هكذا على مدى التاريخ يحاول أي مستبد ، انتفض الشعب في وجهه، أن يسيطر على الموقف من خلال إجهاض الثورة وإعادة إنتاج نفس الوضع الذي كان سببا في هذه الانتفاضة وغالبا ما تتشابه الطرق والوسائل التي ينتهجها هذا المستبد أو ذاك لمواجهة الغضب الشعبي العارم. ... وعندما يدرك أن لا مناص من إطاحتها به ، تقل خياراته ليتصلب عند خيار واحد، يتمثل في استهداف الحلم المستقبل حلم الثورة ومستقبلها، بمعنى أن خيار تفادي الإطاحة يموت فينبت على جثته خيار آخر هو أساس في صياغة شخصية المستبد، خيار استهداف الحلم والمستقبل. ويتأتى ذلك من خلال بحث المستبد المترنح او المتداعي عن أهم الدعائم التي يرتكز عليها هذا الحلم والمستقبل فيصب كل غضبه وحقده عليها، أملا بأن تصبح أثرا بعد عين. وإذا ما أسقطنا هذه الحقيقة المرضيّة على واقع بلدنا الثائر ندرك بما لا يدع للشك مجال أن النظام لا يستهدف تعز كمدينة، إنما كحلم، كمستقبل(كمشروع وطن) تمثل تعز عمقا استراتيجيا للبعد المدني الذي تتحطم عليه كل محاولة لاستهداف المستقبل ولذهاب الحلم أدراج الرياح، حلم بناء الدولة المدنية، الحاضنة لمستقبل هذا الشعب، الذي جثمت على صدره دولة الجباية والقهر لثلاثة عقود. والحق يقال أن النظام اهتدى بعبقرية إلى أهم وأرتن هذه الدعائم (تعز)، والسؤال هل سنتيح له فرصة قتل مستقبلنا؟ وإذهاب حلمنا؟ ولأننا سنجيب حتما ب لا، فما الذي يمكن فعله للحيلولة دون تحقيق هذا المسعى الموغل في المرض والفصام؟ لا أعتقد أن ثمة ثائر في اي صقع كان لا يتوق لبناء الدولة التي تعبر عنه وتصون حريته، وكرامته، ومستقبله. ولأن الأمر كذلك يجب أن نخرج عن دائرة السذاجة إلى أفق ارحب في خياراتنا الثورية المتسمة بالنباهة التي تقطع حبل رجاء النظام في استهداف مستقبلنا بتدميره تعز، من خلال القصف البربري وبث روح الفرقة والكراهية ليسفر واقع مابعد الثورة عن اضمحلال عنصر الثقة وتمزق النسيج الاجتماعي ، الأمر الذي يجعل من بناء الدولة المنشودة أمرا مستحيلا. ضرب الإنسان التعزي أروع مثال في الانتماء الوطني، وبدمه الزكي أقنع بل ونقش في نفس وذهن كل يمني أهمية هذا المنحى العظيم بتضحياته. كان ذلك بتضحياته في كل ساحات الحرية والكرامة في جنوب اليمن وشماله، وتأتي أهمية تعز متمثلة بإنسانها في أنها كسرت عقدة النضال اليمني بانتشاله من درك الجهوية والفئوية والعصبوية إلى رحاب وطنية أسمى، تؤمن بأن الوطن كل مكتمل لا يقوم كله إلا ببعضه، والعكس. ومن هنا تولد الحقد الدفين لدى النظام على تعز، كيف لا وقد ضربت الصيغة التقليدية التي قام عليها لثلاثة وثلاثين عاما، وأغلقت باب الجهوية والفئوية والعصبوية في وجه النظام والذي سحق من خلالها كل القوى الوطنية التي سعت لبناء الدولة. أيها الثوار، إن حاجتنا الملحة بل الإسعافية في هذه اللحظة هي أن ننقذ حلمنا ومستقبلنا من خلال لفت الأنظار وشد الأرواح والقلوب نحو تعز وذلك بتحركات جادة وصارمة تشتت جهد النظام وتركيزه في استهداف تعز، فهل أنتم فاعلون. ............................. * نقلا عن حركة 15 يناير