فوجئت بعض عائلات المفرج عنهم من سجون الحوثي بوفاة أبنائهم بعد فترة وجيزة من إطلاق سراحهم، ما طرح عدة تساؤلات عن الأسباب الحقيقية للوفاة التي لا تبدو في غالب الأحيان وفاة طبيعية. في هذا التقرير الخاص يسلط موقع "الصحوة نت" الضوء على هذه الجرائم وبعض نماذج المتوفين وكذلك إفادة معتقلين سابقين حول ما يدور خلف تلك الزنازين المغلقة وما يتعرض له المعتقلون قبل قرار الافراج عنهم من سجون المليشيا الحوثية.
حقن الموت في منتصف العام الماضي توفي شاب يدعى "يحيى ناصر ابو سراج" في العشرينيات من عمره، عقب خروجه بيوم واحد من سجون الحوثيين بمحافظة الجوف. الشاب "ابو سراج"، الذي ينتمي الى مديرية "صوير" بمحافظة عمران , اختطف من قبل مسلحي الجماعة، في تأريخ 10 مارس 2022 أثناء مروره عبر الطريق الرابط بين محافظتي صنعاءوالجوف في إحدى نقاطها وزجت به في سجونها لمدة 21 يوماً. لم يعرف أهل سراج عنه شيئاً حتى مساء السبت 2 ابريل 2022م حين تلقوا اتصالاً من المشرف الحوثي (ماهر حمود كامل) والذي أخبرهم فيها عن ضرورة حضورهم لاستلام ولدهم بعد قرار الافراج عنه من قبل قيادة الجماعة الحوثية في محافظة الجوف". وقالت مصادر ل"الصحوة نت" طلبت عدم ذكرها إن "سراج "خرج متعباً، منهك الجسد" جراء التعذيب في سجون الحوثي، وان الضحية، أكد لأسرته أن "الحوثيين قاموا بإعطائه حقنة وريدية أخبروه بأنها علاج وليس فيها شيء، وفي صباح اليوم التالي من الإفراج عنه فارق يحيى ناصر ابو سراج الحياة". الحقن المميتة تكررت مع معتقلين آخرين منهم "ابراهيم ناصر سعد الدين" الذي أطلقت الميليشيا سراحه من السجن الاحتياطي بصنعاء بعد اعتقاله لمدة شهرين حيث أكد زميله الذي أفرج عنه بعدها بأن مدير السجن المعين من قبل الحوثيين استدعاه قبل إطلاق سراحه بيوم قائلا انه لابد ان يأخذ حقنة "لمنع العدوى" وفي اليوم الثاني من الإفراج عنه توفي إبراهيم.
تعذيب وحشي وفي فبراير 2021 كشفت منظمة مساواة للحقوق والحريات، عن وفاة المعتقل حسين قاسم زايد عجيلات، من أبناء عمران، بعد اربعة أيام فقط من إفراج المليشيا عنه، نتيجة تدهور صحته جراء التعذيب الوحشي الذي تعرض له طوال فترة اعتقاله. وأشارت إلى أن المليشيا كانت قد أصدرت حكماً غير قانوني يقضي بإعدام المعتقل عجيلات بعد أن قضى أكثر من ثلاثة أعوام في سجونها، وأكدت أسرة عجيلات حينها ان ابنهم توفي نتيجة التعذيب الشديد والوحشي حيث كان في جسمه آثار حروق شديدة وبالذات في المناطق الحساسة. وفي مارس من نفس العام توفي الشيخ عباس القميري، من أبناء عزلة الهاملي في مديرية موزع غربي تعز في المستشفى الجمهوري بمدينة تعز، بسبب مضاعفات صحية نتيجة التعذيب الذي تعرض له خلال فترة اعتقاله لدى الحوثيين. وأكدت مصادر مطلعة حينها أن القميري، كان من أبرز الشخصيات الاجتماعية في مديرية موزع، واعتقلته المليشيا الحوثية بسبب مواقفه الرافضة لتواجدها في المديرية . وأوضحت المصادر أن الشيخ القميري، اعتقل من قبل مسلحي الحوثي عام 2016م، وظل حبيس سجون المليشيا حتى عام 2019م، عندما أفرجت عنه وقد نال تعذيبا وحشيا في معتقلاتها.
شهادات حية أحد المختطفين السابقين ويدعى "هشام اليوسفي" لم يستبعد أن تكون الوفاة نتيجة إعطاء المعتقل إبرة قبل إطلاق سراحه قائلا ان ذلك الحديث كان منتشرا بقوة بين المساجين في المعتقل، إلا أن اليوسفي ، الذي قضى سبع سنوات في المعتقل ، يرجح أن تكون الوفاة ناتجة التعذيب الشديد الذي يتعرض له المعتقل". يقول اليوسفي:" الداخل إلى سجون الحوثي لا يتم معاملته كمسلم أو حتى بشر، انهم وحوش بمعنى الكلمة، وسائل التعذيب هناك لا تخطر حتى على بال الشيطان نفسه". ويضيف للصحوة نت إن :" ابسط انواع التعذيب هناك هو شرب البول والحرمان من النوم لأيام طويلة، وهو ما يسبب مضاعفات تؤدي إلى الوفاة لا محالة".
جرائم بشعة وفي حوادث وفاة كثيرة لمعتقلين بعد خروجهم من سجون الحوثي طالب حقوقيين بتشريح جثثهم لمعرفة أسباب الوفاة الحقيقة التي تحاول جماعة الحوثي إخفائها مع تزايد أعداد الوفيات وبشاعة شهادات الناجين وقال المحامي عبد المجيد صبرة ل"الصحوة نت"، إن "ما يمارسه الحوثيون بحق المعتقلين الصحفيين والمدنيين هي جرائم بشعة من معاملة سيئة وغير إنسانية وتعذيب جسدي ومعنوي ابتداء من الاعتقالات التعسفية بتهم كاذبة بعرض استخدامهم ورقه سياسية ليس إلا'". وأضاف:" ثم يتبع عملية الاعتقال إخفاء قسري ووضعهم في زنازين انفراديه ضيقه ومظلمه لمدد متفاوتة تصل إلى سنه وأكثر فترة الإخفاء القسري وما يتخلل فترة الاعتقال التي بلغت بحق بعض المعتقلين سبع سنوات كما هو حال الصحفيين الأربعة المحكوم عليهم بالإعدام - من تعذيب جسدي ومعنوي وسوء تغذيه وإهمال صحي وكلها تتم بشكل متعمد".
موت بطيء ولفت إلى أن شهادات كثير من المعتقلين تفيد بأن تلك المعاناة تزيد عندما يتم إحالتهم إلى ما يسمى بيت التبادل في معسكر الأمن المركزي خصوصا أنه يتم منع الزيارة عنهم نهائيا وتتحمل لجنة الأسرى الحوثية المسؤولية عن ذلك، بحسب تعبيره. وأكد أن '"كل هذه المعاناة تؤدي بديهيا إلى الموت البطيء لكنها هنا تكيف بأنها قتل متعمد بأفعال إيجابية وسلبيه من قبل الحوثيين فهناك كثيرا من المعتقلين ماتوا داخل تلك المعتقلات وبعضهم ماتوا بعد الخروج منها بفترات زمنيه متفاوتة ولهذا يجب أن يكون هناك ملف متكامل عن هذه الحالات" واختتم المحامي تعليقه على وضع المعتقلين في سجون مليشيا الحوثي، قائلًا: '"يجب على المجتمع المحلي والدولي الضغط بكل أفراده ومنظماته لإنقاذ المعتقلين والإفراج عنهم وجعل قضيتهم ذات اولويه قصوى كونها قضية إنسانيه تمسهم في كرامتهم وإنسانيتهم ولن نستطيع أن نعمل شيء مالم يكون لدينا ذات الشعور الذي يعانون منه واقاربهم".