تثبت مجريات الحياة أن المشاريع ذات الطابع العنفي تحمل في طياتها الكثير من الضعف والوهن، وتعاني من أزمة حادة في سلامة النهج والفكرة، وتكون على ارتياب دائم مع المجتمع، وفي توجس من الحياة السياسية والدولة والنظم والقوانين. إذ أنه نتيجة عدم وثوق حاملي هذه المشاريع بسلامة أهدافهم ومسار منهاجهم يسعون إلى فرضه بقوة السلاح وأساليب عصابات المافيا؛ حيث العنف سلاح العاجز، والفاقد للثقة من ذاته وفكرته، وهو إلى ذاك دلالة على الضعف وهشاشة المشروع، بينما اللاعنف والمنزَع السلمي فضيلة وقوة ورشد.
وهذا السياق يقودنا إلى ما كتبه أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور محمد الظاهري على جدار صفحته بالفيسبوك، الذي تساءل الأسبوع الفائت قائلاً: لقد اقترن اسم الحركة الحوثية بما عُرف ب(حروب صعدة الست) فهل تنجح الحركة نفسها في (معركتها السلمية الأولى)؛ بحيثُ تمارس حضوراً فكرياً وسياسياً في الساحة اليمنية بمنأى عن (الحضور المُبندَّق)؟
الثابت من خلال استقراء الوقائع والأحداث أن الحوثيين لم ينجحوا في ميدان النضال السلمي وساحة العمل السياسي، واستعاضوا عن ذلك بالحضور المسلح والإغارة على المناطق الآمنة بالسلاح لفرض الهيمنة بالقوة والعنف، والحضور على هذه الشاكلة من العنف يثير التساؤل عن ماهية المشروع السياسي والوطني الذي يحمله هؤلاء، وعن طبيعة الفارق بينهم وبين تنظيم القاعدة الذي يختلف معه في الأهداف ويتفقان في الوسيلة والأداة العنفية.
وإذا ما اقتربنا أكثر من حقيقة هذا المشروع، وما يمكن أن يحويه من هموم مجتمعية وغايات وطنية وأهداف سياسية، فإنه من خلال قراءة الخطاب والأداء اليومي والعام، سنلحظ غياب تطلعات المجتمع اليمني في الهم الحوثي، وانحسار الشأن السياسي والوطني في مضامينه، إذ أن خطابه الإعلامي ينحصر في الشحن المتعصب والسعي لإذكاء دورات الصراع التاريخي، وترديد اسطوانة يومية من الصراخ في صعدة وبعض الأماكن ضد أمريكا وإسرائيل، في محاولة لاستغلال مشاعر عداء العامة ضد هاتين الجهتين، مع أن السفير الأمريكي في صنعاء أكد أكثر من مرة وقال بصريح العبارة بأن "الحوثيين لا يمثلون تهديداً ولا خطراً علينا وإنما يتخذون من شعار الموت لأمريكا مأرباً للوصول إلى غايات أخرى، وأن الولاياتالمتحدة لم تقم بإدراج جماعة الحوثي ضمن قائمة المنظمات الإرهابية لأن أمريكا لم تلحظ أن الحوثيين قد وصلوا إلى المرحلة التي توجب اعتبارهم منظمةً إرهابية، مؤكداً أن الأمريكان يحكمون على الأفعال وليس على الأقوال". * الخصومة مع المعرفة
ولعل تسليط الضوء على موقف أي مشروع من قضية التعليم يحدد وبصورة دقيقة حقيقة مضامين وأهداف ذلك المشروع، ويجعلنا نقف عن كثب على وطنيته وسلميته ومدنيته، ومدى اقترابه أو ابتعاده من الهم المجتمعي العام وقضاياه الأساسية كالتنمية والبناء والتعليم والحرية والتعددية السياسية والتداول السلمي للسلطة.
فطبقاً لإحصائية لنقابات التعليم فإن عدد التربويين الذين طالتهم الاعتداءات الآثمة لمليشيات الحوثي بلغ 60 معلماً، وقد تنوعت تلك الاعتداءات بين: القتل بدم بارد وبلا أسباب، والتعذيب الوحشي، والخطف من المنازل والمدارس والمساجد، والإخفاء القسري لفترات زمنية تصاب خلالها العائلات بقلق دائم وهي لا تعرف مصير معتقلها أحيٌّ أم بات في عداد الموتى، والتهديد المتواصل بالتصفية الجسدية، والتهجير إلى داخل وخارج صعدة، وترويع الأطفال والنساء في الليل والنهار.
وقد كان آخر تلك الجرائم ما تعرض المعلم عابد عبد الله مشعل مع أربعة من شباب الثورة السلمية من تعذيب وحشي على أيدي جماعة الحوثي في صعدة, حيث نفذ مسلحو الحوثي في رمضان الفائت حملة مداهمات واعتداءات واسعة ومحاصرة منازل العشرات من المواطنين بعزلة «بني بحر» التي ينتمي إليها المعلم عابد، ومنعت المصلين من إقامة صلاة التراويح وهدّدوهم إن عادوا.
هذه الجريمة رصدتها المنظمات الحقوقية، وقالت إن ملامح تعذيب وحشي ظهرت على أربعة من أبناء صعدة بينهم المعلم عابد مشعل استطاعوا الوصول إلى صنعاء، داعية إلى تشكيل لجنة تقصي الحقائق من الحكومة ومنظمات المجتمع المدني لزيارة سجون الحوثي والإفراج عن المعتقلين, والوقوف على تلك الانتهاكات.
ولم يتوقف مسلسل الاعتداء على التربويين عند حد، ففي هذا الأسبوع قامت مليشيات الحوثي بطرد المعلمين المنتمين إلى محافظتي تعز وإب من مدارس مديريات ساقين بمحافظة صعدة لدوافع مذهبية، وفي عمران قتل عناصر الحوثي أربعة معلمين، واعتدت على عدد من المدارس بدون مبررات تذكر.
وفيما يلي كشفاً بأسماء بعض معلمي محافظة صعدة الذين تعرضوا للقتل والخطف والسجن والتعذيب على أيدي مليشيات الحوثي:
الإسم المديرية نوع الإنتهاك فهد حسن عطيف ساقين ضرب + اعتداء + سجن صبحان العفاد ساقين اختطاف + سجن يحيى عبده إبراهيم مجز اختطاف وترويع للأطفال + سجن وهيب ظافر منصور مجز اختطاف من مسكن المدرسة + سجن +ضرب عبد الله هادي الرومي سحار اختطاف من أمام بيته + سجن محمد عبد الله سالم عزيز صعدة اختطاف من المسجد + سجن + تهديد بالتهجير محمد أحمد متعب صعدة اختطاف من المسجد + سجن وتهديده بالتهجير محمد حسين منصور الفقيه صعدة ترويع أطفاله + تفتيش بيته عبد الله صالح أحمد عطية رازح إجباره على مغادرة بيته ومديريته وتهجيره إلى مكان آخر يحيى جابر زيد صعدة ترويع أطفاله + تفتيش بيته هادي علي هادي رازح اختطاف وترويع أطفاله وسجنه وتعذيبه في السجن بقسوة شاعب قشوي الكلي حيدان سجن وتهدد جابر عوض عايض رازح اعتداء خالد حسن عبد الله رازح اعتداء محمد علي شارد رازح اعتداء حسن محمد منصور رازح اعتداء صالح أحمد حيان رازح اعتداء أحمد قاسم أحمد سلمان رازح تهديد +سجن على حسين رابعة رازح قُتل على أيدي الحوثيين محسن نشوان رازح اعتداء فواز جابر عوض رازح اعتداء جميل صبحان غانم رازح اعتداء سمير علم قمان رازح إجباره على الخروج من منزله دون رجعة فيصل صبحان غانم رازح اعتداء عبده صالح دودي رازح اعتداء صالح يحيى صالح رازح اعتداء خالد صالح بادي رازح سجن يحيى جابر جبران رازح اعتداء عادل جبران جابر رازح اعتداء فهد ضيف الله صالح مرعي حيدان اعتقال في عام 2011م+ تهديد ووعيد في 2012 ثم اعتقال حميد أحمد حبيش سحار اعتقاله واقتياده من داخل منزله عبد الرحمن هادي ظافر باقم اعتقال عشية الانتخابات الرئاسية وحرمانه من التصويت سليمان يحيى عطيف مجز اعتقال وسجن محمد جهادي ضيف الله المعنق رازح تهديد ومنع من العودة إلى منزله محمد علي صعدة قُتل على يد الحوثيين علي عبد الله المعاذي باقم قتل داخل بيته وأمام أطفاله على يد الحوثيين علي حسن عطيف ساقين سجن يحيى حيان صالح قرمان جيدان سجن عيضة محمد علي حواس غمر سجن عبد الله عيضة الغمري غمر سجن شهر كامل أحمد علي يحيى جابر غمر سجن محمد علي جبران خيران غمر سجن ضيف الله سالم شارح غمر استدعاء وتحقيق سليمان دمنان صلحان غمر سجن غايب محمد أحمد حواس غمر سجن عابد عبد الله مشعل تعذيب وسجن واعتداء على منزله
- أرغمت مليشات الحوثي المعلم سمير قمان على الخروج من منزله دون رجعة!!