "الحقيقة إن دول الخليج لم تفرض نفسها على المشهد اليمني، وإنما استجابت للدعوة التي وجهها لها اليمنيون للمساهمة في الحل، وجاء ردها من خلال المبادرة التي انطلقت من المبادرات الداخلية التي بدأها النظام في الثالث والعشرين من مارس الماضي، لكنه يعمل الآن على إفشال هذه المبادرة التي وضع أسسها". وفيما يخص الصمت الخليجي في الفترة الماضية، والذي جعل البعض يعتقدون أن دول الخليج قد تخلت عن مبادرتها، قال الدكتور نعمان: "أعتقد أن دخول مجلس الأمن أخيراً على الخط عبر المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، كان سبباً في نقل مركز الثقل بشكل مؤقت إلى مكان آخر، إلا أن هذا لا يعفي الأشقاء في دول الخليج باعتبارهم أصحاب المبادرة التي يقف العالم وراءها، ونأمل أن يواصلوا جهودهم"، ورأى أن على دول الخليج تفعيل مبادرتهم التي أصبحت اتفاقية بعد التوقيع عليها من المعارضة والحزب الحاكم باستثناء الرئيس صالح، معتبرا عملية التفعيل تلك تكمن في "الضغط على النظام للإيفاء بالتزامه بتنفيذ الاتفاق وتجنيب الوضع في اليمن المزيد من التدهور، الذي يورث المنطقة وضعاً في غاية الخطورة، وينعكس على استقرارها والممرات الدولية وغير ذلك من المخاطر على الأمن الإقليمي والدولي"، مثمناً في السياق ذاته الموقف الإيجابي للمملكة الذي "برز من خلال تعاطيها الفعال مع المبادرة الخليجية، بل ومساهمتها في الوصول إلى الصيغة التي استقرت عند المطالبة بتحقيق أهداف التغيير بنقل السلطة". كما أشاد بنتائج زيارة مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة جمال بن عمر، بقوله: إنه وبعد التشاور مع كافة الأطراف توصل إلى آلية للتنفيذ خلال مرحلتين، على أن تتضمن المرحلة الأولى إصدار الرئيس مرسوماً دستورياً يدعو فيه إلى انتخابات مبكرة، وينقل بموجبه السلطة بصورة نهائية إلى نائبه، وتشكيل لجنة عسكرية لإعادة هيكلة القوات المسلحة والأمن، وتشكيل حكومة وحدة وطنية من كل الأطراف، وإجراء انتخابات رئاسية في نهاية العام الحالي2011م. ويتم في المرحلة الثانية الدعوة إلى حوار (مائدة مستديرة) لكافة القوى السياسية، لإعداد الدستور وحل القضية الجنوبية وبناء الدولة وتحديد طبيعة النظام السياسي ووضع خطة وطنية لمحاربة الإرهاب ومعالجة الوضع الاقتصادي واستكمال عملية التغيير على كافة الأصعدة". إلى ذلك أشاد نعمان بالدور الأمريكي والأوروبي بقوله: "هم في الحقيقة بذلوا ولا زالوا يبذلون جهوداً كبيرة في العملية السياسية الجارية، ويتبنون مواقف تنسجم مع المواثيق الدولية فيما يخص حقوق الإنسان، ويدركون أن انزلاق اليمن إلى الفوضى سيترتب عليه نتائج خطيرة على المنطقة وعلى المجتمع الدولي، ومن ذلك المنطلق يؤيدون المبادرة الخليجية ويتحاورون مع كافة الأطراف ويشاركون بفعالية في تقديم المقترحات، وهذا الأمر يبطئ من تفاعلهم مع الأحداث الجارية ويظهرهم مترددين في اتخاذ المواقف". وعن وضع قضية الجنوب في العملية الثورية، وما يتردد من مزاعم ترى أن نجاح ثورة الشباب سيؤثر على وحدة اليمن، اعتبر الدكتور ياسين "القضية الجنوبية في قلب العملية الثورية، بل إنها هي التي حركتها منذ مرحلة مبكرة، والذين يحاولون عزلها يسيئون إليها لخدمة مشاريع مجهولة، وقول البعض إن نجاح الثورة خطر على القضية الجنوبية يطرح أكثر من علامة استفهام"، مختتماً حديثه بالتأكيد على أهمية دور الشعب اليمني في صنع مستقبله، قائلاً: "بعد عملية التغيير سيكون للشعب الكلمة الفصل في قضية الجنوب وغيرها من القضايا، ولا أحد سيكون بديلاً عن الشعب في الجنوب وفي الشمال على حد سواء".