عاد "مصطفى الأحمدي" الى البيت بكيس صغير فيه بعض علب " الكراميل" هي كلما تمكن من شراءه بالنقود التي كانت معه، في مثل هذه الأيام، قبل سنوات كان مصطفى يعود الى البيت بحمولة مختلفة كثيراً، حتى أنه كان يضطر لاستئجار سيارة مكشوفة لنقل المشتريات الى المنزل. " أنا مواطن عادي من الطبقة المتوسطة وراتبي متوقف من حوالي أربع سنوات مثل باقي الموظفين، سيكون رمضان هذا العام والعيد هم الأصعب. لأن الأوضاع وصلت الى درجة الصفر"، هكذا اختصر لنا الأحمدي حالته، التي يتواجد مثلها مئات الآلاف من الأسر اليمنية. ويقول":" اسكن وعائلتي في بيت ملك والحمد لله، ومع ذلك، سيكون علينا قضاء الكثير من الاوقات الصعبة، وإذا امضينا رمضان بسترالله فقد لا نتمكن من شراء مستلزمات العيد. مصطفى ليس الشخص الوحيد الذي يتوقع الأسو، فغالبية اليمنيين يعتقدون بأن واقع رمضان في هذا العام سيكون مؤلماً جدا حيث يظهر البؤس والغضب في يوميات الناس، ويمكن رؤية الضيق والفاقة واضحة في ملامح الوجوه والحركة الطفيفة في الأسواق. غالب حسين، وهو صاحب سوبر ماركت في صنعاء يقول للصحوة نت "إنه منذ بداية شعبان لم يبع من مستلزمات رمضان المعروضة إلا 15 % مما كان يبيعه قبل 2014، مشيراً إلى الظروف صعبة علي الناس هذا العام، باستثناء طبقة من الناهبين والمشرفين ومن ولائهم من جماعه الحوثي. ولا تقتصر المعاناة فقط على أصحاب الرواتب المتوقفة بل تعم الجميع بمن فيهم أصحاب المِهن الحرة، والأجر اليومي، فصبري 44 سنة، يعمل في كافتيريا في أحد الأحياء الفقيرة، ونتيجة الظروف الراهنة لم يستطع مغادرة صنعاء لرؤية أسرته في محافظة إب جنوبا، للعام الثاني على التوالي "سأقول كما قال رئيس وزراء ايطاليا قبل فترة. إن أهل الأرض استنفدوا طاقتهم والأمر متروك للسماء". "لقد مرت علينا خمس سنوات هي الأسو منذ ولادتنا. هذا هو ثاني رمضان أقضيه بعيداً عن أسرتي بسبب ضيق الحال، وما أكسبه بالكاد أرسل منه ما يعيشون به هناك وأعيش به هنا، فأنا أعمل بستون ألف ريال شهرياً، وهذا المبلغ لا يكفي لتوفير أجرة سيارة السفر إلى القرية". تراجع البيع أما حسين المآخذي، صاحب بسطة ملابس، يقول: لقد تراجع البيع في رمضان هذا العام بشكل كبير جداً عما كان عليه في العام الماضي، فما نبيعه الآن هو أقل من نصف ما كنا نبيعه في رمضان الماضي، لأن الضرائب والإتاوات زادت، والميليشيات تمنع الرواتب وظروف الناس صعبة جداً طوال العام، لكنها تكون في رمضان أكثر مأساوية لما يتطلبه هذا الشهر من مستلزمات في ظل كبت وفقر شديد". وعلى هذا المنوال، يضيف " عبد القوي الفاضلي" وهو عامل باليومية في ورشة المنيوم: "باقي لرمضان ايام والله ما قد اشتريت للبيت شيء واحتمال كبير انني لن اتمكن من شراء شيء إذا استمر الحال هكذا". " كل ليلة اقعد انا وأم العيال نبكي رحمة لأطفالنا الذين لا ذنب لهم فيما يحدث. ولا نعلم كيف سيمر عليهم رمضان والعيد بدون المشتريات التي اعتدنا عليها كل عام بما فيها كسوة العيد. الطفل قد يتقبل اي شيء الا ان تحرمه من كسوة العيد". مخاوف الحجر المنزلي وابدى يمنيون خشيتهم من فرض ما يسمى " الحجر المنزلي" او حظر التجول، في حال تفشى كورونا في اليمن خلال ايام شهر رمضان، ما سيعني بحسب مواطنين، الى الموت جوعاً، نظراً لأن غالبية الناس يكسبون قوتهم بالأجر اليومي، ولا أحد يتوقع من الميليشيات ان تلتزم بنفقاتهم خلال الحجر الصحي أسوة بباقي الدول. يعلق مطيع الأحمد ساخرا" تلك الدول فيها حكومات تراعي مصالح الشعب، أما نحن فلدينا ميليشيات حاقدة على الشعب بشكل مرعب، وعصابة لا تعرف من الحكم الا الاعتقال ونهب الأموال، لذلك نتوقع ان يكون الله ارحم بنا من غيرنا لأن وضعنا مختلف بالفعل وكارثي".