عام بالتمام والكمال مر وكأنه أعوام كثيرة من حيث الآمال والتطلعات التي علقناها عليه والإنجازات التي تحققت فيه وعلى الأقل أرى أن أهمها لمصلحة اليمن وشعبها هو إنجاز هيكلة الجيش والداخلية والشرطة, لكن إنجازاً واحداً كنت انتظره وهو أن نخلص من "شلك" الرئيس السابق ويبدو أنه سيتحقق فيما سيأتي من أيام. أقصد بذلك عام تولى الرئيس عبدربه منصور هادي قيادة البلاد منذ تداعى قرابة 7 ملايين إلى مراكز الانتخابات لتأكيد رغبتهم بالتغيير ووضع ثقتهم فيه, فكان قوياً وحكيماً في خطواته رغم ما يعترضه من صعوبات وعراقيل يدركها جيداً, حاول تجاوز كثير منها للسير بالبلاد نحو مرحلة جديدة سيرسم معالمها بوضوح مؤتمر الحوار الوطني الذي سيُدشن في 18 مارس القادم. ومن الجيد أن يسبق الذكرى الأولى لانتخاب هادي رئيساً للجمهورية, صدور بيان مجلس الأمن الدولي الذي عبر فيه عن قلقه من محاولات البعض عرقلة الفترة الانتقالية الثانية وإفشال مؤتمر الحوار الوطني ووضع اليمن في حالة من الفوضى والتشتيت, وحدد اسمين كلاهما كان التاريخ قد دونهما في صفحاته كمحققين للوحدة اليمنية ويصران على طمسهما. وبحكم عملي الصحفي وجدت نفسي مجبراً على تتبع ردود الفعل التي أعقبت صدور البيان الأممي, وبدا ردهما عليه يبعث على الضحك والسخرية بهما كشخصين يعانيان مرضاً نفسياً وغروراً وعناداً, ولم يعد الطبيب النفساني الشهير عبدالمجيد الخليدي – شفاه الله – موجوداً ليحلل شخصيتهما معاً في ظل الظروف الراهنة بدلاً عما كان من تشخيص لواحد منهما أثناء حرب 1994م. بدايةً تصدر المشهد السكرتير الصحفي السابق للبيض واللاحق لصالح ،فأدلى بتصريحات –كعادته- ينطح ويشطح ويتحدى مجلس الأمن والمجتمع الدولي ،مستنداً إلى ماأعتبره عدم معرفتهم بالخصوصية المجتمعية اليمنية التي ستمنعهم من تنفيذ التدابير والعقوبات التي هددوا بها. ثم يأتي بيان للمؤتمر الشعبي العام (الحزب المخطوف من العائلة حتى اللحظة) ويرحب ويجدد تأكيد الحزب وزعيمه المتهم بالعرقلة في بيان مجلس الأمن استمراره بتنفيذ المبادرة الخليجية وآلياتها التنفيذية وقراري مجلس الأمن, ملفتاً الانتباه كما يعتقد أن المشكلة هي في أصحاب المشاريع الصغيرة, استغباء أو عدم إدراك مقصود التسمية المنطبقة على الزعيم وحلفائه في الشمال والجنوب والاقليم..حتى هنا يكفي, غير أن ناطق (المخرج الشعبي العائلي) أصر على تأكيد أن (الزعيم) هو من دعا للمبادرة الخليجية وأيدها و(تكرم وتفضل) وتنازل عن منصبه (لأجل خاطر عيون شعبه) ولم تجبره الدماء التي سفكت والأرواح التي أزهقت وتضحيات وصيحات اليمنيين بأن "الشعب يريد إسقاط النظام". نوافق أنه (وبحمد الله وتوفيقه) تفضل وتكرم وتنازل عن السلطة وفاء لشعب تحمله وصبر عليه 33 عاماً, فلماذا يصر على أن يظل ك(شلك) صعب الخلاص منه؟, ليمنحنا الفرصة قليلاً, لنتذكره ونسبح بفضله وكرمه (الزائد عن اللزوم) معنا ويتركنا في حالنا ويذهب بعيداً عن تنغيص حياتنا ويتوارى عن أنظارنا مستخدماً ما جمعه بعرق جبينه من مال وفيرررررررر؟. الغرور والكبر والعناد يرافق الزعيم حتى اللحظات الأخيرة ويبدو ذلك واضحاً مما ينشر أو يتم تسريبه من أخبار عن مئات المحتشدين بجوار بيته رفضاً لمغادرته البلاد وعشرات الزائرين لمقيله للتوديع, مع تناسي أن هناك ملايين اليمنيين الذين "يذرون الرماد" خلف موكب مغادرته وآخرين يطالبون بمحاكمته وشركائه عما اقترفوه من أفعال أفقدتهم أحب وأقرب الناس إليهم, وأنبلهم وأطهرهم. وبالمقابل كان بيان الزعيم الآخر, فيه مما يبعث على الضحك والبكاء والنحيب والقهقهة في آن واحد, فهو عاجز عن (بلع) غلطة مجلس الأمن الدولي باحتقار شعب الجنوب وإطلاق وصف نائب الرئيس السابق عليه وتجاهل أنه الرئيس السابق والحالي للجنوب ثم هو ليس طرفاً في المبادرة الخليجية والتسوية السياسية ولا يعترف بها أساساً. الزعيم إياه لا يعترف بدولة اسمها الجمهورية اليمنية رغم أنه وقع على قيامها وإعلانها وسعى لدى مجلس الأمن الدولي ذاته لاعتمادها دولة جديدة بدلاً عن الدولتين السابقتين. فيما بيان المجلس كان يتحدث عن دولة قائمة بهذا الاسم ويجب تصحيح أوضاعها وإعادتها إلى المسار الصحيح وبناء دولة فيها تسودها العدالة والمواطنة المتساوية والشراكة بين أبنائها وقبل ذلك تقوم على أسس الديمقراطية وحقوق الإنسان ومبادىء الحكم الرشيد كما أكد البيان. ليس من اليوم ولا من أمس, بل منذ سنوات عديدة أؤكد على حق الإخوة في جنوب الوطن في تقرير مصيرهم وهو حق إنساني أصيل لكل إنسان من مواطني الجمهورية اليمنية. لكن لا الزعيم العائش خارج إطار العصر والواقع, يمثل الجنوب وأبناء الجنوب, ولا بالعنف والتطرف والمنطق الأعوج والارتماء في أحضان من يريدون لليمن شراً سيتحقق ما يريده الجنوبيون, بل بالحوار البناء والموضوعي والمتكافىء.