لعل ما يقابل صمت المليشيا الذي ساعد على تفشي الوباء ومحاولاتها انكار وجوده في البداية حتى تمكن من كل مناطق اليمن أن نجد الجميع قد اقتحم مجال التوعية بأسوأ الطرق وأشدها وقعا على النفوس لقناعة هؤلاء أن الشعب اليمني لا يأتي إلا بالصميل والترهيب. التوعية القائمة على التخويف والترهيب تذكرنا بتركيز الدعاة على الترهيب بعذاب الله الشديد دون رحمته التي وسعت كل شيء. ربما بسبب اغلاق المساجد لجأ الوعاظ إلى التخويف من كرونا على نمط الوعظ الديني الذي يمارسونه بالعادة. يمكن للوعاة أن يكتبوا ويتحدثوا دون نشر فيديوهات لأشخاص يعانون الاختناق فيما كاميرا التصوير ترصد عذاباتهم. يمكنهم التوعية دون ملاحقة الميت إلى القبر بالكاميرا؛ والتهويل مما يحدث في مدن اليمن من وفيات مهولة. هذا التخويف يعد سلاحا فتاكا يقضي على الشعوب أيضا. فمعروف أن الخوف والقلق أحد اسلحة الجيوش المعتمدة من قبل المخابرات بعد دراسات تؤكد فعاليته وأثره في تدمير مناعة وقدرة الشعوب على المقاومة. رغم تضارب أقوال الأطباء من كل بلد ورغم نقضهم لتصريحات بعضهم وأحيانا نقض كلامهم السابق إلا أن اعتماد توجيهاتهم كأطباء يكفي. الحاصل أن كلام الأطباء في جهة وكلام الوعاة في جهة أخرى عبارة عن نقل مباشر لسكرات الاختناق ومراسم الدفن مع إضافة بهارات الشائعات وتهويلها. لم يتركوا ميت خلال هذه الفترة إلا ونسبوه إلى كورونا كأن الوباء هو الأب الشرعي لكل موت حاصل حاليا. كما أنهم لا يأتون على ذكر قصص الانتصار على المرض أو أعداد الناجين من الموت أو نشر التفاؤل من أجل تحفيز مناعة الناس على المقاومة. لا نستبعد أبدا أن هناك وفيات حدثت بسبب القلق والرعب خاصة لدى أصحاب الوسواس القهري والقلوب الضعيفة. كما ثبت حدوث وفيات لأمراض الجلطات والكلى بسبب الخوف من الذهاب إلى المستشفيات خشية العدوى. لقد صرنا نخشى على مرضى القلب ومرضى القلق الدائم من الموت خوفا من الموت خنقا
من التهويلات التي تثير الرعب حقا أن الوباء المصنع مخبريا وصل اليمن بشكل أسوأ فهو يقتل الشباب أكثر من كبار السن ويقتل بسرعة زمنية أكبر قياسا لأيام المرض التي تحدث في حالة الإصابة بالوباء. كل هذا يفت في عضد أشد الناس مناعة !! الحق أن الوباء يحتاج إلى توعية بالأخذ بالاحترازات البسيطة كالتباعد والنظافة لكنه في ذات الوقت يحتاج إلى رفع معنويات الناس الذين تكالب عليهم كل شيء في ذات الوقت.