انتصرت الانتخابات المصرية بصورة مفرحة حقاً تدعو إلى الفخر والتفاؤل، فالحملة الانتخابية كانت محترمة وبعيدة عن التجريح والاقتراع جرى بسلاسة ولا أفضل منها، فلا بلطجة ولا تزوير ولا صدامات ولا قتلى، كما أن الفرز جرى كذلك، لقد اختفى التزوير وليفز من يفز، فالفائز هو الشعب ولا توجد أي مفاجأة حتى أحمد شفيق (أحد رموز النظام) وحصوله على 23 % من الاصوات ليس مفاجأة، فهذه قوة النظام الذي مازال في الحكم وبقايا الحزب الوطني والحيتان المستفيدون والمتخوفون على مصالحهم وقدرتهم المالية على استقطاب شريحة لا تملك القدرة على التمييز موجودة في كل المجتمعات والديمقراطية لا تقصي أحداً وشفيق يمثل كل هذه المصالح التي تغلغلت خلال عقود من الزمن، بينما حصلت الثورة على ما يقارب 80 % موزعة بين مرسي وأبو الفتوح وحمدين صباحي وسبعة آخرين، وأكثر من 80 % كثيرة جداً و23 % قليلة لنظام حكم لعقود وأكل الأخضر واليابس، وإذا بقيت الإعادة بين مرشح الحرية والعدالة محمد مرسي وأحمد شفيق المحسوب على الفلول - كما أشارت النتائج الأولية - فإن الثورة تتعرض لاختبار حضاري كبير يتعلق بالوعي والقيم كما يتعرض الشعب المصري للامتحان نفسه، لأن هزيمة أحمد شفيق مسألة مبدأ وستكون استكمالاً للثورة، كما صرح بذلك الكثير من الثوريين الذين لم يصوتوا لمرسي في الجولة الاولى، فالرجل الذي منع من البقاء في رئاسة الوزراء من الشعب بقوة الدماء والتضحية لا يمكن أن يترك للعودة من الصندوق وهو لن يعود أساساً لأن ماحصل عليه هو أقصى ما يمكن جمعه بالنفوذ والمال ودعم خارجي خائف من الربيع العربي ويتمنى لو يغيب، والشعب المصري الذي صوت للثورة بنسبة عالية موزعة بين مرشحين ينتمون للثورة لاشك أنه سيصب في خانة مرشحي الحرية والعدالة الذين لا ينقصهم التنظيم بقدر احتياجهم للتطوير الدائم للخطاب الجامع والتواصل مع الجميع كواحدة من شرائح المجتمع وقواه الثورية، وهذا أمر طبيعي وما بدأ فعلاً يتبلور في الشارع الثوري حتى أولئك الشباب الذين قاطعوا الانتخابات بدأوا يعدون العدة لإسقاط أحمد شفيق واعتقد أن هذا يصب في مصلحة الثورة، لأن المرشح سيكون مرشح الثورة ولن يدعي أحد تفرده، وهذه ضرورة ملحة لترسيخ مبادئ الثورة بنفسية مشتركة وعمل مشترك لإتمام أهداف الثورة وتصحيح مسار منحرف منذ قرون وبناء دولة المواطنة المتساوية بمقاس مصر وأهلها جميعاً، بعيداً عن المقاسات الضيقة التي يجب أن تعمل كأدوات وطنية لخدمة الوطن الكبير. من يظن أن الثورة انتهت فهو واهم ومن يظن أن النظام القديم سينتهي بمجرد السقوط فهو واهم أيضاً ولا تنسوا أن هؤلاء قد جرفو كل الثروة إلى جيوبهم وتصفيتهم تحتاج إلى استمرار عمل ثوري مشترك في حالة بناء الدولة بنفس القدر الذي احتاجته الثورة أول يوم في الميدان. هل أقول أن الشعب المصري وثورته اليوم بحاجة إلى (لقاء مشترك) ؟.. طبعاً لا أريد أن أقترح أن يستفيدوا من تجربة اللقاء المشترك اليمني حتى لا نصاب بالعين كما أنني لست بحاجة إلى ذكر دوافع ما نراه من استماتة عندنا لفركشة (اللقاء المشترك) كتجربة حافظة للمنجزات الوطنية. لقد أنجزت القوى الثورية المصرية منجزاً عظيماً إلى هذه المرحلة والمستقبل واعد ولا خوف على الثورة إلا من أبنائها ولا تأتي الهزيمة إلا من غياب الوحدة والرؤية الوطنية الواسعة الأفق. [email protected] عن الجمهورية