أمَّا وأنه أمر دُبّر بليل فهو أمر دبر بليل حقاً ، ذلك ما يمكن أن يفسر به ما يجري على أرض الحالمة تعز والحملة المصاحبة في الإعلام؛ لكنه بالتأكيد لن يتأتى من حملة مشاعل التغيير من الأحزاب السياسية الصادقة . فجأة توصف المحافظة (تعز) بالمنهارة أمنياً وخدمياً، وعلى حين غرة يُنعت المحافظ بالفشل والعجز!! وبعملية منهجية يجري هدم بنية الآمال وتشويه صورة المثال التي تولّدت بعد تغيير القيادة السابقة وقرار تعيين المحافظ الجديد الذي لقي ترحاباً واسعاً. ومع أن على المحافظ أن يتقدم خطوات نحو تحقيق أهداف الثورة بعزم وإصرار وحسم نهائي وهو ما هو إليه صائر.. إلاّ أننا إذا نظرنا إلى التوقيت الذي انطلقت فيه الهجمة هذه، فسنجد أنها جاءت بعد نجاحات تحققت وأعلن عنها المحافظ في مؤتمره الصحفي مؤخراً، بعد أن أحسّ الكافة انتقال المحافظة إلى مرحلة بدايات حصاد ثمار ما يزيد عن ستة أشهر فقط بما حفتها من عراقيل وممانعات. هنا أحسّ بالخطر الممانعون للتغيير وتطبيع الحياة والانطلاق إلى التنمية والوصول بتعز لتكون مثالاً كما وعد المحافظ ، وليس مثال دبي كما روجت الحملة وبشرطين اثنين: تعاون كل قوى وأبناء تعز، وتوافر الأمن باعتباره قضية وطنية من المركز إلى المحافظات والعكس، فخيوطها في يد الأطراف السياسية والعسكرية بل والدولية كراعية للمبادرة. المحافظ شوقي حدّد منذ البداية أولوياته باثنتين: الأمن والتنمية، وكانت الخطة الأمنية قد نجحت وأحس الناس بالفارق، وبدأت الحركة تدب في الشوارع والأسواق والحدائق، وزالت الاستحداثات والباعة في الأرصفة، فاتسعت الطرقات ، وهي المشكلة التي استوطنت أكثر من عام ونصف، فانسابت الأنشطة وانداحت المركبات، وأمن المواطنون. حتى مشكلة النظافة سارت كما خطط لها بتسوية مستحقات عُمّالها وعادت المدينة نظيفة بعد أن كادت الأوساخ والنفايات أن تعم تعز بكارثة ، وبدأ تأهيل الشوارع، المدارس في المحافظة بما يقارب الثمانين أعيد ترميمها وتجهيزها وتأثيثها لتستقبل طلابها في السنة الدراسية الجديدة في أول عملية إصلاحية منذ عقود ، وأعيد التباحث في مشروع تحلية المياه بعد توقفه وهي أكبر مشكلة تهدد تعز بالموت عطشاً .. والتنفيذ بدأ بالتحرك فعلياً، بالإضافة إلى مشروع (شارك) العملي التنموي، ومشاريع لتوفير فرص عمل للشباب.. وإعادة تأهيل مستشفيات المحافظة ، ومشروع المدينة الطبية العملاقة، وإعادة تأهيل وتطوير مطار تعز ليصبح مطاراً دولياً ، والمدينة السكنية .. وقبل ذلك وفي أيام وليالي رمضان، نجح المحافظ في لقاء كافة فئات وقطاعات محافظة تعز ليخلص إلى اتفاق وتوافق عبر وثيقة ملزمة يتحمل فيها الجميع مسئولية المحافظة، وسيعلن عن مجلس حكماء يمثل القيادة المجتمعية والشعبية الرديفة .. صفوة القول أن الأمر يُراد لتعز .. يراد لها ألاّ تنصلح أحوالها ، أن تدفع ثمن كل الصراعات، أن تختبر القوى في ساحتها . لماذا لا تُفسح لها الفرصة .. الأمور ليست بالسوء الذي يصور ويضخم ، فهناك مسائل تتطلب التعاطي معها وطنياً على مستوى القيادة المركزية والمراكز المحلية، وهي انعكاس لمسار التسوية السياسية عامة. البعض كان يتطلع أن يقود تعز محافظ ثوري يقود حملة التغيير ويتولى إزاحة الفساد بالسرعة وبالصورة التي كان يحلم بها شباب تعز وثوارها، لأن أي عملية تنمية وتطوير لن تتم إلا بإزاحة الفاسدين الذين يقفون حجر عثرة أمام أي إصلاح أو تنمية لتعز، لأنها تتعارض مع مصالحهم وأوضاعهم السابقة التي كانت دافعاً لثورة التغيير، ولأن تكون تعز هي مهد الثورة ومخزنها.. إلا أن المحافظ شوقي هائل يستطيع أن يكسب هؤلاء بقرارات تغييرية حقيقية تصب في مصلحة تعز وستكون المنجز الأهم والأبرز في قائمة إنجازاته. شوقي أحمد هائل يمكن أن يترك منصبه في أي لحظة ليحل غيره محله ، ولكن هل ستنتهي المشكلة ، هل سيكون في مقدور المحافظ الجديد فعل ما لم يستطع المحافظ القائم فعله؟، ربما يكون شوقي هائل تواقاً الآن أن يغادر منصبه اليوم قبل الغد، ولكننا لا نريده أن يفعلها تحقيقاً وانهزاماً واستسلاماً، بل أن يستمر منتصراً على التحديات ، فكل من يحب تعز يريدونه أن يبقى ليحقق الإنجازات التي وعد بها. * الجمهورية