تعود ذكرى تأسيس التجمع اليمني للإصلاح من جديد، ومعها يتجدد الألق والحضور. يحتفي الإصلاحيون بمرور خمسة وثلاثين عامًا على انطلاقة مسيرتهم، في احتفاءٍ يؤكد أن العلاقة بين الحزب وأعضائه تتجاوز حدود الانتماء الحزبي، إلى ارتباط أعمق يقوم على الإيمان بالفكرة، والانخراط في ساحة نضال وطني واسعة. الإصلاح، بالنسبة لمنتسبيه، هو مدرسة للقيم والبناء الفكري، محاطة بسور عالٍ من المبادئ الوطنية. هو مخزون طويل من الذكريات والتجارب في ميدان العمل الوطني بكل جوانبه، منذ انطلاقه في ال13 من سبتمبر 1990، حين خرج يخاطب أبناء اليمن بفكر واضح لا غبش فيه، قائلاً إنه ينطلق من ثوابت الشعب اليمني، جمهوريٌ في توجهه، مدافعٌ عن أهداف الثورة، وحدويٌ يرى في الوحدة مبدأً أصيلًا، ويؤمن بالنضال السلمي سبيلاً لتحقيق تطلعات اليمنيين، وبالديمقراطية والتعددية طريقًا لبناء الوطن. قالها في اليوم الأول، ويكررها اليوم بنفس الثبات. لم يغادر موقعه، ولم يتخلَّ عن مبدأه، رغم التحولات الجذرية والتحديات العاصفة التي مرت بها البلاد. الإصلاحيون هم كلمة السر في معادلة البقاء والصمود في وجه العواصف العاتية والظروف المعقدة، ومحاولات الاجتثاث التي لم تستهدف الإصلاح وحده، بل استهدفت فكرة "اليمن الجمهوري الواحد". ومن موقعهم في صُلب المشروع الوطني المقاوم لمليشيا الحوثي، التي ألحقت أضرارًا جسيمة بالبلاد وبالنسيج الاجتماعي، لم يغادر الإصلاح خندقه، وسكب في تلك الجبهة دماءً زكية من رجاله، جنبًا إلى جنب مع رفاقهم من كل الأطياف اليمنية. وفي ذكرى تأسيسه، يجدد الإصلاح عهده لليمن، مؤكدًا أن لا مستقبل للبلاد إلا في ظل جمهورية موحدة، ودولة عادلة تقوم على المواطنة المتساوية، ومتحررة من معاول الطائفية والمناطقية التي تعيق النهوض وتكرّس التفتت والانقسام. رغم محاولات خلق كيانات مشوهة لا تنتمي إلى بنية الدولة، يواصل الإصلاحيون تمسكهم بمشروعهم الوطني المتكامل، وهو ذات المشروع الذي حملوه منذ 35 عامًا: دولة يمنية عادلة، تستوعب جميع أبنائها، وتستند إلى المبادئ التي صاغها الأحرار يوم ثاروا على الكهنوت والاستعمار، ويرفضون اليوم مخلفات تلك المشاريع البائدة.
إنه طريق شاق، وثمنه باهظ كما هي حال الأهداف العظيمة، ولكن قدر الإصلاحيين أن يكونوا في مقدمة الصفوف، يحملون راية الوطن بكل ما فيها من كلفة وكرامة.