قال يحيى اليناعي المسؤول الإعلامي لنقابة المعلمين اليمنيين إن قطاع التعليم تضرر كثيراً من الانقلاب، ونتج عنه حرمان ملايين التلاميذ من التعليم، وآلاف المعلمين من حقوقهم الأساسية. لافتاً إلى تحريف وعبث الحوثيين بالمنهج الدراسي وتوظيف التعليم لخدمة ثقافة العنصرية والعنف. وأضاف بأن المرتبات في اليمن ارتبطت بالعهد الجمهوري، وأن الحوثي لا يؤمن بالحقوق والحريات والمرتبات. مشيراً إلى نظرة الحوثي للتعليم باعتباره عملية تعبئة للطالب بأحقاد التاريخ وثقافة الكراهية والإرهاب ليغدو صرخة مبندقة و"عكفي" يموت نيابة عن الآخرين، ويضحي بروحه ليعود إلى المهانة والاستبداد. إلى الحوار:
* تسبب الانقلاب بأضرار مختلفة لموظفي الدولة، فكيف يبدو حال التعليم والمعلم بعد 4 سنوات؟
قطاع التعليم من أكبر وأبرز القطاعات المتضررة من الانقلاب على الدولة، وقد نتج عنه حرمان ملايين الطلبة من التعليم، وفقدان آلاف المعلمين لحقوقهم الأساسية كالحق في الحياة والسلامة والحرية الشخصية وحرية التنقل والتعبير والحقوق المادية. كما أن المنهج الدراسي الرسمي الذي يشكّل عقول الطلبة ويعزز روح الانتماء الوطني والهوية اليمنية في وجدانهم، لم يسلم هو الآخر من التحريف والتطييف والعبث، ومن محاولات التوظيف لخدمة ثقافة العنصرية والعنف والكراهية. فالتعليم في نظر الحوثيين هو كيف تحيل الطالب من إنسان كريم إلى خادم للسلالة والإمامة الكهنوتية، وتكون لديه سمات العبودية والهوان. وكيف تشحنه كبرميل بارود بأحقاد التاريخ وثقافة الكراهية والإرهاب ليغدو صرخة مبندقة و"عكفي" يموت نيابة عن الآخرين، ويضحي بروحه ليعود إلى المهانة والاستبداد. ومخرجات التعليم عندهم تنتهي بالطلبة مجندين في جبهات القتال، لا في مؤسسات العمل وساحات الحياة، وبتكريس ثقافة التمييز العنصري السلالي البغيض، لا ثقافة المواطنة المتساوية والحقوق المشتركة والسلم. وهذا انتهاك خطير لحقوق الأطفال الطلبة وعموم المواطنين، وجريمة حرب، ومن الجرائم ضد الإنسانية.
* ماذا عن المرتبات؟ المرتبات في اليمن ارتبطت بالعهد الجمهوري، أما في عهود الإمامة البائسة فلم يكن هناك تعليم نظامي ولا مرتبات، وكان الجهل والتجهيل هو السمة التي طبعت عهود الأئمة المتخلفة. المرتبات انقطعت حين عادت الشرذمة الإمامية في نسختها الحوثية، وكأنه لا يجتمع إمامة وراتب، وإمامة ورخاء وأمن وعدالة وسلام..لأن فكرة الإمامة في ذاتها نقيض للحياة ولكل جميل فيها، وقرينة للموت والبؤس والخراب. فأينما حلت أقبل بعدها الفقر والمجاعة والمخافة والآلام والحروب والدمار، كما قال أول وزير للتربية والتعليم في اليمن أبو الأحرار الشهيد محمد محمود الزبيري رحمه الله.
*هل جميع المعلمين بدون مرتبات؟ الحوثي لا يؤمن بالحقوق والحريات والمرتبات، وقضايا الناس ليست في جدول أعماله. والانقلاب جزّأ المعلمين في موضوع المرتبات إلى 3 فئات: فمن هم في المحافظات المحررة والخاضغة لسلطة الدولة يتقاضون رواتبهم شهرياً بصورة منتظمة. الفئة الثانية الذين في محافظات سيطرة مليشيا الحوثي ومناطق الاشتباكات وهؤلاء لا يتقاضون مرتباتهم منذ أكثر من عامين، باستثناء بعض الشهور. والثالثة هم المعلمون النازخون، وهؤلاء لم يتقاضوا مرتباتهم منذ عامين باستثناء مرتب شهر أو شهرين أو أكثر بقليل.
* هل المرتبات مشكلة المعلمين الوحيدة؟ للأسف فإن بعض المنظمات الدولية تقدم انقطاع المرتبات كأنه المشكلة الوحيدة، دون أن تتطرق لحوادث القتل والتعذيب حتى الموت لعشرات التربويين، ولحملات الخطف والإخفاء القسري بحق المئات. ولم تتطرق تقارير تلك المنظمات لأعداد المعلمين المفقودين الآخذة في الازدياد، واستمرار جماعة الحوثي في الاعتقال التعسفي إلى اليوم، وحرمان أقارب المخطوفين من زيارتهم، ومن معرفة مصيرهم. كما لم تستنكر القيود المفروضة على حياة المعلمين وتنقلاتهم وحرية التعبير، وعمليات هدم منازل العديد منهم بالألغام، وخرق كل تدابير الحماية المكفولة للمدنيين بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.
* هل هناك فعاليات تصعيدية للمعلمين احتجاجاً على هذا الوضع؟ النقابات دعت للإضراب الشامل في المحافظات التي توقفت فيها عملية صرف المرتبات، كصنعاء وغيرها. لأن الراتب بالنسبة للمعلم يمثل شريان الحياة، وانقطاعه يسبب له ولأسرته ضائقة معيشية شديدة، خصوصاً وأن انقطاع المرتبات تبعه انخفاض حاد في القيمة الشرائية للعملة وارتفاع كبير في الأسعار.
* من يتحمل مسؤولية انقطاع المرتبات؟ تتحمل جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عن عدم تسليم الأجور في المناطق التي تسيطر عليها، وفقاً للقوانين والمعاهدات الدولية التي تلزم سلطات الأمر الواقع بصرف المرتبات وتوفير كافة متطلبات الحياة والمعيشة. وتتحمل الحكومة المسؤولية الكاملة عن صرف مرتبات المعلمين النازحين ومن هم في مناطق الاشتباك.
*أين دور النقابة؟ في الحروب تتقدم حقوق غير تلك التي كانت في السلم، كالحق في الحياة والسلامة والأمن، أن يأمن الإنسان على روحه وأسرته وبيته من القتل والإصابة والخطف والتفجير، وهي حقوق تغيب عند غياب الدولة وتحضر في زمن الانقلابات والفوضى وحروب المليشيات. لكن هذا لا يقلل من أهمية المرتبات، وتأثير انقطاعها على حياة المعلمين وأسرهم. نقابة المعلمين تتحرك في حقل من المخاطر، فقياداتها ومنتسبيها مستهدفون بالقتل والخطف والتعذيب من قبل المليشيات، وسجون الحوثي تكتض بالمئات منهم. النقابة تبذل أقصى جهودها في هذا المجال، رغم المخاطر السابقة وصعوبة التنقل في مناطق الاشتباكات والمحافظات التي ليست خاضعة لسيطرة الدولة.
*هل هناك خطوات ملموسة؟ نعم.. تابعت النقابة وفروعها بالمحافظات كشوفات المرتبات ل 2014م، الكشوفات الحقيقية قبل أن تعبث بها مليشيات الحوثي، وقامت بتسليم نسخ منها لمكاتب الخدمة المدنية ومحافظي المحافظات. وبعثت مذكرات لرئيس الجمهورية المشير عبد ربه منصور هادي، ولنائبه الفريق علي محسن، ولرؤساء الحكومات السابقة بحاح وبن دغر، ولوزيري المالية والتربية. والتقت قيادة النقابة بنائب الرئيس الذي وجه الحكومة بصرف المرتبات، وزارت رئيس الحكومة السابق بحاح، وكذا بن دغر الذي وجه مذكرة للمالية والبنك بالصرف. كما التقت العديد من المحافظين والمسؤولين في المالية والبنك المركزي، واتفقت معهم على آلية تسليم المرتبات وفقاً لضوابط تضمن تسليم مرتب كل معلم إلى يده.
* وماذا كانت النتيجة؟ أثمرت تلك الجهود عن صرف بعض مرتبات المعلمين في العديد من المحافظات، وستواصل النقابة متابعتها للجهات المختصة حتى تستكمل وتنتظم عملية الصرف للجميع.