كل يوم يمر تثبت الأحداث أننا أمام جماعة إرهابية انتهازية بكل ما تحمله الكلمتان من معنى ، وكلما تسلل الأمل إلى قلوب اليمنيين بقرب انتهاء حالة الحرب والفوضى والتشضي أكدت جماعة الحوثي أنها تستعد لجولة جديدة تيجتها الطبيعية ازدياد الكلفة الانسانية وزيادة الآلام والأوجاع بحق اليمنيين ، وكل ذاك استكمالاً لمشروعها الطائفي المرتكز على مبدأ "نحكمكم أو نقتلكم" ، واتباعاً لتعليمات ملالي طهران الذين يستخدمون الحوثي والحالة اليمنية بشكل عام كورقة ضغط لتحقيق مكاسب خاصة بهم . شحنة الأسلحة التي ضبطت مؤخراً في البحر قرب باب المندب لم تكن الأولى ولن تكون الأخيرة بالتأكيد ، لكنها دليل هام ومتجدد عن عدم جدية الجماعة الحوثية في السير في ركب السلام ، وتغليبها الدائم لخيار الحرب بما يحمله هذا الخيار من مآسي وأوجاع ، ونيتها المبيتة لاستهداف اليمنيين في منازلهم ومدنهم ، واعادة حالة الفوضى في المنطقة لتوفير المبررات للقوى الدولية لفرض هيمنها على بحارنا بحجة تامين طرق التجارة العالمية ، وكل حديث معها أو جولة مفاوضات أو سوى ذلك من تفاهمات هو منحها وقت اكثر لفوضى اعمق ودماء جديدة ستراق وآلام أخرى ستضاف إلى حياة اليمنيين .
التصعيد الاخير في البحر الاحمر هو رسالة أخرى تحمل دلالات مختلفة ، ولا يمكن قرءاة هذه التحركات بمعزل عن توجه إيران نحو هدنة خاصة بها لترتيب ملفاتها الداخلية ، وبالمقابل توجيه انظار القوى الدولية نحو البحر الاحمر من جديد عبر تحريك ذراعها في اليمن لتنفيذ أجندة لا علاقة لها بمصلحة اليمن أو أمنه واستقراره ، وما التوقيت المتزامن بين التصعيد في البحر الأحمر وإعادة الحديث عن التفاوض حول الملف النووي الإيراني إلا تأكيد أن طهران هي من تتخذ القرار ، وما الحوثي إلا أداة تَفاوض قذرة تحركه متى أرادت الضغط ومتى أرادت العبث ، وهو ما يجعل خيار السلام والتفاهم والتفاوض مع هذه الجماعة منعدماً البتة .
على المستوى الدولي فإن الأوهام التي تروج لها بعض العواصم الغربية عن إمكانية دمج الحوثي في العملية السياسية تتهاوى يوما بعد آخر أمام سلوك الجماعة في الواقع ، وكل المؤشرات تؤكد انها جماعة دموية لا تبحث عن مستقبل مشترك ، وتفضل أن تظل كياناً ميليشياوياً ينطلق من أيديولوجيا تدميرية ترى في مؤسسات الدولة أدوات يجب إخضاعها أو تفجيرها ، وفي الشعب مجرد خادم لها يجب تطويعه بالرعب أو التصفية .
من شحنات الأسلحة المضبوطة إلى التصعيد في البحر الأحمر كلها أحداث تؤكد أننا أمام جماعة ليس لديها إلا خيار الحرب والفوضى ، والغريب ان يصر المجتمع الدولى على السير في اتجاهات وطرق ترتكز اغلبها على اتباع سياسة المراضاة مع هذه الجماعة الإرهابية ، ومنحها المزيد من الفرص لممارسة سلوكها الإجرامي بحق الأمن والسلم محلياً واقليمياً ودولياً ، ومن الاصلح والأنسب للعالم اليوم ان يتجه لخيار دعم الحكومة الشرعية لاستكمال التحرير واسقاط الانقلاب بشكل كامل ، وهذا ما سيوفر للعالم الأمن في طرقه وممراته البحرية ، ويضمن وجود دولة تحترم مسؤلياتها القانونية والأخلاقية تجاه العالم والاقليم .