هناك سؤال هام ..لماذا الحوار؟ الحوار قيمة حضارية راقية ، والحوار الجاد لا ينتج في مساره الازمات ، ولا يعنفن البلاد ، ولا يحاول البعض ان يكيف مسلكية المستقبل بحسب مزاجه الايدلوجي الغريب.
عندما نقول حوار نحتاج الى أن تكون أسبابه واضحه ، وآلياته سليمة ، وله استراتيجية تحمل في مضمونها الهم الجامع لا نوايا التفكيك والاستنزاف والتحوير والتحريف والانحراف. الحوار وسيلة لحل الازمات ، وليس لتأجيجها ومنحها طابعا مشروعا ينتج مزيدا من الازمات ، فقد اطرد في مضمار العمل السياسي مسعى جعل الحوار أداة لكسب مشروعية التفكيك والفوضى ،وانتاج الحرب ، والاتجاه صوب قوى اقليمية تدفع الامول لتنفيذ اجندات أساسية تفكيك اليمن ليصبح جزء منه مهما في عملية تفكيك بقية دول المنطقة ومنها السعودية مثلا... الاستراتيجية الايرانية في اليمن وضعت عينيها على ثلاث مناطق هامة في اليمن شمال الشمال "صعدة " بكثافته المذهبية الموالية لها ، وتنشيط ذاكرته القديمة بهدف الايحاء له بكونه مركزا هاما للزيدية ، وعليه أن يستعيد دوره عبر دعمها ، فكانت الطائفية ورقتها للتلاعب بهذه المنطقة واغراقها في حروب عبثية استنزفت الارواح والاموال ..!! ويبدو أن مزج المتناقضات في الحوار هي لعبة متقنة ذات أبعاد استراتيجية ستعمل على تنميتها بشكل كبير ، لأن المتناقضات في الجذور الفكرية والمنطلقات الاساسية غير ممكن التوفيق بينهما ، ومع ذلك تظل مسألة الحوار مسألة هامة لما توفر من قدرة على اختبار صلابة الاستراتيجيات ومتانة القوى المختلفة ، فحوار العقول أكثر تأثيرا من حوار البنادق..!! اهمية الحوار تأتي من كونه يمثل وسيلة لحل الازمات ومواجهة المشاكل ، وإنتاج حلول لها ، لكن في بلادنا المسألة مختلفة ، إذ أن الحوار يتحول إلى مرجعية لإنتاج الازمات .نحن لسنا مع هذا المزج لن الحوار عملية مطلوبة لتجاوز الازمات وليس انتاجها وبذرها بشكل بطيء . بالتأكيد سيغذي الحوار مسألة الصراع على الواقع ، وقد ينقله الى حيز أكثر حدية ، لأن المتحاورون سيبثون إشارات الاختلافات على الطاولة الى من يمثلونهم على طاولة الواقع الوطني لتكون مسألة الشد والجذب قوية ، الاعتماد على الواقع هو الاهم ، لأن الحوار معني بالواقع ، وهو بمثابة رؤى تنظيرية لما ينبغي ان يكون عليه هذا الواقع ، فالحوار يبحث عن تنازلات سياسية في الاسس لدى كل فصائل الحوار ، والمستهدف في الاسس هي القوة التي تنفرد بكونها الوحيدة التي تعتبر أسسها مرجعية تحكم مسارها وتحدد حركتها وعلاقاتها ، إذ أن الفصائل الداخلة في الحوار الان جلها متفق ومتداخل ومنشبك مع بعضه بعلاقات مختلفة ولديها اتفاق في مجمل أسسها الفكرية ومنطلقاتها الايدلوجية متحدة في كثير من جوانبها وإن بدت أنها متباينة. فالوطنية لا تستطيع أن تقود المتحاورون الى "تعالوا إلى كلمة سواء" لأن مفهوم الوطنية متعدد التعريف من وجهات نظر ايدلوجيا المتحاورون ، ولأنها لا تمثل حقيقة " كلمة سواء" لأن الوطن الذي هو جذر الوطنية مستهدف بالصياغة من قبل القوى المختلفة كل ُ يريد الوطن ان يكون بحسب فلسفته..!! ثمة قوة وطنية تنطلق من ضمير الشعب ومن عمق تكوينه العقائدي هي الرابحة في النهاية لأنها متناسقة في حركتها مع ضمير الشعب وفطرته ومجمل احلامه الناهضة،ميزتها الاساسية صيانة كرامة وحقوق الشعب .التي تنبثق من عقديته التوحيدية.