حظيت " مسيرة الحياة " مساء أمس لدى وصولها ساحة التغيير باستقبال جماهيري كبير أطلقت فيه الألعاب النارية زينت سماء العاصمة بالألوان ابتهاجا بقدوم المسيرة القادمة من تعز. وأقيم في ساحة التغيير مهرجان كرنفالي وخطابي,رفعت فيه الأعلام الوطنية وعلت صور الشهداء فوق المكان تمجيدا لتضحياتهم ولقيت كلمات معبرة . بينما كانت الساعة تشير إلى الثامنة من ليلة السبت، كانت ساحة التغيير تكتض بعشرات الآلاف من المتظاهرين بانتظار وصول " مسيرة الحياة ",التي شارك فيها مئات الآلاف بعد انضمام ثوار من إب والبيضاء ودمت وذمار، للمطالبة بمحاكمة صالح، ورفض منحه أي حصانة من الملاحقة . وعاشت صنعاء ليلة ساهرة ويوما تاريخيا بامتياز اختلطت فيه مشاعر الفرح بمشاعر الحزن ,وجسدت المسيرة واقعا وحقيقة لا تقبل الجدال عظمة الشعب اليمني وواحدية مطلبه وهدفه, وقبل ذلك وحدة القلوب بين أفراد شعبه. الاحتفال نقل على الهواء مباشرة عبر قناة " سهيل ", الفضائية,وأحياء عدد من الفنانيين والمنشدين الأمسية الفرائحية التي لم يكدر صفوها سوى استشهاد13 مشاركا وجرح العشرات برصاص قوات الأمن المركزي . قدمت المسيرة من جميع منافذ الساحة وكان الآلاف ينتظرونهم,بينما التحق آخرون بهم وشكلوا لوحة جميلة رسالتها" الحياة ",وان أراد صالح وبلاطجته الموت لمشاركين فيها. لم تحل الإجراءات الأمنية المشددة والقوة المفرطة التي استخدمت ضد المتظاهرين في تحويلها إلى مسيرة مليونية، جراء التحام مسيرات الاستقبال من صنعاء، بعد توافد مئات الآلاف على إلى البوابة الجنوبية للعاصمة . والتحمت عدد من المسيرات التي انطلقت من ساحة التغيير بصنعاء بمسيرة الحياة على مشارف صنعاء منذ الصباح الباكر. في الاحتفال نالت تعز نصيب الأسد من الكلمات والأناشيد, وأثنى متحدثون على صمودها وتضحيات أبنائها,وقال الشعراء فيها قصائد أغدقوا عليها في المديح والوصف,وكان الكلام تعبيرا صادقا عن أن تعز هي رمز العز ومفخرة الثورة ورائد النضال. قطع المشاركون نحو(250 كلم ),منذ أن خرجوا من تعز الثلاثاء وحتى وصولهم العاصمة صنعاء مساء أمس السبت بعد مرورهم بمدن كثيرة وسط موجات البرد ليلا والشمس نهارا,وما بينهما الجوع والعطش والإعياء والاعتداء عبر السلاح من قبل قوات الأمن المركزي عند مشارف صنعاء. وصلت المسيرة إلى مبتغاها بساحة التغيير,ومعها وصلت الرسالة,ومفادها أن الثورة ماضية في طريقها حتى تحقيق جميع أهدافها,وان عهدا جديدا قد أشرق على اليمن أرضا وشعبا,على أنقاض حكم صالح العائلي الذي أفل وانتهى إلى غير رجعة بعد33 عاما من التخلف والاستبداد. استحوذت المسيرة منذ انطلاقها وحتى وصولها باهتمام وسائل الإعلام المحلية والخارجية,وأفردت لها مساحة واسعة في التغطيات الإخبارية,ورافق سير خطها مصورون وصحفيون كتبوا وصوروا وجمعوا أرشيفا وذاكرة مليئة بالتفرد والقيمة والجودة. ولم يكن غريبا أن يعلن الرئيس المخلوع عن عقد مؤتمر صحفي غداة وصول المسيرة إلى صنعاء,غير انه أراد كعادته أن يسرق الأضواء مجددا كما فعل حين اطل بوجه حارق على شاشة القناة الرسمية عند فوز توكل كرمان بجائزة نوبل للسلام. كانت المسيرة وهدفها والزخم التي بعثته اكبر من أن يحيطه احد,ناهيك عن أن يظهر رجل أزاحه شعبه ليخطف الأنظار عن الحدث المؤثر والمشهد الذي يبحث عنه الصحفيون ومحطات التفلزة . أعلنت قبائل خولان وبلاد الروس وسنحان عن ضيافة المشاركين لمدة ثلاثة أيام ودعت اللجنة التنظيمية في المقابل, إلى مسيرة مليونية اليوم أسمتها مسيرة الوفاء لشهداء مسيرة الحياة السلمية . تعيش العاصمة صنعاء على إيقاع احتفالات وأجواء فرائحية لا يبدو أنها ستنتهي قريبا,لاسيما وان الثورة تولد من جديد والمسيرات المعبرة عنها لم تعد تسلك بضعة كليومترات ولا شارعا واحدا,بل تجاوزت ذلك إلى مئات الكيلومترات,وقطع المسافات من اجل وصل المدن والمحافظات ببعضها.