كانت الساعة الثامنة والنصف من مساء الجمعة 25 سبتمبر أيلول 2020، بمدينة مارب، تجمع المئات من المواطنين للاحتفال بعيد الثورة. تقليد سنوي يقيمه اليمنيون لإحياء ذكرى ثورتهم الأم بعرض كرنفالي من طلاب المدارس، كما يتم ايقاد الشعلة كرمزية على مواصلة السير على نهج الثورة. في تلك اللحظات كان مسؤولون في الحكومة ومحافظ المحافظة اللواء سلطان العرادة قد وصلوا المكان. في ذات الوقت كان ملايين اليمنيين في مختلف المحافظات والمدن يحيون عيد ثورتهم ال58 ضد حكم الإمامة العنصري الطائفي البغيض المتخلف. في ماربالمدينة الأكثر ازدحاما ونزوحا، ابدأ حفل ذكرى الثورة ما إن انطلق المهرجان في لحظاته الأولى، ليسقط صاروخا باليستيا أطلقته مليشيا الحوثي وسط مدرسة الميثاق الثانوية القريبة من مكان المهرجان. ،بحسب السكان فإن الانفجار هو الأعنف، هز المدينة، أصيب عدد من السكان بالزجاج المتطاير لنوافذ المنازل القريبة من مكان القصف. خلال الأيام التي سبقت ذكرى الثورة، كانت فرق العرض الشبابي تؤدي البروفات الأولية للعرض في مدرسة الميثاق، بما يدلل استهداف المليشيات لقتل عشرات الأطفال والطلاب المشاركين في الحفل. يقول الممثل الساخر ومقدم برنامج "باترويت" أبوبكر سالم، وهو أحد المعدين للمهرجان، ومشرف على العرض الشبابي، "بعد دقائق من خروجنا من المدرسة باتجاه ساحة المهرجان، سقط الصاروخ على ساحة المدرسة. وأضاف لو أننا تأخرنا لدقائق لكانت حدثت مجزرة بما تعنيه الكلمة، كان هناك عشرات من الأطفال المشاركات في العرض، وعشرات الشبان أيضا، لكنها ارادة الله وحفظه لنا جميعا". قبل ساعات من المهرجان، كان الأمن قد فرض طوقا أمنيا على مداخل المدينة، وشدد من حركة السيارات. لم تكن ساحة الحفل معلومة حتى للمشاركين أو للضيوف أيضا، بحسب مشاركين، وهذا ربما أحد الأسباب الذي جنب حدوث مجزرة بحق المدنيين. لحظة القصف، كان الزميل ماجد دهيم يقدم للمهرجان، لكن موقفه وثباته أثار اعجاب الحاضرين مما ساهم في عدم ارتباك والذعر، لقد استمر في الحديث، لتبدأ أصوات الهتافات الوطنية من قبل الحاضرين التي زادت من حماسهم. محافظ مارب اللواء سلطان العرادة، ثبت كقائد في معركة حامية الوطيس، غير مكترث للانفجار الهائل للصاروخ ولا للدخان المتصاعد بكثافة من مكان القصف. خاطب المحافظ الحضور، وتوعد المليشيات بنبرة غاضبة بقتالهم ورفع علم اليمن في كل المناطق، وعاهد اليمنيين على مواصلة الثورة واستعادة الدولة رغم ارهاب المليشيات الحوثية واستهدافها للمدنيين ولمدينته. على صحفته في الفيس بوك، كتب المنشد ماجد التيباس، من أبناء مارب، "أقسم بالله أن شعار بالروح بالدم نفديك يايمن كأني أول مرة أسمعه عندما كانت تردده الزهرات الليلة والدموع تسيل على خدودهن بعد سقوط الصاروخ أثناء الأحتفال". وكتب الشاعر عامر السعيدي "احتفلت مأرب كما لم يحدث من قبل، في المدينة وفي المديريات وفي القرى وفي جبهات القتال المشتعلة وكأن الجمهورية قدر مأرب". وأضاف السعدي "في المنازل المجاورة للحفل، هتف اليمنيون، بعد القصف، للجمهورية وللثورة، لمأرب ولليمن، للمحاربين وللحاضرين ولفرق العرض أطفالا وكشافة وجنودا ومشاعل". وقال "لقد كانت ليلة مأربية بامتياز، قالت مأرب كلمتها بصوت مرتفع عبر محافظها وتحت هتافات الفداء لليمن: لن تنالوا من الثورة والجمهورية ولا من مأرب،ونعاهد الله أن نرفع العلم الجمهوري في كل ربوع اليمن". خابت آمال المليشيات في قتل المئات من الأطفال المشاركين في الحفل، وخابت في إفساد فرحة اليمنيين بالاحتفال بثورتهم، لكنها أكدت للعالم أنها مصممة على قتل المدنيين والفتك بهم ولو بالمئات في غمضة عين ما يثبت أنها جماعة إرهابية لا تمت للإنسانية بصلة.