برغم سنوات الحرب والانقلاب، يواصل التجمع اليمني للإصلاح تأكيد موقعه الديناميكي في المشهد السياسي اليمني. وقد جسّد احتفال الحزب بذكرى تأسيسه الخامسة والثلاثين حيويته وفاعليته المستمرة، حيث امتد الحضور من الرمزية الاحتفالية إلى النشاط الشعبي المكثف في المحافظات والمبادرات السياسية الجريئة، ما يعكس قدرة الإصلاح على الجمع بين العمل الميداني والحراك المؤسساتي حتى في أصعب الظروف. وتكشف هذه الديناميكيات عن قدرة الإصلاح على الموازنة بين الالتزام بالمبادئ الحزبية والتفاعل مع التحديات الوطنية، ما يمنحه موقعاً مميزاً في الحياة السياسية اليمنية. كما تؤكد أن الإصلاح لا يقتصر دوره على تمثيل قاعدة جماهيرية واسعة، بل يشكّل قوة حقيقية للحفاظ على استمرارية العملية السياسية، وخلق مساحة للحوار، وتقديم حلول عملية للأزمات التي يواجهها الوطن. يعكس الحضور الشعبي والمهرجانات والفعاليات المصاحبة للذكرى أن حزب الإصلاح يعمل كمنصة ديناميكية تسهم في التأثير على صنع القرار الوطني وتعزيز التوافق بين القوى السياسية. وبذلك، تتجاوز هذه الذكرى كونها احتفالاً سنوياً، لتصبح مؤشراً حياً على قدرة الحزب على الصمود والتجدد، ودوره المحوري في الحفاظ على نبض الحياة السياسية رغم الظروف الصعبة. مبادرة سياسية في هذا الإطار، أكد خطاب رئيس الهيئة العليا للإصلاح، محمد اليدومي، على الدور الفاعل للحزب، معلناً عن مبادرة "ميثاق شرف وطني"، التي تهدف إلى إدارة اليمن بعد إنهاء انقلاب الحوثيين من خلال شراكة وتوافق بين القوى السياسية لمرحلة زمنية محددة، تمهيداً لإجراء انتخابات عامة. وتعكس هذه المبادرة قدرة الإصلاح على تقديم حلول سياسية مؤسساتية، وتجسد وعيه بالمسؤولية الوطنية، وتميزه عن القوى السياسية الأخرى التي تراجعت أو اختفت في ظل الصراعات المستمرة. وتبرز المبادرة جانباً محورياً من حيوية الإصلاح، إذ تظهر قدرته على الابتكار السياسي واستشراف الحلول الممكنة ضمن بيئة مضطربة، مع التأكيد على الالتزام بالحفاظ على العملية السياسية، واعتبار الشراكة والتوافق الوطنيين السبيل الوحيد لإنهاء الانقلاب وإعادة بناء الدولة. كما تعكس استمرار الإصلاح في العمل المؤسساتي منذ تأسيسه، حيث كان جزءاً أساسياً من التحالفات الوطنية وساهم في تأسيس العديد من التكتلات السياسية، آخرها التكتل الوطني للأحزاب لدعم الشرعية، محافظاً بذلك على مساحة الحوار والمشاركة في مختلف المحطات السياسية الصعبة. وتشير تعليقات المحللين السياسيين والكتّاب إلى أن الإصلاح يظل الصوت الفاعل في الحياة السياسية اليمنية. ويبرز من ذلك أن الإصلاح يحافظ على الحد الأدنى من السياسة اليومية، ويختار الفعل السياسي المباشر والعلني كوسيلة لضمان استمرار الحوار، وهو ما يعزز مكانته ويمنحه قدرة واضحة على التأثير في الحلول الوطنية. العمق الاجتماعي تعكس حيوية الإصلاح نشاطه السياسي والاجتماعي المستمر في المحافظات، فبرغم التحديات، يواصل تنظيم الفعاليات الشعبية، وإطلاق المبادرات المحلية، والمشاركة في النقاشات السياسية على المستويين الإقليمي والوطني. ويضمن هذا النشاط حضوراً ملموساً في الواقع اليومي، ويعزز تواصل الجماهير مع المشروع السياسي الذي يتبناه، كما يساهم في استمرار العملية الديمقراطية ضمن الحدود الممكنة. ويعد الحضور الشعبي في المحافظات مؤشراً على ثقة المواطنين في الإصلاح وارتباطهم بمبادئه، كما يساهم في إنشاء شبكة دعم اجتماعي وسياسي تعزز مكانته في الشارع اليمني. ومن هذا المنطلق، يمكن اعتبار النشاط الشعبي جزءاً أساسياً من استراتيجية الإصلاح للحفاظ على الحياة السياسية، ويبرز التزامه المستمر بقيمة العمل الحزبي حتى في ظروف الحرب. ويشكل استمرار النشاط في المحافظات عاملاً رئيسياً للحفاظ على نبض السياسة في اليمن، إذ تراجعت معظم القوى الأخرى ، بينما حافظ الإصلاح على مساحة عمله ضمن أطر مدنية وقانونية، ما يتيح وجود منصة للحوار السياسي وصوت قادر على توجيه النقاشات الوطنية ضمن إطار ديمقراطي. وتجسد مبادرة "ميثاق شرف وطني" الرؤية الاستراتيجية للإصلاح، إذ تؤكد التزامه بالمصالحة الوطنية الشاملة ومعالجة آثار الصراعات السابقة عبر مسار العدالة الانتقالية، بما يعزز الثقة بين القوى السياسية ويعيد بناء النسيج الوطني. ومن خلالها، يسعى الإصلاح لتقديم إطار مؤسسي لضبط العملية السياسية، مؤكداً أن الحلول الوطنية لا يمكن أن تُبنى إلا عبر التوافق والتشارك بين القوى الفاعلة. وفي ظل تحديات مستمرة تشمل استمرار الانقلاب، وضعف مؤسسات الدولة، وتفاقم الأزمات المعيشية، يظل الإصلاح قوة فاعلة تحافظ على الحد الأدنى من الاستقرار السياسي من خلال نشاطه المنتظم، سواء على مستوى المبادرات الوطنية أو النشاط الشعبي في المحافظات. ويعزز هذا النشاط قدرة المواطنين على المشاركة في الحوار السياسي، ويضمن استمرار العملية الديمقراطية رغم ظروف الحرب. كما أن النشاط الحزبي المستمر، بما يشمل تنظيم الفعاليات، وإطلاق المبادرات المحلية، والمشاركة في النقاشات السياسية، يضع الإصلاح في موقع الفاعل الرئيسي في الحياة السياسية، ويعزز توازن المشهد ويحد من استحواذ المليشيات أو الفاعلين المحليين على كامل الساحة. ويضمن استمرار النشاط أيضاً استدامة القيم الديمقراطية، إذ يوضح الإصلاح أن الدولة لا يمكن بناؤها إلا عبر احترام المبادئ الجمهورية، والحفاظ على التوازن بين القوى المختلفة، وإشراك المواطنين في العملية السياسية، وهو ما يعكس جدية المشروع السياسي واستمرارية دوره الوطني. ويعتبر النشاط المستمر في المحافظات خط دفاع حقيقي عن العملية السياسية، إذ يوفر بدائل للحوار المؤسسي ويعزز قدرة القوى الوطنية على التوافق، مؤكداً أن النشاط الحزبي يشكل مقياساً حقيقياً للقوة السياسية وليس مجرد حضور رمزي. ومن هنا تأتي أهمية المبادرات السياسية مثل مبادرة اليدومي الأخيرة، التي تهدف إلى إعادة ضبط البوصلة الوطنية وتؤكد أن المستقبل السياسي لا يمكن أن يُترك للفراغ أو الانقسامات المستمرة. الخلاصة في المحصلة، يظهر حزب الإصلاح كقوة سياسية حية وفاعلة تجمع بين الحضور الشعبي والنشاط المؤسساتي، مع القدرة على طرح مبادرات سياسية ملموسة تعكس التزامه بالحفاظ على العملية السياسية وتعزز مكانته في المشهد اليمني المعقد. والمبادرة الأخيرة، والحضور الشعبي المستمر، والنشاط في المحافظات، يدل على أن الإصلاح قادر على الصمود، وأن حيويته السياسية ليست شعاراً بل واقع ملموس يدعم استمرار الحياة السياسية في اليمن رغم الحرب والانقلاب. وتصب هذه الحيوية والديناميكية في صالح الحياة الحزبية برمتها، فهي تحافظ على نشاطها الشعبي لا النخبوي فقط، كما تؤكد أن المشروع الوطني لا يمكن أن ينهض إلا من خلال قوى حزبية فاعلة، قادرة على العمل والتأثير على الأرض، بما يضمن استمرار العملية السياسية واستعادة مؤسسات الدولة ومكتسباتها.