أدان مكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة صنعاء ما وصفه ب"تدخل خطير وممنهج" من قبل مليشيا الحوثي في شؤون السلطة القضائية، عقب إصدارها قرارات غير دستورية تقضي بتعيين (83) من خريجي الدورات العقائدية التابعة لها كقضاة متدربين، في خطوة قال إنها تهدف إلى إحكام السيطرة على مؤسسات العدالة وتحويلها إلى أداة لخدمة أجندة سياسية وطائفية. وقال المكتب في بيان صادر عنه، الجمعة، إن هذه الممارسات تمثل انتهاكاً صارخاً لمبدأ استقلال القضاء وسيادة القانون، ومحاولة لتحويل الجهاز القضائي إلى ذراع تنفيذي للجماعة، بما يقوض ثقة المجتمع بالقضاء ويمهد لاستخدامه كوسيلة للانتقام من المعارضين ونهب الممتلكات تحت غطاء الأحكام القضائية. وأكد البيان أن جميع القرارات والتشريعات والتعيينات الصادرة عن الجماعة "باطلة قانوناً" لافتقادها الأساس الدستوري والشرعية القانونية، مستنداً إلى المادة (4) من الدستور التي تنص على أن الشعب هو مصدر السلطة، والمادة (149) التي تؤكد استقلال السلطة القضائية. وأشار المكتب إلى أن التعديلات التي أجرتها المليشيا على قانون السلطة القضائية تعد تعدياً واضحاً على مبدأ الفصل بين السلطات المنصوص عليه في المادة (158) من الدستور، ومخالفة لأحكام قانون السلطة القضائية رقم (1) لسنة 1991، الذي حدد شروط الالتحاق بالسلطة القضائية على أساس الكفاءة والنزاهة والمؤهل العلمي، لا على أساس الولاء الطائفي أو الانتماء السلالي. كما لفت البيان إلى أن قرار مليشيا الحوثي رقم (48) لسنة 2025 بشأن توزيع خريجي ما يسمى "الدورة التأهيلية لعلماء الشريعة" للتدريب في المحاكم، مخالف للمادة (57) من قانون السلطة القضائية، التي تشترط أن يتم التعيين من بين خريجي معهد القضاء الأعلى بعد استيفاء المراحل القانونية للتأهيل المهني. وأكد مكتب حقوق الإنسان أن هذه الإجراءات تشكل سياسة ممنهجة لتفريغ الجهاز القضائي من الكفاءات الوطنية المؤهلة واستبدالها بعناصر عقائدية، بهدف تحويل المحاكم والنيابات إلى أدوات لتصفية الحسابات وإصدار أحكام معدة مسبقاً، في تكرار لنهج النظام الإمامي الذي ثار عليه اليمنيون لإقامة دولة العدالة والمواطنة المتساوية. وذكّر المكتب بالالتزامات الدولية التي تكفل استقلال القضاء، مستشهداً بالمادة (10) من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والمادة (14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والمبادئ الأساسية للأمم المتحدة بشأن استقلال السلطة القضائية لعام 1985، التي تلزم الدول بصون استقلال القضاء ومنع أي تدخل سياسي في شؤونه. ودعا المكتب الأممالمتحدة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان والمنظمات الدولية المعنية باستقلال القضاء إلى اتخاذ موقف واضح من هذه الانتهاكات، مؤكداً أن استقلال القضاء أساس حماية الحقوق والحريات، وأن المساس به يمثل تهديداً مباشراً للسلم الاجتماعي ووحدة مؤسسات الدولة. وأكد المكتب أن احترام القضاء لا يتحقق بالشعارات، بل بالالتزام بالدستور والقانون، وصون مبدأ الفصل بين السلطات، مشيراً إلى أن "القضاء الذي يُدار بمعايير الولاء يفقد شرعيته وهيبته، أما العدالة الحقيقية فتبنى بالكفاءة والاستقلال والحياد".