تستغرق السجالات المتعددة هنا وهناك طاقة النشطاء اليمنيين بمختلف أطيافهم. غير أن معظم تلك السجالات ليست هي التي تحتاجها اليمن لتحقيق غد مختلف عن الأمس واليوم. في فترات الحروب تشكل المكونات والمجتمعات الواعية صوتا واحدا للوطن والدفاع عنه، ويكمل بعضهم بعضا في كل ما تجمعهم فيه قضايا مشتركة. وتدير هذه المجتمعات أي خلافات لها تجاه القضايا الأخرى بوعي عالي يجنبهم ويجنب البلاد أخطاء الصراعات السابقة التي لم تخدم أحد بقدر ما تسببت في إلحاق الضرر بالكل. ما يغيب عن الأذهان أحيانا أن المكونات السياسية والاجتماعية هي ساحة نخدم من خلالها البلد وندافع عبرها عن مشروع الدولة التي تحمي الجميع، وليست مكانا للتمترس ضد الآخر وضد الدولة وضد تحرير البلاد من الانقلاب الإمامي. وأن المكونات بتنوعاتها ليست بديلا عن الدولة، والانتماءات باختلافاتها ليست بديلا عن الانتماء الوطني، إذ البلاد هي الأساس والبيت الأول الذي لا يمكن أن نعيش بمعزل عما تعيشه. الجدال المشوه بالتركيز على المعارك الجانبية تكرار للفكرة الخاطئة التي ندفع اليوم فاتورتها بأغلى ثمن. وسيكون من المفيد أن تشكل الجدالات المتنوعة صوتا لما نعتقده مهما لمصالحنا ومصالح أخرى لنا ولغيرنا، ومصالح الأمة والوطن. بالمزيد من الوعي والإرادة الوطنية، يمكن للخبرة السجالية الطويلة للمكونات السياسية أن تعجل بإنهاء الانقلاب الحوثي. إذ أن التأثير الإنساني على مجرى التاريخ يتوقف على قوة الإرادة والوعي. والتاريخ قصة متصلة من مجموعات صغيرة من أناس تميزوا بالحسم والشجاعة والذكاء، تركوا طابعا لا يمحى في مجرى أحداث التاريخ وتمكنوا من تغيير مساره، وفقا للرئيس والمفكر علي عزت بيجوفيتش.